بالتزامن مع اليوم العالميّ لـ"رفض تشويه الأعضاء التناسليّة للإناث" الموافق في 6 شباط/فبراير، أطلقت 146 منظّمة نسويّة وحقوقيّة مصريّة "قوّة العمل المناهضة لختان الإناث"، في مؤتمر صحافيّ عقد داخل أحد فنادق القاهرة. وذكر بيان للمنظّمات، الإثنين الماضي، أنّ الهدف هو التعاون من أجل تكثيف الجهود وتوحيدها لخلق سياسات وآليّات عمل جديدة من شأنها الحدّ من استمرار جريمة ختان الإناث تجاه الفتيات والنساء في مصر.
تتعرض 9 من كل 10 نساء في مصر للختان، وفقاً للمسح الاقتصادي للعنف القائم على النوع الاجتماعي لعام 2015، الذي أجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فيما تعرّضت نحو 92 في المئة ممّن سبق لهنّ الزواج ما بين الفئة العمريّة 15 و49 عاماً للختان، وفقاً للمسح السكانيّ الصحيّ لعام 2014، ووصلت نسبة عمليّات الختان التي تتمّ بمعرفة أطباء وممرّضين إلى 78.4 في المئة.
ومن أبرز المنظّمات والجمعيّات المشاركة في هذه المجموعة: مركز "تدوين لدراسات النوع الاجتماعيّ"، مؤسّسة "المرأة الجديدة"، مؤسّسة "قضايا المرأة المصريّة"، "المبادرة المصريّة للحقوق الشخصيّة"، "مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونيّة"، مؤسّسة "سالمة لتنمية النساء"، مؤسّسة "القاهرة للتنمية والقانون"، "الإئتلاف المصريّ لحقوق الطفل"، و"الاتّحاد النوعيّ للجمعيّات العاملة لمناهضة الممارسات الضارّة ضدّ المرأة والطفل".
وأشارت مديرة مركز "تدوين لدراسات النوع الاجتماعيّ" ومنسّقة المجموعة أمل فهمي في حديث لـ"المونيتور" إلى أنّ منهجيّة العمل التي اتّبعتها مؤسّسات الدولة خلال السنوات الماضية في سبيل مناهضة ختان الإناث لم تحدث التغيير المطلوب، إذ اعتمدت على تشديد العقوبة القانونيّة من دون وضع آليّة لتطبيقها أو التوعيّة المجتمعيّة على خطورة الختان وتأثيره النفسيّ والجسديّ على الفتيات والنساء، وقالت: إنّ الوضع يزداد سوءاً، إذ وصلت نسبة عمليّات الختان التي تتمّ على يدّ أطباء إلى نحو 80 بالمئة في الوقت الراهن، وفقاً للمؤشّرات التي تصل من الجمعيّات المناهضة للختان.
ويهدف إطلاق "قوّة العمل المناهضة لختان الإناث" إلى الضغط على الحكومة من أجل تغيير منهجيّتها، وتدريس الثقافة الجنسيّة في المدارس، إضافة إلى تنظيم حملات إعلاميّة وتوعويّة لمقاومة تطبيب ختان الإناث، وتطوير خطاب حقوقيّ لمناهضة الختان يشمل حقّ النساء في الصحّة والسلامة الجسديّة والحقوق الجنسيّة والإنجابيّة، وفقاً لأمل فهمي، التي أكّدت أيضاً ضرورة اتّخاذ الدولة إجراءات لتفعيل موادّ تجريم الختان بالقانون حتّى ينال الجناة عقاباً رادعاً يحدّ من انتشار تلك الجريمة، وأوصت بأن تقوم الدولة بتدريب مفتّشي الصحّة ورجال الشرطة والنيابة على رصد جرائم الختان وكيفيّة التعامل معها.
