بعد المشي على الاقدام لمدة سبعة ايام للوصول الى الشريط الحدودي الفاصل بين العراق وتركيا، وصلت صباح يوم الثلاثاء 14 من شهر ايار – مايو الجاري، اولى طلائع عناصر "حزب العمال الكردستاني" المعادي لتركيا، والتي دخلت الى اقليم كردستان عندم منطقة هرور في محافظة دهوك، استجابة لنداء زعيم حزبهم عبدالله اوجلان الذي يقضي حكما بالسجن المؤبد في سجن اميرالي التركية، بعد اتفاق بين الحكومة التركية واجلان برعاية اقليم كردستان العراق اثار حفيظة الحكومة العراقية.
وتعتبر هذه المجموعة التي ضمت 9 رجال و6 نساء، اولى المجاميع المنسحبة من تركيا باتجاه الاراضي العراقية بعد ان دخلت الدعوة التي وجهها زعيمهم اوجلان لهم بانسحاب من الاراضي التركية باتجاه اقليم كردستان حيز التنفيذ. ولدى وصولهم جرت لهم مراسيم استقبال رسمية من قبل رفاقهم في الحزب المتواجدين مع قيادتهم باقليم كردستان.
وتاسس حزب العمال الكردستاني (PKK) في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1978. وتم تعيين عبد الله أوجلان رئيسا له عند تأسيسه وهو ذو توجه ماركسي لينيني ومن أهدافه الجوهرية إنشاء دولة كردستان الكبرى المستقلة ومنذ سنة 1984 بدأ الحزب نشاطه العسكري داخل كردستان، وتم اعتقال زعيم الحزب عبد الله أوجلان بنيروبي يوم 15 فبراير/شباط 1999 بعد 15 سنة من العمل العسكري المسلح، وحكم عليه بالإعدام في يونيو/حزيران من نفس السنة.
ومع وصول اولى مجاميع عناصر الحزب الى اقليم كردستان سارعت الحكومة العراقية الى مناقشة تطورات الاتفاق بين الحكومة التركية والمعارضة الكردية المتمثلة بحزب العمال الكردستاني PKK يوم الثلاثاء 14 من ايار الجاري ومع تاكيدها في وقوفها الى جانب الحلول السلمية لكل المشاكل التي تعاني منها دول المنطقة، اكدت على رفضها أن يكون ذلك على حساب العراق وسيادته الوطنية.
واعتبرت الحكومة العراقية انسحاب وتواجد مسلحي حزب العمال الكردستاني داخل الاراضي العراقية، انتهاكا صارخا لسيادة العراق واستقلاله ويلحق ضررا بالغا بعلاقات الجوار بين البلدين وبمصالهما المشتركة.
وبحسب بيان للحكومة العراقية فانها قررت : تكليف وزارة الخارجية بابلاغ الجانب التركي اعتراض العراق ورفضه المطلق لدخول اي شخص مسلح او غير مسلح للاراضي العراقية او اي ترتيبات تتعلق بالعراق دون الرجوع اليه ويتقدم العراق بشكوى الى مجلس الأمن الدولي لممارسة مهامه في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين واتخاذ القرار المناسب بمنع التجاوز على السيادة العراقية.
ومع عدم اعتراف حزب العمال الكردستاني بالحدود الموجودة بين العراق وتركيا وسوريا وايران التي تقسم المناطق التي يسكنها الاكراد على هذه الدول، اكدت قياداتها انها نسقت مع كل من الحكومتين العراقية في بغداد والكردية باقليم كردستان العراق قبل ان يدخل هذا الانسحاب باتجاه اقليم كردستان حيز التنفيذ في الثامن من شهر ايار الجاري.
ويقول احمد دنيز وهو مسؤول العلاقات الخارجية للجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني للمونيتر: يجب ان تتفهم الدول الاقليمية في المنطقة ان ايجاد حلول سلمية للقضية في المنطقة هو استقرار لها وليس خطرا على اية دولة.
