تونس – أكّد القياديّ في "نداء تونس" رؤوف الخماسيّ ترشيح الحزب للرئيس الباجي قائد السبسي (92 عاماً) للانتخابات الرئاسيّة المقبلة المقرّرة في ديسمبر/ كانون الأول 2019، وذلك في تصريح لراديو "ديوان أف أم" التونسيّ بـ2 كانون الثاني/يناير من عام 2019، مشدّداً في التصريح ذاته على أنّ الباجي قائد السبسي هو مرشّح الحركة الوحيد وأنّه "لا توجد أيّ شخصيّة قادرة على منافسته في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة، وعلى امتلاكه كلّ الحظوظ للفوز".
وفاز السبسي في عهدة رئاسيّة أولى مدّتها 5 سنوات قابلة للتجديد خلال الانتخابات الأولى التي شهدتها البلاد، بعد الثورة في كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2014، بعد أن حاز على 55.68 بالمائة من الأصوات متقدّماً على منافسه المباشر المنصف المرزوقي الذي حصل على 44.32 بالمائة.
وسبق للسبسي أن رفض في حواره الأخير عبر قناة "الحوار التونسيّ" في 24 أيلول/سبتمبر من عام 2018 الإجابة على سؤال الصحافيّة إن كان سيترشّح لعهدة ثانية، إذ قال: "إنّه حقّ كفله له الدستور، لكن لكلّ حادث حديث". ولفت إلى أنّ عامل السنّ لا يمثّل له أيّ عائق، إلاّ في نفوس خصومه.
وأوضح النائب عن كتلة "نداء تونس" في البرلمان رمزي خميس في تصريح لـ"المونيتور" أنّ الحزب وجّه رسميّاً دعوة إلى السبسي لحمله على الترشّح إلى الانتخابات الرئاسيّة تحت راية الحزب الذي أسّسه في 16 يونيو/حزيران 2012، وقال: "إنّ ترشيحنا للرئيس السبسي لولاية ثانية لم يأت من فراغ، إذ تحظى شخصيّته بإجماع، ليس فقط بين أنصار الحزب، بل لدى جزء كبير من التونسيّين، لما كان له من دور خلال الـ5 سنوات الماضية في تحقيق الاستقرار السياسيّ والاجتماعيّ في تونس من خلال سياسة التوافقات بين الأحزاب والمنظّمات الوطنيّة".
أضاف: ليس هناك أيّ مانع دستوريّ أو صحيّ يحول دون تقديم السبسي أوراق ترشّحه إلى الانتخابات المقبلة في نهاية عام 2019.
وسبق لـ"حركة النهضة" أن مهّدت سابقاً للسبسي بالفوز في الانتخابات الرئاسيّة، بعد أن أسقطت خلال مناقشة مشروع دستور عام 2014 عامل السنّ كشرط للترشّح لمنصب رئيس الجمهوريّة، بعد أن حدّدت سابقاً لجنة صياغة الدستور السنّ القصوى للترشّح في الفصل 73 من الدستور بـ75 سنة.
من جهته، أشار الإعلامي بالإذاعة الحكومية التونسية والمحلّل السياسيّ محمّد بوعود في تصريح لـ"المونيتور" إلى أنّ السبسي لا يخفي رغبته في الترشّح للانتخابات الرئاسيّة المقبلة، في ظلّ ما أسماه بالصراع القائم بينه وبين رئيس الحكومة يوسف الشاهد، خصوصا بعد الإعلان رسميا عن الحزب السياسي الجديد ليوسف الشاهد في 27 كانون الثاني/ يناير 2019 في اجتماع عام في محافظة المنستير حضرته قيادات حزبية منشقة عن نداء تونس وآفاق تونس ومستقلين مكونة لكتلة "الإتئلاف الوطني" البرلمانية والذي أطلق عليه اسم "تحيا تونس".
وكان الشاهد قد اتهم 2 مايو/آيار 2018 عبر القناة الوطنية 1 نجل السبسي بتدمير حزب نداء تونس وبمحاولة التصرف في الدولة كأنها ملك خاص ليرد عليه السبسي الأب في 15 يوليو/ تموز 2018 على قناة "نسمة " الخاصة ويطالبه رسميا بالاستقالة من منصبه كرئيس حكومة محملا إياه مسؤولية الفشل الحكومي.
وأضاف بوعود: "لو كان فعلاً السبسي قد حسم أمره بعدم الترشّح لأعلن ذلك صراحة خلال أكثر من لقاء صحافيّ، لكنّه تعمّد المراوغة في هذا السؤال تحديداً حتّى لا يكشف أوراقه لخصومه، وخصوصاً النهضة ورئيس الحكومة يوسف الشاهد".
وكانت النائبة عن "كتلة الإئتلاف الوطنيّ" المساندة ليوسف الشاهد هدى سليم أكّدت في تصريحات لوكالة الأنباء التونسيّة بـ19 كانون الثاني/يناير من عام 2019 أنّ نوّاب الكتلة وقادة الحزب الجديد قرّروا رسميّاً ترشيح الشاهد لرئاسة الحزب، ولم تستبعد ترشّحه لخوض الانتخابات الرئاسيّة المقبلة.
من جهته، اعتبر القياديّ في "حركة النهضة" زبير الشهودي خلال تصريح لـ"المونيتور" أنّ السبسي لن يترشّح لعهدة رئاسيّة ثانية بسبب عوامل عدّة، أبرزها "تقدّمه في العمر، واقتناعه بأنّه يريد الخروج من الباب الكبير بعد استكمال 5 سنوات من فترة حكمه".
ولفت إلى أنّ "نداء تونس" ومن خلفه نجل الرئيس، حافظ قائد السبسي يلعب ورقة ترشيح والده والدعاية لها من قبل قيادات الحزب من أجل غايات انتخابيّة بحتة، وكمحاولة لاستعادة المنسحبين من "نداء تونس" ضمن مراوغة سياسيّة وبروباغندا حزبيّة، نظراً لما يمثّله الباجي قائد السبسي من وزن سياسيّ وقوّة للحزب.
وأكّد أنّ حزب "نداء تونس"، الذي هو في بصدد التحضير لعقد مؤتمره الانتخابيّ الأوّل، يومي 2 و 3 آذار/ مارس 2019 يحاول إعادة لمّ شمل العائلة الندائيّة، عبر انتخاب رئيس جديد وأمين عام ومنسقين جهويين للحزب، بعد موجة انشقاقات شهدها سواء في قياداته أو في كتلته النيابيّة التي خسرت ترتيبها الثاني داخل البرلمان، وتراجعت إلى الترتيب الثالث ب41 نائبا لتتفوّق عليها "كتلة الإئتلاف الوطنيّ" الموالية للشاهد ب44 نائبا، فيما لاتزال حركة النهضة تتصدر أغلبية المقاعد البرلمانية ب 68 نائبا من جملة 217 .
وفيما لم يحسم السبسي موقفه بعد من الترشّح لعهدة ثانية، رأى مراقبون أنّ المعارك الانتخابيّة نحو قصر الرئاسة بدأت مبكراً وسط تجاذبات سياسيّة وحزبيّة وصراع شرس وعلنيّ بين رأسيّ السلطة التنفيذيّة الممثلة في رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة الذي لم يكشف بدوره عن نيّته الترشّح للانتخابات الرئاسيّة من عدمها.