تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

حقول الألغام" في ولاية مشعل الجديدة

Palestinian students hold the hand of Hamas chief Khaled Meshaal (2nd R) during his visit to the Islamic University in Gaza City December 9, 2012. Meshaal, in a defiant speech during his first ever visit to Gaza, told a mass rally on Saturday he would never recognise Israel and pledged to "free the land of Palestine inch by inch". REUTERS/Suhaib Salem (GAZA - Tags: POLITICS ANNIVERSARY CIVIL UNREST) - RTR3BDJP

مع تجديد انتخابه لدورة قيادية تستغرق 4 سنوات، يتم خالد مشعل 17 عاماً في قيادته لحركة حماس، التي ترأسها عملياً منذ عام 1996، وقد يكون الأكثر علماً ومعرفة بمدى التغيرات التي طرأت على حركته، حين قادها للمرة الأولى قبل أن يتم 40 عاماً من عمره، وكان حينها شاباً مغموراً لمعظم صناع القرار في المنطقة، وغالبية كوادر الحركة، فيما هو اليوم يجتاز 55 عاماً، ساعياً لأن يصل لمكانة الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة، ويتلقى اتصالات ويجري مقابلات مع صناع القرار المحلي والإقليمي والدولي.

كان لابد من هذه المقدمة البانورامية لإعطاء أجندة متوقعة لـ"أبو الوليد"، كما يحب أن ينادى، في ولايته القيادية الجديدة، وأمامه جملة من التحديات والصعوبات، الداخلية والخارجية.

• البيت الداخلي

يدرك مشعل أكثر من سواه أن تجديد انتخابه لولاية جديدة لم يقع برداً وسلاماً على جميع وقيادات حماس، لاسيما من يقفون في الصف الأول من القيادة، سواء من قبل منافسيه خلال الجولة الانتخابية الأخيرة، وتحديداً موسى أبو مرزوق 62 عاماً، المرشح من الخارج، الذي بقي يتطلع طوال السنوات الـ16 ماضية لاستعادة ما يرى أنه "موقعه الحقيقي"، قائداً وزعيماً للحركة، بعد أن وصل مشعل إلى مكانه عقب اعتقاله في الولايات المتحدة عام 1996.

كما أن إسماعيل هنية 50 عاماً، منافسه من الداخل، كان إلى فترة قريبة يرى نفسه الأكثر جدارة للوصول إلى ذلك الموقع إذا ما قرر مشعل فعلاً التنحي نهائياً عن قيادة الحركة، في ضوء ترؤسه للحكومة في غزة، وقدرته على استقطاب قطاعات واسعة من كوادر وقيادات حماس في الداخل والخارج، نظراً لما يتمتع به من سعة صدر ودماثة خلق وبشاشة يحسده عليها الكثيرون.

بجانب الاثنين، وقد حصلا على موقع نائبي مشعل في الدورة التنظيمية الجديدة، لا نستطيع المرور سريعاً على قيادي بوزن د. محمود الزهار الذي يعتبر الخصم الأكثر حدة للقائد الجديد، فهو وإن كان خرج من التشكيلة القيادية كما ترجح التقديرات، لكنه نادى بعدم التجديد لمشعل، سواء لاعتبارات دستورية قانونية تخص مخالفة اللائحة الداخلية، أو لاعتبار عدم أحقيته بقيادة الحركة مع وجود قيادات ثقيلة العيار، وهو منهم بالتأكيد!

ولئن سلم الثلاثة بفوز مشعل لقيادة الحركة، سواء بالتزكية الجماعية أو الفوز بأصوات محدودة، لكنه يعتقد جازماً، كما صرح لكاتب هذه السطور، حين سؤاله عن أجندته المستقبلية، أن معالجة ردود الفعل غير المرحبة بفوزه، أو رواج شعور لدى البعض بحدوث "خطأ" ما رافق العملية الانتخابية، سيكون على رأس أولوياته، معتمداً على قوة الشخصية والإمكانيات الإقناعية التي تؤهله لذلك، مع عدم ضمان نجاحه مائة في المائة!

