في أسلوب درجت عليه القنوات التلفزيونية الرسمية، وقف مذيع شاب عند أحد الأرصفة في منطقة مزدحمة وراح يسأل المارّة عن رأيهم بموجة الاحتجاجات الأخيرة في إيران. أجابه رجل في الستينات من العمر بعينَين متعبتَين: "لديّ ثلاثة أولاد. هم أطباء ومهندسون. وجميعهم عاطلون عن العمل". وقال محارب قديم شارك في الحرب الإيرانية-العراقية بين 1980 و1988، بنبرة تحدٍّ وهو محاطٌ بحشد من الناس: "أحتاج إلى أدوية بسبب الإصابات التي تعرّضت لها خلال الحرب، لكنها غير مشمولة بنظام التأمين الصحي، ويقولون لي أن أشتريها من السوق السوداء. كيف لي أن أسدّد ثمنها؟ أعاني من مشكلة في ظهري، ويمكن أن أصبح مشلولاً في أية لحظة. لِمَن أعبّر عن وجعي ومعاناتي؟" في مقطع فيديو بإنتاج متقَن بثّته قناة "أفانت تي في" الإلكترونية التي انضمت حديثاً إلى المشهد الإعلامي المتطور في إيران، يروي عدد مطّرد من الأشخاص أنهم لم يعودوا قادرين على تأمين لقمة عيشهم في الاقتصاد الإيراني المتعثّر.
مقطع الفيديو الذي بثّته قناة "أفانت تي في" وانتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد خمسة أيام من اندلاع الاحتجاجات في إيران، والتي تمدّدت حتى الآن إلى عشرات المدن وكل المقاطعات تقريباً، يربط بتأنٍّ بين مجموعة مؤثِّرة من المقابلات مع أشخاص غير راضين عن الوضع الاقتصادي وسياسات الرئيس حسن روحاني. مع ندرة المعلومات المتوافرة عن قناة "أفانت تي في"، وعلى ضوء الجهود الحثيثة التي بذلها المنتجون في القناة لتصويرها بأنها محطّة مستقلة، الهدف من الفيديو هو أن يعبّر بطريقة شفّافة وحقيقية عن إرادة الشعب الإيراني. لكن العنصر الغائب بطريقة فاضحة في مقطع الفيديو هو انتقاد المؤسسة السياسية ككل، والذي هو من المواضيع الأساسية في التظاهرات الراهنة.