في أجواء الازمات السياسية والحملات الانتخابية في العراق، تناقلت وسائل الاعلام المحلية على استحياء خبر حادثة مروعة لاغتصاب جماعي للطفلة سماح علي حسين (7سنوات) في منطقة الوشاش احدى مناطق بغداد الشعبية (غرب العاصمة).
ويروى شهود عيان واقارب الطفلة بالم حادثة سماح التي تعرضت في 27 من فبراير /شباط الى عملية اغتصاب جماعي على يد ثلاث شبان على مقربة من احد مراكز الشرطة في المنطقة.
وبحسب الشهود فان سماح الطالبة في اول مراحلها الدراسية والتي تعيش في بيت جدها ووالدتها بسبب وفاة الاب، تعرضت اثناء خروجها من المدرسة الى اعتداء جنسي عند ذهابها الى احد الاكشاك القريبة من مدرستها لشراء الحلوى حيث كان يتواجد ثلاثة شبان استطاعوا بعد اغواء الطفلة بالحلوى اغتصابها بالتناوب.
واكد المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد معن سعد في حديث لـ "المونيتر" ان والدة والطفلة وخالتها اكتشفوا اعراض الاغتصاب على طفلتهم بعد يومين من الحادث وبعد معرفة تفاصيله منها بادروا على اثرها باخبار الاجهزة الامنية"، واضاف سعد" ان الاجهزة الامنية سارعت الى اصدار مذكرة القاء القبض بحق الجاني والذي اعترف بدوره وبعد يومين من التحقيقات بارتكابه هذا الجرم".
واعترف معن بوجود الكثير من حالات الاختطاف والاغتصاب في الاونة الاخيرة الا انه اشار الى وجود مبالغة وتضخيم في اعداد تلك الحوادث لان البيانات الرسمية تقول عكس ذلك حسب رايه، اما عن اسباب حصول مثل هذه الحوادث وتكاثرها فقد اشار معن الى ان "السبب يعود الى الانفتاح والفهم الخاطئ للديموقراطية والاعلام غير المسؤول".
وفي الوقت الذي بادر الاهالي وسكنة الوشاش بالخروج في تظاهرة منظمة شابها الغضب والحسرة للمطالبة بانزال اقصى العقوبة واقلها الاعدام بالشباب الثلاثة الذين اقدموا على هذه الفعلة المروعه بحق الطفلة سماح، استنكرت منظمات المجتمع المدني تكرار حوادث الاغتصاب في الاونة الاخيرة حسب الاحصاءات التي اشارت الى ان العام 2012 سجل أرقاماً قياسية من الحالات البشعة التي لا تنسجم مع تقاليد أي مجتمع مسلم محافظ.
وتصف الناشطة المدنية هناء ادوارد في حديث لـ "المونيتر" هذه الحادثة بالبشعة التي من الممكن ان تبقى اثارها السلبية ملتصقة بالطفلة سماح طوال حياتها".
وعن اسباب تداول هذه القصة باستحياء من قبل وسائل الاعلام تقول ادوارد " ان الازمات والمناكفات السياسية التي تمر بها البلاد القت بظلالها على مثل هذه الحوادث ومنعت من تحويلها الى راي عام ضاغط باتجاه ايجاد الحلول الناجعة للحد منها".
ولا ترى ادوارد بان الحل يكمن بانزال اقصى العقوبات بحق الجنات فقط فالحل حسب رايها "يكمن في استحداث مراكز تاهيل وعلاج للجاني والضحية على حد سواء اسوة بما هو متبع في دول العالم المتقدمة".
وتضيف ادوارد بان "المطلوب من هذه المراكز هو تلقي الجاني العلاج المناسب لتخليصه من العقد النفسية التي دفعته للقيام بهذه الجريمة البشعة بحق طفلة لاتتجاوز السابعة من عمرها بدون شفقة فضلا عن تلقي الضحية العلاج النفسي اللازم لازالة الاثار السلبية المترتبة على هذه الحادث".