والجدير ذكره أنّه منذ إضافة المادّة 242 لقانون العقوبات والتي تجرّم ختان الإناث عام 2008، وصلت إلى المحاكم فقط قضيّتان: الأولى في عام 2015، حيث قضت محكمة استئناف المنصورة بمعاقبة طبيب بالسجن مع الأشغال الشاقّة لمدّة عامين، وغلق عيادته لمدّة عام، في دعوى وفاة طفلة إثر عمليّة ختان. أمّا القضيّة الثانية فسجّلت في تمّوز/يوليو من عام 2016، حيث أحالت نيابة فيصل بالسويس المتّهمين بالتسبّب في وفاة فتاة أثناء عمليّة ختان على المحاكمة، (الطبيبة وطبيب التخدير ووالدة الضحية) ووجّهت إليهم تهمتيّ القتل الخطأ وجرح أفضى إلى الموت. وفي النهاية، صدر الحكم سنة مع إيقاف التنفيذ.
وأصدر الرئيس عبد الفتّاح السيسي القانون رقم 78 لسنة 2016، الذي قضى بتعديل مادة تجريم ختان الإناث في قانون العقوبات بتشديد عقوبة الختان إلى السجن مدّة لا تقلّ عن 5 سنوات، ولا تتجاوز الـ7 سنوات.
ونصتّ المادّة 242 قبل تعديلها في 2016 على معاقبة من يقوم بختان الإناث بالحبس مدّة لا تقلّ عن 3 أشهر ولا تتجاوز السنتين أو بغرامة لا تقلّ عن 5000 جنيه (282 دولار).
وقال مدير "مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونيّة" رضا الدنبوقي لـ"المونيتور": إنّ قوّة العمل المناهضة للختان ستعمل من أجل الضغط لإجراء تعديل تشريعيّ يقضي بعدم الربط بين المادّة 242 والمادّة 61 من القانون والتي تعدّ باباً خلفيّاً للهروب من عقوبة الختان، إذ تنصّ على ما يلي: "لا عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره".
أضاف: يلجأ محامو الجناة وبعض القضاة المؤيّدين للختان إلى هذه المادّة بدعوى أنّ إجراء عمليّة الختان كان لضرورة طبيّة.
وتابع: لا حاجة إلى تغليظ عقوبة الختان، وإنّما التغيير الحقيقيّ سيحدث حين يتمّ تفعيل القانون وتقوم الدولة بدورها في التفتيش عن المستشفيات ومراكز الصحّة المخالفة وضبط الجناة، إضافة إلى قيامها بالتوعية المجتمعيّة على خطورة تلك الجريمة، التي لا يزال يعتقد الكثيرون من أفراد المجتمع أنّها ضرورة وينسبونها إلى التعاليم الدينية الإسلاميّة ورغم صدور فتوى من دار الإفتاء المصرية بأن الختان حرام ولا علاقة له بالإسلام.
ورأى 70 في المئة من الشباب و57 في المئة من الشابّات أنّ ختان الإناث ضروريّ، وذلك بحسب استطلاع رأي للشباب في مصر أجراه مجلس السكّان الدوليّ في عام 2011.
وأشارت مديرة "مركز قضايا المرأة المصريّة" الحقوقيّة عزّة سليمان إلى أنّ قوّة العمل المناهضة لختان الإناث هي إعادة إحياء لمجموعة عمل مناهضة للختان دشّنتها منظّمات حقوقيّة في عام 1997 للغرض نفسه، ونجحت في إحداث نقلة نوعيّة في الخطاب المطروح لمناهضة الختان باعتباره انتهاكاً وعنفاً ضدّ المرأة، وقالت: إنّ تلك المجموعة أجرت دراسات عن تاريخ الختان، وأثبتت أنّه ليس عادة فرعونيّة أو إسلاميّة، إنّما ممارسة يعود أصلها إلى إفريقيا. وبالتّالي، تمّ إخراجها من الإطار الدينيّ والتعامل معها باعتبارها من العادات والتقاليد التي يجب التوقّف عنها.
أضافت: إنّ تلك المجموعة النشطة توقّفت خلال عام 2003، بعد أن أخذت الجهات الرسميّة على عاتقها ملف مناهضة الختان، ولكن فشلها في إحداث التغيير المطلوب دفع بالمنظّمات والجمعيّات النسويّة إلى أن تقرّر إعادة توحيد جهودها من أجل إحداث فارق حقيقيّ يحمي الفتيات والنساء من الانتهاك النفسيّ والجسديّ الذي يتعرّضن له نتيجة جريمة الختان.