يخشى سياسيون من المعارضة اللبنانية أن تكون بلدة عرسال على الحدود الشرقية- الشمالية مع سوريا عرضة لاستهدافها في قابل الأيام لمحاصرتها بل تهجيرها إثر تصاعد الحديث عن كونها مرتعاً وممراً لـ"إرهابيين" إلى سوريا، على ما يسمي النظام في سوريا المسلحين الذين يقاتلونه تحت لافتة "الجيش السوري الحر".
يلاحظ السياسيون المعارضون في لبنان أن النظام في سوريا تحدث عبر وسائل إعلامه عن معسكر لـ "الإرهابيين" وحدد مكانه لكنه لم يقصفه عندما استهدف مشاعات عرسال بل استهدف مواقع أخرى في أراض تدخل نطاقها ، وفقا للمعلومات التي تبلغها رئيس الجمهورية ميشال سليمان خلال جولته في أفريقيا من الأجهزة الرسمية اللبنانية، الأمر الذي حمله على الطلب إلى وزير الخارجية توجيه رسالة إلى القيادة السورية تعترض على انتهاك السيادة اللبنانية، وذلك على رغم نفي دمشق خبر القصف.
ويستشهد هؤلاء الذين يبدون خشيتهم على عرسال بكلام نقل عن قائد الجيش العماد جان قهوجي في جريدة "الأخبار" المناصرة عموماً لـ"حزب الله"، فحواه أنه يرفض مهاجمة الجيش لعرسال واقتحامها على أساس أنها قاعدة لمتطرفين إسلاميين مسلحين، وقد أصبحت على غرار مخيم نهر البارد الذي اضطر الجيش اللبناني إلى اقتحامه وتدميره في العام 2007 بعد ذبح نحو عشرين من جنوده على أيدي مسلحي تنظيم "فتح الإسلام". علماً أن عملية الإقتحام كلفت الجيش في ذلك الوقت خسائر فادحة في الأرواح ناهزت الـ 170 ضابطا وعسكريا.
ونٌقل أيضا عن العماد قهوجي قوله إن عرسال ليست مثل نهر البارد. فهي بلدة لبنانية تضم نحو 3000 مواطن يعملون في مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية ، الجيش وقوى الأمن والأمن العام وسواها، في حين أن مخيم اللاجئين الفلسطينيين الذي نُكب ودُمر تماما وأعيد بناء أجزاء واسعة منه لطالما كان خارج سلطة الدولة اللبنانية ويخضع لقوانين التنظيمات الفلسطينية الذاتية، مثله مثل بقية المخيمات ف يلبنان.
ويسأل السياسيون القلقون : هل كان قائد الجيش ليقول هذا الكلام ويعلن هذا الموقف لو لم يكن هناك من يحرّض في مستويات عالية على عرسال التي يعتبرها حلفاء النظام السوري في لبنان "شوكة" على الحدود بين البلدين؟ ويلفتون في شكل خاص إلى عبارة نُسبت إلى قائد الجيش في هذا الشأن وهي :" من يريدون أن يقتحم الجيش عرسال فليحلّوا مكاني".
وتشيد شخصيات تحالف المعارضة، ولا سيما في "تيار المستقبل" ذي الغالبية السنية بأداء العماد قهوجي بعد حادثة مقتل ضابط ورتيب من الجيش ووقوع عدد من الجرحى في عملية غير ناجحة كانت الغاية منها توقيف أحد المطلوبين والناشطين في دعم الثوار السوريين، وانتهت بمقتل المطلوب هو أيضا" قبل نحو شهرين.
وتشير الشخصيات خصوصاً إلى إعلان العماد قهوجي أنه لم يكن على علم بالعملية ( التي لم تعد لها مخابرات الجيش جيداً إذ تخللتها أخطاء فادحة في التنفيذ) ، وكان في فرنسا .والأهم على ما تضيف ، كان نفي قائد الجيش تعرض الضابط والرتيب للتعذيب والتشويه بآلات حادة . لتسأل تالياً عن الجهة التي وزعت عبر أهم محطات التلفزة المحلية صوراً لجثث مشوهة قالت التلفزيونات إنها لجنود من الجيش، الأمر الذي أثار المشاعر إلى حد كبير ضد أبناء عرسال والسٌنة في لبنان عموماً؟
كذلك تسأل تلك الشخصيات عن الجهة التي حرضت ورعت إقدام مجموعات من الشبان على التجمع في تلك المرحلة قرب ثكن ومراكز للجيش وقطعها الطرق الدولية والفرعية، وفي أوقات مختلفة ليلاً ونهاراً على مدى أيام بذريعة "تأييد الجيش الوطني في وجه قتلة وإرهابيين".
وتنتقل الشخصيات المعارضة من عرض الوقائع هذه إلى تأكيد خلاصة أن ثمة "جهة رسمية قادرة" وقفت وراء حماية قاطعي الطرق ومحطات التلفزيون التي أثارت النعرات من خلال بثها الصور المقززة للنفس والمفبركة. وهذه الجهة تضغط مع حزب رئيسي لـ"معاقبة" عرسال على وقوفها ضد النظام السوري وإزالة التهديد الذي تمثله من خلال امتداد أراضيها الشاسعة على الحدود التي يتحرك عليها المهربون التقليديون ( يعيش أهالي هذه البلدة منذ زمن بعيد من التهريب)، والتي ينشط من خلالها مهربو أسلحة وذخائر ومسلحون في الإتجاهين، علماً أنها تضم تجمعاً كبيراً من النازحين السوريين والمعارضون لنظام الحكم في بلادهم ، ويتعاطف معهم أهالي عرسال بقوة.
ويختم هؤلاء: "نخشى الأسوأ بناء على معطيات وليس افتراضات. فالنظام في سوريا بحسب اعتقادنا يهمه إظهار السُنّة في لبنان وسوريا متطرفين يقاتلون الجيش النظامي في كل من البلدين . علينا فعل شيء سياسياً لحماية أهل عرسال، وإلا دهمتنا التطورات".