ريف حلب الشماليّ – أصبحت منطقة عفرين في ريف حلب الشماليّ - الغربيّ مقصداً لسكّان ريف حلب، الذين يرغبون في قضاء عطلاتهم، بهدف الاستجمام والتمتّع بالطبيعة الخلاّبة التي تتّسم بها المنطقة التي سيطر عليها الجيشان السوريّ الحرّ والتركيّ.
شهدت السياحة الداخلية في عفرين نشاطاً كبيراً وعودة تدريجية خلال الفترة الماضية بعد توقفها لأشهر في إطار عمليّة غصن الزيتون العسكريّة، التي أعلنت عن انطلاقها هيئة الأركان التركيّة في 20 كانون الثاني/يناير من عام 2018، من أجل قتال وحدات حماية الشعب الكرديّة YPG.
تتميّز منطقة عفرين بطقسها المعتدل وطبيعتها الجميلة والجبليّة وتنوّع مناطقها السياحيّة، وهي تضمّ عدداً من المواقع الأثريّة منها مقلاً النبي هوري، وبلدة براد التاريخية، وقلعة سمعان، والكثير من بساتين الأشجار المثمرة، وتحتوي على ينابيع مياه عذبة. وكانت شهدت المنطقة خلال الفترة الماضية، التي تلت سيطرة الجيش الحرّ عليها، استقراراً نسبيّاً وعودة إلى الحياة بشكل تدريجيّ، الأمر الذي ساهم في عودة الحياة إلى الأماكن السياحيّة، التي بات يقصدها السكّان في ريف حلب للاستجمام وقضاء العطلة.
لقد جال "المونيتور" في المواقع السياحيّة، التي يقصدها الناس لقضاء وقت ممتع في عفرين، وكانت بحيرة ميدانكي الموقع الأوّل في الزيارة، فهي تقع إلى الشمال الشرقيّ من مدينة عفرين بمسافة 15 كيلومتراً، وتعتبر من المواقع السياحيّة المميّزة للتنزّه والاصطياف بسبب طقسها المعتدل ومياهها الصافية، وهي تأتي في مقدّمة المواقع التي يقصدها الراغبون في قضاء نزهة جميلة. وأثناء زيارتنا، كانت هناك عائلات عدّة على ضفاف البحيرة تتجمّع حول مائدة طعام وضعتها على أرض ترابيّة. وفي مياه البحيرة، كان يسبح العشرات من الشبّان.
في محيط بحيرة ميدانكي منشآت سياحيّة عدّة من مطاعم ومقاهٍ ومتنزّهات، ما زالت متوقّفة عن العمل، باستثناء اثنتين متواضعتين تفتحان أبوابهما للزبائن.
التقى "المونيتور" محمّد شاشو (34 عاماً) على ضفاف البحيرة، وهو من المقيمين في بلدة ميدانكي المجاورة للبحيرة، وقال: "إنّ المقاهي والمطاعم ستعود إلى العمل في محيط البحيرة وفي هذا المكان الجميل، شرط أن تصبح منطقة عفرين آمنة بشكل جيّد ويعيد قسم كبير من أصحاب هذه المنشآت السياحيّة افتتاحها من جديد، فنحن ننتظر على أيّ حال".
أمّا الموقع السياحيّ الثاني الذي زاره "المونيتور" فيقع إلى الجنوب من مدينة عفرين بمسافة 5 كيلومترات فقط، ويسمّى عين دارة، وهو قرية صغيرة تحيط بها سهول خصبة من 3 جهات، ويمرّ من جانبها الغربيّ نهر عفرين، وفيها نبع مياه عذبة تصبّ في نهر عفرين، وتتجمّع حوله عائلات كثيرة، بعضها فضّل أن يكون طعام نزهته الشواء، في حين اكتفت عائلات أخرى بتناول الشاي على ضفاف نبع المياه، وبين الأشجار والبساتين التي تحيط به.
