أعرب تنظيم "ولاية سيناء" التابع للدولة الإسلامية داعش عن غضبه من التعاون بين حركة حماس الفلسطينية والمخابرات المصرية في مجال تأمين الحدود المشتركة ومنع تسلل العناصر الجهادية الموالية لولاية سيناء من غزة إلى سيناء أو العكس في أطار التقارب المعلن بين الطرفين عقب أتفاق المصالحة الفلسطينية. غضب ولاية سيناء نتج بعد فقدان التنظيم للمساحات التي كان يستخدمها في غزة لتدريب بعض عناصره الغزيين، وتوقف الدعم المالي واللوجستي القائم على التهريب.
من أبرز محاولات ولاية سيناء لإفشال المصالحة الفلسطينية؛ محاولة اغتيال اللواء توفيق أبو نعيم، قائد الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، واحد من أهم القادة المؤثرين داخل حماس، بواسطة عبوة ناسفة وضعت في سيارته 27 أكتوبر 2017، من أحد العناصر الجهادية الموالية لتنظيم ولاية سيناء داخل غزة؛ وفقاً لتحقيقات أمنية فلسطينية في غزة، أطلعت عليها المخابرات المصرية، بحسب تأكيد أحد شيوخ قبائل سيناء العاملين مع المخابرات المصريّة، والذي فضّل عدم الكشف عن هويّته لتداعيات أمنيّة في حديثه لـ"المونيتور".
ويقول الشيخ أن محاولة اغتيال اللواء أبو نعيم، نتيجة جهوده المكثفة في أغلاق الحدود ومنع تسلل العناصر الموالية لولاية سيناء من سيناء إلى غزة والعكس، وأغلاق ساحات التدريب المخصصة للجهاديين المتطرفين في غزة والقبض على المشتبه في تواصلهم مع ولاية سيناء.
ويرى الشيخ؛ إنّ من الأوراق التي يحاول تنظيم ولاية سيناء الإرهابيّ ًالتأثير من خلالها على ملف المصالحة الفلسطينيّة، الضغط في أتجاه ابقاء معبر رفح مغلقاً من خلال تنفيذ عمليّات إرهابيّة وتكثيف زرع العبوات الناسفة على الطريق المصريّ الدوليّ الواصل بمعبر رفح البريّ مع قطاع غزّة، في محاولة لعرقلة فتح المعبر أمام الحالات الإنسانيّة والمسافرين من غزّة إلى مصر والعالم، لتداعيات أمنيّة وصعوبة تأمين الطريق والمسافرين".
تجدر الإشارة إلى أن المعبر مازال مغلقاً رغماً عن الاتفاق بإعادة افتتاحه بتاريخ اليوم 15 نوفمبر وفقاً لشروط المصالحة.
وأضاف الشيخ قائلاً: "إنّ معبر رفح هو من أهمّ الضمانات المصريّة لتحقيق المصالحة الفلسطينيّة، لأنّه يمثّل شريان الحياة أمام أهالي غزّة، وينهي عمل أنفاق التهريب، التي تمثل عائقاً حسّاساً في الملف الأمنيّ الملتهب بين مصر وحماس. وبالنّسبة إلى أهالي غزّة، إذا لم يفتح معبر رفح فلا فائدة بالنّسبة إليهم من المصالحة، وسيستمرّ الاحتقان بينهم وبين كلّ من حماس والسلطة الفلسطينيّة، وكذلك مصر".
وإنّ المحاولات الأخيرة لإرهابيّي ولاية سيناء التأثير على فتح معبر رفح كانت في 15 تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2017 عندما أعلنت الحكومة المصريّة فتح معبر رفح بشكل استثنائيّ لمدّة 4 أيّام أمام الحالات الإنسانيّة والعالقين في قطاع غزّة، إلاّ أنّه تمّ تأجيل فتح المعبر إلى وقت لاحق، نتيجة استهداف ولاية سيناء إحدى النقاط العسكريّة المصريّة المخصّصة لتأمين الطريق الدوليّ الواصل بمعبر رفح، في منطقة القواديس بالشيخ زويد، والذي أسفر عن استشهاد 6 عسكريّين.
وفي سياق متّصل، أكّد شهود عيان من سكّان مدينة الشيخ زويد لـ"المونيتور" إنشاء إرهابيّي ولاية سيناء نقاط تفتيش متحرّكة في الطرق الصحراويّة والالتفافيّة بهدف اعتراض مهرّبي البضائع إلى الأنفاق، مؤكّدين حرق ولاية سيناء لعدد من سيّارات البضائع في الأسابيع الماضية، وتوزيع بيانات تهدّد كلّ من يحاول تهريب بضائع إلى غزّة من شأنها مساعدة، ما أسموه، استمرار حكومة "حماس" الكافرة في الحكم ومحاربة شرع الله، على حدّ ما جاء في بياناتهم التهديديّة.