• المصالحة المؤجلة

في حين أن التجديد لخالد مشعل يعتبر أمراً حمساوياً صرفاً، وشأناً داخلياً يخص الحركة وحدها، فقد تفاجأ الكثيرون من بطاقات التهاني والتبريكات التي وصلت الرجل، ولئن كان ذلك مفهوماً من أوساط حماس، وبعض الحركات الإسلامية الشقيقة لها من فروع الإخوان المسلمين في الدول العربية، لكن وصول رسائل التهنئة من خصوم الحركة ومنافسيها على الساحة الفلسطينية كان المفاجأة.

فقد سارعت حركة فتح التي يترأسها محمود عباس لتهنئة مشعل، واعتبرت مع باقي التنظيمات الفلسطينية أن التجديد له سيمنح المصالحة "أنبوب أوكسجين" بحاجة له أكثر من أي وقت مضى، والكل يذكر كيف أن مشعل وقع مع عباس اتفاقي الدوحة والقاهرة، وهو ما لاقى معارضة شديدة من حماس الداخل، وخرجت تبادل الاتهامات من أروقة الحركة إلى وسائل الإعلام في مشهد لم تعتد عليه طوال 25 عاماً من تأسيسها.

هذه المرة يقود مشعل الحركة، وهو يعلم أن كثيراً من التعويل الفلسطيني والعربي عليه بأن يمضي بحماس نحو المصالحة مع فتح، والرجل لا يخفي رغبته بإنجازها حتى لو تطلب ذلك تقديم الحركة لتنازلات ميدانية لا يبدو قادة آخرون في الحركة، لاسيما من العسكر، في عجلة من أمرهم لتقديمها طوعياً لعباس!

مشعل وهو يرى ويسمع من قادة الدول التي يزورها في مصر وتركيا وقطر والأردن والسعودية مطالباتهم الحثيثة بإنهاء صفحة الانقسام الفلسطيني، يشعر بحرج شديد حين يقابلهم وهو لم ينجز هذا الملف، في حين أن قيادة الداخل لا تشعر بهذا الحرج والانزعاج، مما يجعلها تتريث كثيراً، وتعد إلى العشرة قبل اتخاذ ما تراه قرار المصالحة الذي قد تكون خسائره أكثر من مكاسبه.

يبدو مهماً الإشارة لتقسيمات اتخاذ القرار داخل حماس: الضفة الغربية، قطاع غزة، إقليم الخارج، السجون الإسرائيلية، ومشعل ذو الأصول الجغرافية من رام الله يحظى بثقة قيادة الضفة، التي تعاني من ملاحقة مزدوجة: السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وتترقب إنجاز المصالحة لأخذ قسط من الراحة من المعاناة الأمنية.

ولئن أدرك الرجل هذه المعاناة، لكن قيادة غزة التي تعلن تضامنها مع أشقائها في الضفة لا تبدي قناعة بما يردده مشعل من أن المصالحة قد تعيد الروح إلى "التنظيم المنهك المستنزف"! ولذلك فقد بات يردد في الآونة الأخيرة عبارات "المصالحة والشراكة والاعتراف بالآخر" لتشكل عناوين التغيير في قيادته الجديدة.

• عقلنة حماس

مرور 26 عاماً على تأسيس حركة حماس كفيلة بإحداث نقلة فكرية سياسية في أجندتها المستقبلية، وهو ما دفع بصناع قرار في المنطقة لبذل مساعي عند مشعل للتراجع عن توجهه بالتنحي عن قيادة الحركة، ولعل أبرزهم رئيس الوزراء التركي "طيب أردوغان"، الرئيس المصري "محمد مرسي"، أمير قطر "الشيخ حمد"، مرشد الإخوان المسلمين "محمد بديع"، الملك الأردني "عبد الله الثاني"، رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس".

