طوال الفترة الماضية، ساد المؤسّسة الأمنيّة اللبنانيّة ومن ورائها شريحة واسعة من القوى السياسيّة، مفهوم "الإنكار" تجاه الاعتراف بوجود "القاعدة" في لبنان. ولكن أصحاب هذا المفهوم يكتشفون اليوم وبعد تتالي اكتشافات الخلايا الجهاديّة السلفيّة النائمة في لبنان، أنهم جانبوا الحقيقة. وكان هؤلاء قد بنوا نظريّتهم على اعتبار أن خصوصيّة لبنان الجغرافيّة والديموغرافيّة لا تناسب أجندة العمل المتّبعة من قبل القاعدة. فالأخيرة تحتاج إلى مساحات جغرافيّة واسعة كما هي حال العراق وأفغانستان وسوريا، حتى يتمكّن ناشطوها من الاختباء بها قبل تنفيذ ضرباتهم وبعدها. كذلك تحتاج القاعدة إلى بيئات اجتماعيّة من لون ديني واحد لتشكّل حاضن شعبي لخلاياها النائمة، في حين أن مناطق لبنان بمعظمها يقطنها خليط ديني ومذهبي.
لقد قاد تبنّي المستوى الأمني في لبنان للمعطيات الآنفة، إلى إطلاق استنتاجه الحاسم آنذاك وهو أن أقصى ما تفعله القاعدة في لبنان هو استخدامه ساحة نصرة (إنشاء ملاذات يستقرّ بها ناشطوها بشكل مؤقّت في خلال تنقلاتهم من بلد إلى آخر) وليس ساحة جهاد.