ورغم أنّ اتهامات الحكومة المصريّة تتّجه نحو الأنفاق الحدوديّة مع غزّة، كسبب رئيسيّ في إمداد الإرهاب وتفاقم الأمن في سيناء، إلاّ أنّ ولاية سيناء الإرهابيّة اليوم تشارك في محاربة أنفاق غزّة.
ولفهم هذا التناقض وتحليله، قال أحد الباحثين في شؤون سيناء والجماعات المسلّحة، والذي فضّل عدم الكشف عن هويته، في حديث لـ"المونيتور": "إن الأنفاق كانت ملعباً خلفيّاً لتنظيم ولاية سيناء من حيث توفير الدعمين اللوجستيّ والماليّ، وتسلّل مصابي ولاية سيناء للعلاج في غزّة. من جهة أخرى، العلاقة بين حماس والفكر السلفيّ الجهاديّ هي علاقة عدائيّة، فكلّ منهما يكفّر الآخر".
وأضاف الباحث أن "حماس كانت تتغاضى قبل إعلان التقارب والتفاهم مع مصر، عن تسلل الأنشطة الجهادية المتطرفة بين غزة وسيناء من خلال الأنفاق التي تقع تحت إدارتها بهدف التفاوض مع الحكومة المصرية على رفع الحصار وفتح المعابر مع قطاع غزة، مقابل المساعدة في التخلص من الأيديولوجيات المتطرفة التي تنتقل من غزة إلى سيناء والعكس".
ورأى الباحث أنّه منذ بدء إجراءات التقارب والتفاهم بين "حماس" والمخابرات المصريّة التي بدأت في عام 2016، اتّجهت "حماس" لمحاولة إحكام سيطرتها على الحدود ومنع تسلّل المتطرّفين إلى سيناء، فيما أشعل ذلك الحرب المعلنة من ولاية سيناء على حركة "حماس" وإصدار بيانات التكفير، بجانب منع المهرّبين بالقوّة من تهريب البضائع والموادّ الغذائيّة من مصر إلى غزّة عبر الأنفاق.
وفي 17 آب/أغسطس من عام 2017، حاول عنصران جهاديّان من غزّة التسلّل عبر الأنفاق للانضمام إلى ولاية سيناء، إلاّ أنّ قوّة من "حماس" اعترضتهما. وعند محاولة اعتقالهما، فجّر أحدهما حزاماً ناسفاً كان في حوزته في جنود "حماس"، الأمر الذي أدّى إلى مصرعه ومصرع آخر من "حماس" وإصابة آخرين.
ولفت الباحث إلى أنّ ولاية سيناء تحاول استخدام أوراق مؤثّرة لإفشال المصالحة الفلسطينيّة وإحراج "حماس" أمام الرأي العام المصريّ والفلسطينيّ، موضحاً أنّ من أبرز الأوراق المؤثّرة في الرأي العام المصريّ الكشف عن أسماء وصور مقاتلين في ولاية سيناء كانوا قبل أشهر ضمن قوّات النخبة في صفوف كتائب القسّام الجناح العسكريّ لحركة "حماس". وفي ما يخصّ الرأي العام الفلسطينيّ، فهي تظهر حكومة "حماس" بالحكومة غير القادرة على فتح معبر رفح أمام الفلسطينيّين وغير القادرة على تلبية مستلزماتهم الغذائيّة والحياتيّة التي كانت تصلهم عبر الأنفاق كمنفذ غير شرعيّ منذ حصار غزّة، المتسبّب فيه وصول "حماس" إلى سدّة الحكم في عام 2007.
ورأى الباحث أنّ تنظيم ولاية سيناء يحاول خلق انقسام وتفكيك حركة "حماس" بواسطة تكثيف الخطابات المؤثّرة بمقاتلي القسّام، عبر "تويتر" والمواقع والمنتديات الإلكترونيّة، وقال: إنّ نوعيّة الخطاب قد تؤثّر في بعض أعضاء "حماس"، خصوصاً أنّها تعبويّة تجاه إسرائيل، مثلاً إنّ حماس تمنع المجاهدين من إطلاق الصواريخ من غزّة باتجاه إسرائيل، وتطبّق القوانين الكفريّة وليس الشريعة، وتعقد اتفاقات مع الجيش المصريّ الذي يحافظ على أمن إسرائيل ويحارب المجاهدين، بحسب بياناتهم.