ولئن كانت الأسماء السابقة ليست مرتبطة بـ"قصة حب" مع مشعل، لكنهم لا يخفون حالة "الأريحية" التي يشعرون بها في لقائه أكثر من سواه من قادة الحركة، ويعتقدون أنه الكفيل بنقل حماس من مربع العمل العسكري والمقاومة المسلحة إلى دائرة الفعل السياسي والمقاومة الشعبية، وربما الاندماج في العملية السياسية لاحقاً مع إسرائيل، على الأقل بصورة غير مباشرة.

ومع ذلك، فإن مشعل الذي لن يقدم تنازلات مجانية لتلك الأطراف، لكنه يملك نظرة ثاقبة وبعد نظر ربما لا تتوفر في منافسيه لقيادة الحركة، فهو يجول العالم شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، سفراً واستقبالاً، وبات يعلم كيف تدار السياسة الدولية، والصفقات الدبلوماسية، والمساومات البراغماتية، مما يجعله مطمئناً مع فريقه القيادي الجديد لإمكانية الانتقال بحماس من حركة "إرهابية" بنظر المجتمع الدولي وقائمة الاتحاد الأوروبي ووزارة الخارجية الأمريكية إلى قوة سياسية مشروعة.

وإن كان ذلك هدف تتفق فيه غالبية قيادات الحركة في الداخل والخارج، لكن ما قد يختلفون عليه "الثمن السياسي" المطلوب دفعه قبيل حصول حماس على هذا الإنجاز التاريخي، مما يضع أمام مشعل عقبة كبيرة في ظل انتقال اثنين من القادة العسكريين إلى المكتب السياسي الجديد وهما: يحيى السنوار وروحي مشتهى، مؤسسي الجهاز العسكري الأول للحركة عام 1986، وأطلقت إسرائيل سراحهما بصفقة التبادل الأخيرة في أكتوبر 2011، ويعتقدان في قرارة أنفسهما، بل ويروجان لذلك في أوساط الحركة أن السقف الزمني لبقاء إسرائيل لن يتجاوز عقدين من الزمن على أبعد تقدير!

هذه القناعات الخطيرة لا يراها مشعل مقبولة في السياسة الواقعية، مما يتطلب منه بذل جهود مضاعفة مع رفاقه الجدد في القيادة، للوصول بحماس إلى عهد جديد من الانفتاح السياسي في أوساط المجتمع الدولي، وهو يأمل نجاحه بذلك، عبر "تطويع" إرادة رجال الجناح المسلح الذين يرفضون أي صيغة سياسية مع إسرائيل، صريحة كانت أو مواربة، على اعتبار أن لديهم جولة عسكرية أو اثنتين فقط، ويشطبونها من خارطة المنطقة!

كما أن الوصول بحماس لمرحلة النضوج الفكري والتأهيل السياسي كما يأمل مشعل، قد لا يروق لـ"حلفاء الأمس"، وتحديداً إيران، التي بذلت جهوداً مضنية لإبقاء خيوط التواصل مع الحركة رغم إرادة قائدها الأعلى، الذي أعاد خارطة تحالفاته في المنطقة، وجعل طهران خلف ظهره، وهو ما لم يعجب تياراً وازناً في حماس الداخل، يتزعمه الزهار والعسكر، يعتبران الابتعاد عن طهران "وصفة سحرية" لتراجع الحركة مالياً وعسكرياً، وهو ما يحتم على مشعل البحث عن موارد جديدة في الجانبين.

أخيراً...من تسنح له فرصة الحديث مع مشعل هذه الأيام يشعر يقيناً كم أن أعباءه ثقيلة، ومهامه التنظيمية والسياسية تفوق قدرات قائد واحد مهما أوتي من إمكانيات ومواهب، مما يجعلنا نتريث في توقع "معجزة" قد تحل داخل حماس بفضل رغبات وتطلعات مشعل، لأن المسألة تتجاوز كثيراً "كبسة زر"!

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in