والتقى "المونيتور" محمّد حسانو (44 عاماً)، الذي كان في نزهة مع عائلته في قرية عين دارة، وكان يشوي اللحوم برفقة زوجته، بينما يلعب أطفاله بالقرب منهما بانتظار الطعام، وقال: "بسبب قلّة المنشآت السياحيّة، نجهّز الطعام الخاص بالنزهة في المنزل أو نصطحب معنا اللحوم للشواء. وأقصد مع عائلتي قرية عين دارة، بالقرب من نبع المياه العذبة، بعد أن تخفّ حدّة أشعّة الشمس أيّ بعد ساعات الظهيرة، وهذه العادة نقوم بها مرّتين في الشهر تقريباً".
أضاف: "يقصد الكثير من أهالي إعزاز قرية عين دارة، ويأتي الكثيرون من المدن والبلدات المجاورة في ريف حلب، ومن بين المتنزّهين نازحون ومهجّرون من الغوطة الشرقيّة وغيرها من المناطق والمقيمون في ريف حلب.
وكذلك، التقى "المونيتور" نائب رئيس مجلس عفرين المدنيّ عبدو نبهان، الذي قال: "هناك مواقع سياحيّة أخرى في عفرين تتمتّع بجمال طبيعتها، مثل الباسوطة، وهي قرية تقع في أرض منخفضة يخترقها نهر عفرين، وتغطّيها الأشجار المثمرة كالتفّاح والكرز والمشمش. كما أنّها تقع في الجهة الجنوبيّة من مدينة عفرين بمسافة 10 كيلومترات. وأيضاً، في كفر جنّة الواقعة شرق مدينة عفرين هناك أماكن سياحيّة ومرافق ومقاهٍ ومطاعم، بعضها افتتح أبوابه مجدّداً للزوّار والمصطافين. ويشجّع المجلس المحليّ في مدينة عفرين أصحاب المنشآت السياحيّة على إعادة افتتاح منشآتهم لكي يقدّموا الخدمات السياحيّة إلى الناس الذي يأتون إلى المنطقة لقضاء العطلة والتنزّه".
أضاف عبدو نبهان: "إنّ منطقة عفرين تشهد إقبالاً متزايداً من قبل الأهالي في ريف حلب، والذين يقصدون المنتزهات والحدائق وضفاف الأنهار، كونها مناطق جميلة. ونعتقد أنّه في ظلّ تزايد الإقبال على التنزّه وكثافة التجمّعات في مناطق عفرين، ازدادت الحاجة إلى ضرورة توفير الأمن. ولذلك، نحن ننسّق مع قوّات الشرطة والأمن العام في عفرين لضبط الأمن في المنطقة وتشجيع الناس على ارتياد المتنزّهات والأماكن السياحيّة في عفرين".
من جهته، قال مدير مكتب قائد قوّات الشرطة والأمن العام الوطنيّ في عفرين النقيب ياسر لــ"المونيتور" أثناء لقائنا به في عفرين: "نبذل جهوداً كبيرة بهدف حماية المرافق العامّة والسياحيّة والمتنزّهات في المنطقة، ونعمل على توفير الأمن والأمان في المنطقة، ونقوم بتسيير دوريّات مستمرّة في الأماكن السياحيّة لمنع أيّ حالات سرقة أو اعتداء على الزوّار والمتنزّهين. وكذلك، تنتشر حواجزنا على الطرق العامّة التي تصل مدينة عفرين بالأماكن السياحيّة".
وقد أسهمت جهود الشرطة بالتخفيف من هذه الظاهرة الأمنية المقلقة بالنسبة لأهالي عفرين والزوار القادمين إليها، وتعد الشرطة بالقضاء على ظاهرة السرقة وعصابات قطع الطرق خلال الفترة القادمة.
أضاف: "يقصد الكثير من الزوّار منطقة عفرين، التي تكثر فيها المواقع السياحيّة الجميلة، وهم يأتون من شتّى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في الشمال السوريّ، من ريف حلب، ونسعى إلى تأمين تلك المناطق وكلّ أماكن التجمّعات، ليستطيع السكّان قضاء عطلة صيف ممتعة، خصوصاً أنّ تلك المناطق هي متنفّسهم الوحيد".