كشف غال بيرغر مسئول الملف الفلسطيني بهيئة البث التلفزيون الإسرائيلية "كان" يوم 31 ديسمبر إن قادة حماس عقدوا في قطر أوائل ديسمبر، دون تحديد موعد دقيق، لقاءات بجهات أوروبية وأميركية لاختراق العزلة الدولية المفروضة عليها، وفتح قنوات حوار جديدة مع الغرب، وبحث اعتراف مستقبلي بها.
في التفاصيل، التقى زعيم حماس السابق خالد مشعل مع روبرت مالي رئيس مجموعة الأزمات الدوليّة، ومستشار الشرق الأوسط السابق للرئيس الأميركيّ الأسبق بيل كلينتون، وهذا اللقاء ليس الأول بينهما، والتقى موسى أبو مرزوق مسئول العلاقات الدولية بحماس، بمسؤولين أوروبيين سابقين من سويسرا وفرنسا وبريطانيا، بمشاركة وزير خارجية فرنسي سابق، دون كشف اسمه.
وفيما طلب المسئولون الغربيون من قادة حماس الحفاظ على اتصالاتهم بالأوروبيين والأميركيين ليشكلوا قناة لتمرير رسائل لدولهم، فقد عبرت السلطة الفلسطينية عن تخوفها من انفتاح العالم على حماس، وفقا للتلفزيون الإسرائيلي.
باسم نعيم، عضو مكتب العلاقات الدولية بحماس، ووزير الصحة السابق، قال "للمونيتور" أن "لقاءات الدوحة جزء من لقاءات متكررة تعقدها حماس بين حين وآخر، وعلى مستويات قيادية مختلفة، بوفود أوروبية وغربية موسعة، تبحث القضايا الفلسطينية والإقليمية، كحصار غزة، والانتخابات الفلسطينية، ومسيرات العودة، وحماس تطلب منهم الضغط على الإسرائيليين لتقديم التسهيلات الإنسانية لغزة، منعاً للانفجار. أي تواصل لحماس بالمجتمع الدولي، بغض النظر عن مستوياته وجنسياته؛ اختراق للحركة نحو كسر الحصار عليها، تمهيدا لتطوير هذه العلاقات، والارتقاء بها، خدمة لقضيتنا الفلسطينية".
تنظر حماس بإيجابية لدور مجموعة الأزمات الدولية لدمجها بالمنظومة الدولية، وكسر عزلتها السياسية، منذ إصدارها في يناير 2004 تقريرا دعا للتعامل معها بعد عدم هزيمتها عسكرياً، واتهام السياسة الإسرائيلية ضدها بأنها زادت من نفوذها، وقربت سيطرتها على الأراضي الفلسطينية، وحظي التقرير آنذاك بانتشار واسع في صفوف حماس، واعتبرته بداية الانتقال من البعد المحلي إلى الدولي، لأنها أشادت بالحركة بحديثها عن أسباب قوتها، مقابل فشل السلطة الفلسطينية، ومنذ حينها دأبت المجموعة على إصدار بيانات للحوار مع حماس.
مسئول سابق بمجموعة الأزمات الدولية، أخفى هويته، قال "للمونيتور" أن "لقاءات المجموعة بحماس قديمة، آخرها لقاء مالي-مشعل، وتحصل داخل فلسطين وخارجها، مع القيادات السياسية الأولى والمتوسطة في حماس، للتعرف على مواقفها، واستكشاف سياستها تجاه التطورات، ونقلها لدوائر صنع القرار الأوروبي، لأن جزءا من تمويل المجموعة مصدره الحكومات الأوروبية، دون أن تحمل المجموعة بالضرورة رسائل متبادلة بين حماس وأوروبا بشكل مباشر. "مالي" ذو ميول للحزب الديمقراطي الأمريكي ليس قريبا من الإدارة الامريكية الجمهورية، التي ترفض محاورة حماس، وتتبنى موقف إسرائيل المعادي لها".