ولعل جريمة سماح هي ليست الأولى أو حتى الأخيرة من نوعها في العراق فقد سبقها قبل شهور قليلة ما تعرضت له فتاة من أهالي ناحية النمرود ذات 17 ربيعا شمال شرق محافظة الموصل (شمال العراق) على يد ضابط من الجيش الحكومي والتي لا تقل بشاعة عما تعرضت إليه من قبل الطفلة بنين حيدر (4 سنوات) في محافظة البصرة (جنوب العراق) علي يد احد عناصر الاستخبارات الذي قام باختطافها واقتيادها إلى مكان مجهول في مدينة خور الزبير واغتصابها لأكثر من مرة قبل أن يقرر إنهاء حياتها بطريقة وحشية بإلقاء "حجر كبير"على رأسها أودى بحياتها في الحال.. ومن قبلها عبير عبد علي (5 سنوات) من محافظة البصرة أيضاً التي خطفها أربعة أشخاص تناوبوا على اغتصابها وضربها.. في وضع يجعل المنظومة الأخلاقية في العراق أمام مجموعة من الحقائق المؤلمة، وسط تساؤلات ملحة حول أفضل السبل لحماية الأمن الاجتماعي والقيم المدنية.
وتشير المؤسسات المعنية بهذا الخصوص الى وجود الالاف من حالات الاغتصاب التي لم يتم الكشف عنها وخاصة في المناطق الريفية بسبب غياب الوعي المجتمعي اذ تفضي حوادث الاغتصاب اما الى تزويج الضحية الى الجاني او اللجوء الى الفصل العشائري الذي يجبر الضحية على دفع دية مادية الى اهل الضحية تعويضاً عن ما لحق بها وبسمعتها من أضرار..فنرى ان ضحايا الاغتصاب سواء من البالغات او الاطفال يتعرضن للاغتصاب مرتين مرة على يد الجاني ومرة اخرى على يد المجتمع والقانون المتساهل والاعراف التي منعتها من القصاص من الجاني والصقت بها تهمة لاذنب لها بها تبقى ترافقها طوال حياتها.
وبحسب قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 يعاقب بالاعدام كل من اعتدى على قاصر واغتصبها جبرا، في حين يعاقب بالمؤبد او 15 عاما من اغتصب فتاة راشدة على ان تنتفى العقوبة في حال بادر الجاني بالزواج من الضحية.
وطالما طالبت الاصوات المنادية بحقوق المرأة بتفعيل القوانين الخاصة بجرائم الأغتصاب وألغاء تلك الفقرات القانونية التي تسمح بأفلات المغتصب من العقاب في حال رضي بالزواج من ضحيته، فهذه الفقرات القانونية وحسب الناشطين في مجال حقوق المرأة والمجتمع المدني "تدافع عن الأسرة والأعراف لكنها لا تأخذ بالاعتبار حق المرأة كفرد" ويشدد النشطاء في مجال الحقوق المدنية بأن أخفاء هذه الجريمة يعد تشجيعا للمجرمين ودفعم لتكرارارها.
ويتحدث المحامي والخبير القانوني عبد الرحمن جلهم عن تجربته في هذا المجال" بان هناك الكثير من مرتكبي جرائم الاغتصاب يفلتون من العقاب بسبب تفضيل العديد من الفتيات المغتصبات اللجوء الى خيار الزواج من الجاني للتخلص من اعراف المجتمع القبلي والذكوري" ويعزو جلهم السبب "الى قلة الوعي والثقافة القانونية والشرعية والتي تدفع ببعض العوائل الى معاقبة بناتهم المغتصبات بعقوبة قد تصل الى حد القتل بدلا من الوقوف الى جانبها والقصاص من الجاني".
وهو مايعني ان لهذه الجرائم المسكوت عنها حضورا لايستهان به طالما ان الحل وفي معظم الحالات يكون خارج نطاق القانون وخارج اسوار المحاكم وهو ما ترجمه بحوث منظمة هيومن رايتس ووتش التي اجرتها في سبع مدن عراقية بهذا الشأن والتي أثبتت أن "النساء هن أكثر الفئات تعرضاً للانتهاكات في المجتمع العراقي". وأشار تقرير المنظمة إلى أن "الحياة في العراق تتدهور بالنسبة للنساء والأقليات، وإن العراق اليوم يقف على مفترق الطرق أما أن يتبنى مبادئ إجراءات التقاضي السليمة وحقوق الإنسان"، وإلا فهو في خطر التحول إلى دولة بوليسية"، داعية الحكومة العراقية إلى "تعديل قانون العقوبات وجميع القوانين الأخرى التي تتضمن التميز ضد النساء قاصرات وراشدات.