ويستشهد دنيز بالتجربة الكردية في اقليم كردستان العراق ويقول : حاليا اقليم كردستان العراق لديه حكومته ويديرون انفسهم وهم لم ولن يشكلوا لحد الان اي خطر على اية دولة وانما لديهم علاقات اقتصادية وسياسية وتجارية مع جميع دول المنطقة.
كما يؤكد دنيز انهم بحثوا هذا الامر مع كل من الحكومتين العراقية والكردية ويقول : اجتمعنا سابقا مع كل من الحكومة العراقية وحكومة اقليم كردستان وابلغناهم باننا لسنا خطرا على احد ولانريد سوى حقوقنا.
وجاء تنفيذ عملية انسحاب قوات "حزب العمال الكردستاني" الى المناطق الحدودية بين اقليم كردستان وتركيا بعد الدعوة التي وجهها زعيم حزب العمال عبدالله اوجلان المسجون حاليا في سجن ايميرالي الى مسليح حزبه، في يوم نوروز 21 من شهر اذار المنصرم الذي يعتبر راس السنة الكردية الجديدة.
وفي اول رد فعلها لها على عملية الانسحاب لعناصر "حزب العمال الكردستاني" قالت وزارة البيشمركة في حكومة اقليم كردستان انها مع ايجاد حلول سلمية للقضية الكردية في تركيا، وهو موقف اعلن عنه اكثر من مرة المسؤولون والقيادات الكردية في اقليم كردستان.
كما اكدت وزارة البيشمركة في بيان لها نشر باللغة الكردية يوم الثلاثاء 14 من شهر ايار الجاري : تمركز مسلحي "حزب العمال الكردستاني" في الشريط الحدودي بين العراق وتركيا وايران لم يكن في يوم من الايام بموافقة هذه الدول وان هذه المناطق لم تكن ابدا تحت السيطرة الامنية لهذه الدول ومن ضمنها اقليم كردستان العراق.
ويبدو ان قيادة "حزب العمال الكردستاني" لاتريد التفريط بسهولة بمسلحيها فعلى رغم قرارهم الانسحاب من داخل العمق التركي باتجاه اقليم كردستان، الا انهم سوف يستمرون في تدريبهم سياسيا وعسكرية.
ويوجد لحزب العمال قيادتان في اقليم كردستان، القيادة السياسية تتمركز في جبل قنديل الذي يعتبر مثلث حدودي بين العراق وتركيا وايران والقيادة السياسية في منطقة تسمى الزاب تقع بشمال مدينة دهوك وهي متاخمة للحدودة العراقية التركية.
ويقول روهات وهو اسم حركي لاحد قيادي حزب العمال الكردستاني وكان ضمن القادة الذين استقبلوا وصول او مجموعة من عناصر حزبهم الى اقليم كردستان يوم الثلاثاء 14 من شهر ايار الجاري، قال للمونيتر : هؤلاء المسلحين وبعد اكمال انسحابهم سوف يستمرون في تلقي تدريباتهم العسكرية وسيكونون على اهبة الاستعداد لاي دور يسند اليهم.
ويبدو ايضا ان قيادة "حزب العمال الكردستاني" لحد الان لم تصل الى القناعة الكافية بالتعهدات التركية في منحهم حقوقهم ويطالبونها باداء حسن النية.
ويقول روهات : نحن نفذنا الكثير من اجل تعزيز عملية السلام وننظر الجانب التركي في احداث تغيرات على الدستور ومنح الاكراد حقوقهم.
يذكر ان "حزب العمال الكردستاني" يطالب بحقوق دستورية أوسع للأكراد في تركيا قبل وضع السلاح وهي الاعتراف باللغة الكردية وجعلها اللغة الثانية في البلاد ومنحهم حكما ذاتيا في المناطق التي يعيشون فيها، وهم الذين يمثلون حوالي 20 في المئة من التعداد العام لسكان تركيا المقدر بـ75 مليون نسمة.