"المونيتور" علم من أوساط في حماس، أخفت هويتها، أن "الحركة عقدت أواخر ديسمبر، دون كشف أماكن عقدها أو تواريخها بدقة، لقاءات جديدة غير معلنة بعد لقاء "مالي" بسفراء غربيين، ومبعوثين عن الأمم المتحدة".
فيما تعتبر حماس أن لقاءاتها بالأوروبيين والأمريكيين جزء من هدفها الاستراتيجي بتحولها رويدا رويدا طرفا أساسيا معترفا به، ويتعامل معه المجتمع الدولي علنياً، لكن تبقى المطالب الغربية منها للالتزام بشروط اللجنة الرباعية كالاعتراف بإسرائيل، ونبذ العنف، عقبة كأداء أمام أي اختراق دبلوماسي وسياسي للحركة.
ولذلك تعتقد حماس أن المطالب الأوروبية والأمريكية المتكررة على مسامعها، تلميحاً أو تصريحاً، غير قابلة للتحقق، رغم أنها كما يبدو الشرط الدولي لاندماج الحركة في العملية السياسية، لكن حماس غير متشجعة للانخراط فيما تعتبره عملية فاشلة، بعد توقف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية منذ 2014 وتراجع حل الدولتين.
غازي حمد، وكيل وزارة الخارجية السابق بغزة، وأحد مفاتيح حماس للاتصال بمسئولين أوروبيين ودوليين، قال "للمونيتور" أنه "مبكر الحديث عن اختراق سياسي لحماس في الغرب، فاللقاءات التي رتبت العديد منها وحضرتها، تتم، حتى الآن، بمسئولين غربيين غير رسميين، وليسوا بموقع صناعة القرار، لكن تكرارها يعطي إشارة عن فشل الحصار الدولي لحماس. تركيا تبذل جهودا لتطوير علاقة حماس بالمنظومة الغربية، ولعل لقاء إسماعيل هنية زعيم حماس بالرئيس رجب طيب أردوغان بإسطنبول يوم 14 ديسمبر إشارة جيدة بهذا الاتجاه".
تتزامن اللقاءات الأوروبية والأمريكية مع حماس بالأحاديث المتكررة في الآونة الأخيرة عن جهود محلية وإقليمية ودولية لإبرام تهدئة بين حماس وإسرائيل في غزة، وهو ما من شأنه تشجيع اللقاءات الغربية مع حماس.
أما عن قلق السلطة الفلسطينية، فيبدو طبيعيا ومتفهما، فربما ترى حماس صاعدة باتصالاتها الإقليمية والدولية، فيما تتراجع علاقاتها بإسرائيل أو الولايات المتحدة وبعض الأوروبيين، وتوترها بعدد من الدول العربية.
غسان الخطيب، وزير التخطيط الفلسطيني السابق بالسلطة الفلسطينية، قال "للمونيتور" أن "اللقاءات الغربية بحماس تأتي ضمن مساومتها لدفعها لإبرام تهدئة مع إسرائيل، مقابل حصول انفتاح دولي تجاهها، وتوسيع علاقاتها الخارجية والغربية، أما إن فشلت التهدئة فسيؤثر سلبا على ذلك. حماس تسعى لتحصيل اعتراف دولي بها كجهة مسئولة عن غزة، مع صعوبة أن تفتح دول كبرى كفرنسا والولايات المتحدة حوارات مع حماس دون التفاهم المسبق مع إسرائيل. السلطة تتوجس من الاتصالات الدولية بحماس بعيدا عنها، وأوضحت موقفها للمجتمع الدولي بضرورة حصر التعامل مع الفلسطينيين عبرها فقط، كبوابة رسمية وشرعية".
رغم ترحيب حماس بلقاءاتها الأوروبية والأمريكية، فما زالت مشكلتها بأنها مصنفة على القوائم الأوروبية والأمريكية للإرهاب، وعدم صدور قرارات غربية جذرية تنبئ بتحول إيجابي جدي وحقيقي تجاه حماس، باستثناء لقاءات خلف الكواليس غير معلنة لا تسفر عنها قرارات ميدانية نحوها، وإن كانت تعبد الطريق تدريجيا نحو الاعتراف بها في حال أبدت الحركة مرونة سياسية في مواقفها السياسية.