تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

تكلفة الأزمة السوريّة على الاقتصاد اللبناني

People walk past empty restaurants in downtown Beirut November 20, 2012. In addition to tumbling exports, Lebanon's tourist industry has declined by as much as 15 percent. Most Gulf countries warned their citizens this year not to visit Lebanon after clashes erupted between supporters and opponents of the Syrian uprising. Lebanon has also lost most of the 600,000 Arab tourists who usually drive into Lebanon through Syria each year. To match Reuters Summit MIDEAST-SUMMIT/LEBANON-SYRIA  REUTERS/Mohamed Azakir
اقرأ في 

يعاني الاقتصاد اللبناني وللسنة الثانية على التوالي تراجعاً في نسبة نموّه الذي لم يتجاوز في العامَين المنصرمَين عتبة 1.5%، ويشكّل هذا الأمر تحدياً بالغ الأهميّة والخطورة إذا لم يتمّ تداركه عبر إجراءات حاسمة وسياسات سليمة. فهو قد يطيح بمقومّات البلد الاقتصادية ويفتّت نسيجه الاجتماعي. ولعلّ السبب الأول لهذا الركود المستجدّ هو ما نشأ عن الثورة السوريّة من أحداث وصراعات امتدّت إلى الداخل اللبناني، ففاقمت شلّل مؤسّساته وعمّقت الفراق في ما بين أبنائه وانتهت إلى إضرام النيران في أحياء مدنه. ما من أحد يجهل أن الحجر الأساس في أي بنيان اقتصادي لا سيّما في الدول المعرّضة لمخاطر أمنيّة، هو عامل الثقة. وهذا الأخير مرتبط بشكل مباشر ليس فقط بالأحداث الآنيّة وتداعياتها على كافة الصعد، إنما أيضاً بتوقّعات المستقبل. ولعلّ أشدّ ما يعيق انتظام الدورة الاقتصاديّة هو غياب أي أفق لحلّ سياسي أو تسوية ما، أكان في الداخل السوري أو في ما بين الفرقاء المتصارعين على الساحة اللبنانيّة.

إن تداعيات الأزمة السوريّة طالت كافة دول الجوار في المشرق العربي. ولم تسلم منها حتى دول مثل تركيا أو العراق. وإن كان للأولى ما يكفي من مقدّرات صناعيّة وضعتها في مصاف أهم القوى الاقتصاديّة عالمياً، وللثانية القدر الوافر من الثروة النفطيّة، الأمران اللذان مكّناهما من امتصاص ارتدادات الأزمة السوريّة عل اقتصاديهما، إلا أن الوضع يختلف بالنسبة إلى الاقتصاد اللبناني "الشديد الإرتباط" بالاقتصاد السوري بحسب ما تؤكّد مؤسّسة "ستاندارد أند بورز"  المصرفيّة. فتعطّلت بفعل الأحداث الأخيرة حركة التنقّل عبر البوابة السوريّة التي كانت تشكّل المعبر الأساسي للمنتوجات اللبنانيّة  وبشكل أهمّ للبضائع والسلع القادمة عبر مرفأ بيروت باتجاه أسواق دول الخليج العربي. كذلك، كان قسم لا يستهان به من السيّاح القادمين من هذه الدول يعبر تلك البوّابة متوجّهاً إلى الربوع اللبنانيّة. ويصحّ القول أن بعض هذه الحركة التجاريّة انتعش بفعل الحرب الدائرة في سوريا، لا سيّما في ما يتعلّق بالصادرات النفطيّة من لبنان إلى سوريا، ويعود ذلك إلى تنامي حاجات الدولة السوريّة في خضمّ جهدها العسكري في مواجهة الثورة السوريّة. وخير دليل تحوّل ذلك إلى مادة سجال سياسي بين المعارضة والأطرف الحكوميةّ اللبنانيّة المتحالفة مع نظام الأسد. وصحيح أيضاً أن سوق الاستهلاك الداخلي انتعش بفعل تدفّق اللاجئين السوريّين الذين تجاوز عددهم ربع سكان لبنان بحسب ما تشير معظم الصحف اللبنانيّة، بالإضافة إلى أن الطلب على استئجار العقارات السكنيّة قد ارتفع للأسباب نفسها. وعلى الرغم من هذه المكاسب الضئيلة، يبقى أن تكلفة الربيع العربي عموماً والأزمة السوريّة خصوصاً على الاقتصاد اللبناني باهظة وقد بلغت إلى يومنا هذا 6.03 مليار دولار أي ما يعادل 20.21% من الدخل القومي، وذلك وفق تقرير صدر حديثاً عن وحدة الدراسات الاقتصادية في مصرف "الاعتماد اللبناني" وهو أحد أكبر المصارف اللبنانيّة.

Access the Middle East news and analysis you can trust

Join our community of Middle East readers to experience all of Al-Monitor, including 24/7 news, analyses, memos, reports and newsletters.

Subscribe

Only $100 per year.