تبدو البيئتان السياسية والنفسية في العراق ملائمتان جدا لعودة نفوذ تنظيم القاعدة ، بالشكل الذي عبرت عنه العملية النوعية التي حصلت في 22 تموز الماضي ، وماتبع ذلك من عمليات كبيرة استهدفت المدنيين الشيعة في بغداد ، عبر تكتيك السيارات المفخخة الذي يفضله التنظيم . يتقمص التنظيم اليوم شكلاً جديداً يتكيف مع التحولات الداخلية والاقليمية . فاسمه الجديد (الدولة الاسلامية في العراق والشام ISIS ) يعبر كثيرا عن شخصيته الايديولوجية وتطلعاته السياسية.
خلال المرحلة السابقة التي ارتبطت اساساً بالصراع مع القوات الأمريكية ، واجه التنظيم تحديات كبيرة من أجل ان يغرس نفسه في البيئة العراقية ، واضطر الى ان يدخل في نقاشات نظرية وفقهية وسياسية كتلك التي حصلت بين زعيمه السابق ابو مصعب الزرقاوي ، وكل من ايمن الظواهري ، الزعيم العالمي للقاعدة ، ومعلمه السابق أبو محمد المقدسي ، وكليهما عارض افراط التنظيم في مهاجمة المدنيين ، والمبالغة في استهداف الشيعة. لكن أهم الاعتراضات هي تلك التي افرزتها البيئة السنية العراقية نفسها ، من خلال تنظيمات تبنت مبدأ "مقاومة الاحتلال" لكنها رفضت الاستهداف الطائفي او قتل المدنيين مثل الجيش الاسلامي العراقي وكتائب ثورة العشرين والجبهة الاسلامية للمقاومة العراقية . بل ان كثيراً من أفراد تلك التنظيمات انخرطوا في تشكيلات الصحوة التي انصرفت لقتال تنظيم القاعدة ، في ظل عملية أوسع اتجهت الى فصل المجتمع السني العراقي عن الاهداف العابرة للقوميات للايديولوجية السلفية الجهادية التي يتبناها التنظيم . اكثر من ذلك ، فان هناك جماعات تتبنى الفكر السلفي الجهادي أدانت التنظيم ورفضت مواقفه ، وذهبت الى حد دعم حكومة رئيس الوزراء المالكي ، مثل هيئة الافتاء التي يرأسها الشيخ مهدي الصميدعي.