تضاربت التكهنات بشأن أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي أمام الدينار العراقي منذ مطلع الشهر الجاري، فبينما قال ساسة وخبراء اقتصاديون إن دخول شركات إيرانية على خط مزاد البنك المركزي العراقي لبيع العملة الصعبة وشراء مبالغ كبيرة منه بهدف تهريبها إلى إيران أدى إلى ارتفاع سعر صرف الدولار، قال مسؤول كبير سابق في ابنك المركزي العراقي، إن هذا الارتفاع يتعلق بزيادة العائدات الحكومية من بيع النفط، الذي أدى بدوره إلى زيادة الانفاق الحكومي.
وأوضحت النشرة الاسبوعية التي يصدرها البنك المركزي العراقي عن حالة المزاد أن سعر صرف الدولار الأميركي سجل 1260 دينار عراقيا، وهو ما لم يحدث منذ العام الماضي.
وقال عضو اللجنة المالية في برلمان العراق إن ارتفاع سعر الصرف الدولار الامريكي أمام الدينار العراقي يعود إلى توقف بعض البنوك العراقية عن تحويل الدولار وبيعه لشركات الصيرفة بأسعار التي تلائمها.
وقال الياسري إن بعض المصارف توقفت عن بيع الدولار لزبائنها وتحويلها الى شركات الصيرفة، ما دفع الزبائن العراقيين إلى شراء الدولار من شركات الصيرفة بالأسعار التي تلائم الشركات التي لا توجد عليها رقابة.
ويقول رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان العراقي، أحمد العلواني، إن حاجة إيران إلى العملة الصعبة، في ظل الحصار الدولي المفروض عليها حاليا، دفعها إلى تحريك بعض الجهات العراقية، للمساعدة في تأمين جانب من احتياجاتها للعملة الصعبة، عن طريق مزاد البنك المركزي العراقي.
وقبل الارتفاع الأخير في سعره، كان الدولار الأميركي يرواح بين 1245 و1250 دينارا، فيما كان سعر صرف الدولار مقابل الدينار، خلال العام الماضي 2012، يبلغ 1200 دينار عراقي.
ويقول الخبير الاقتصادي العراقي خالد حيدر إن وسطاء عراقيين يشترون العملة الصعبة من مزاد البنك العراقي ويبيعونها إلى شركات إيرانية، تقوم بتهريبها إلى إيران، لسد النقص الكبير هناك في العملة الصعبة.
وأضاف أن "هذا الأمر زاد الطلب على الدولار في مزاد البنك".
ويبدو أن الحديث عن دور الشركات الإيرانية في هذا الملف، قاد البنك المركزي العراقي إلى تشديد إجراءات الرقابة على بيع العملة الصعبة، ما أدى إلى انخافض الكميات المباعة من الدولار الأميركي.
وخلال العام الماضي، كان البنك المركزي العراقي، يبيع عبر مزاده، نحو 200 مليون دولار لزبائن نحو 15 مصرفا خاصا. لكن المبلغ الآن انخفض إلى نحو 70 مليون دولار فقط، وهو ما قاد إلى التفاوت بين العرض الطلب، فتسبب في زيادة سعر صرف الدولار، سواء على مستوى مزاد البنك الرسمي، أو على مستوى السوق السوداء.
لكن المسؤول الكبير السابق في البنك المركزي العراقي، د. أحمد بريهي، ينفي وجود أي شبهة سياسية في قضية ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق العراقية.
وقال البريهي، إن هناك زيادة في عائدات النفط العراقية، أدت إلى زيادة في الانفاق الحكومي. وأضاف أن "زيادة الانفاق الحكومي تعني ارتفاع حجم دخل الفرد العراقي، الذي زاد انفاقه فزادت الحاجة إلى واردات وبضائع من الخارج، وعملية تأمينها تتطلب زيادة الطلب على العملة الأجنبية، ما أدى إلى زيادة سعر الصرف".
وأضاف "لا صلة لإيران بقضية زيادة سعر الصرف، فالبنك يبيع العملة الصعبة إلى زبائن عراقيين، لاستخدامها في تمويل عمليات تجارية خارج البلاد.
ويعتقد د. بريهي، أن "هناك تجارا عراقيين، يحتالون على البنك المركزي، ويقدمون وثائق مزورة لعمليات توريد بضائع وهمية إلى العراق، لكنهم يوردون بضائعهم إلى ايران وسوريا، وهؤلاء اهدافهم تجارية، يحاولون تعظيم أرباحهم، ولا شأن لهم بالملفات السياسية".
وقال "لم تؤشر أي جهة رقابية في العراق، زيادة في أنشطة هؤلاء التجار مؤخرا، ما يعني أن لا شأن لعملياتهم الخاصة بزيادة سعر صرف الدولار".
وقال "على الساسة الذين تحدثوا عن قيام شركات إيرانية بتهريب العملة الصعبة القادمة من مزاد البنك المركزي العراقي إلى إيران، أن ينشغلوا بحل الأزمات السياسية المزمنة في العراق ويركوا قضية تسيير السياسة النقدية للمختصين".
وأكد أن "إجراءات السيطرة على خطوط سير العملة الخارجة من مزاد البنك مستمرة، لكن السيطرة التامة على هذا الملف بحاجة إلى وقت". وقال "هذه القضية تحدث في كل بلدان العالم، ومعظم دوافعها تتعلق بتعظيم ارباح تجار".