تسعى إدارة دونالد ترامب جاهدة من أجل الحصول على موافقة الكونغرس لبناء منشآت جديدة "مؤقتة" في العراق وسوريا في إطار الحملة التي تقودها الولايات المتحدة للقضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية".
يشير البيت الأبيض، في بيان عن السياسات صدر ليل الثلاثاء، إلى أن القوات الأميركية مكبّلة بالقيود القانونية التي تشكّل عائقاً أمام قدرتها على توسيع البنى التحتية العسكرية الأميركية "في العراق وسوريا على السواء". تريد الإدارة الأميركية من المشترعين توسيع السلطات المعمول بها راهناً والتي تغطّي فقط "تصليح وترميم" المنشآت، كي تشتمل أيضاً على "إقامة منشآت وسيطة مؤقتة، ونقاط للإمداد بالذخائر، ومناطق تجميع على أن تحظى بالحماية المناسبة من جانب القوات العسكرية".
وجاء في البيان: "سوف تتيح هذه المنشآت ونقاط التموين ومناطق التجميع مطاردة [الدولة الإسلامية] وصولاً إلى وادي نهر الفرات، والمساعدة على تحسين الأمن عند الحدود العراقية"، مضيفاً: "تفرض السلطات المعمول بها راهناً... قيوداً شديدة على قدرة التحالف على المناورة والإمكانات المتاحة له للاستجابة سريعاً لظروف العمليات المتغيِّرة".
يوجّه "بيان سياسة الإدارة" الصادر يوم الثلاثاء، والذي يستخدمه البيت الأبيض لعرض آرائه عن التشريعات المطروحة التي تنتظر إقرارها، انتقادات شديدة للجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب لعدم قيامها بإدراج التغييرات في مشروع قانون إقرار الدفاع الوطني السنوي الذي أصدرته الشهر الماضي، على الرغم من أنه ليس واضحاً إذا كان المشترعون قد تلقّوا الطلب من البنتاغون في الوقت المناسب. غير أن مشروع القانون الذي نشرته لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ هذا الأسبوع، يشتمل على التغييرات المطلوبة. وقد بدأ مجلس النواب يوم الأربعاء مداولاته لمناقشته.
من شأن المرونة المضافة أن تتيح لوزارة الدفاع اتخاذ موقع هجومي لاجتثاث الملاذات الآمنة التابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا، بحسب كوري زولي، مدير الأبحاث في معهد الأمن القومي ومكافحة الإرهاب في جامعة سيراكوز.
قال زولي لموقع "المونيتور": "يبدو لي أنهم يحاولون تعزيز قدرتهم على المناورة والتحرك لإنشاء بعض البنى التحتية من أجل تعزيز القدرات القتالية أبعد من الرقة وسوريا"، مضيفاً: "إنها محاولة لإقامة بنية متحرّكة في المشرق بغية مطاردة [الدولة الإسلامية] وجهودها الآيلة إلى إنشاء دول خلافة مصغّرة في المنطقة".
تابع زولي أن وزير الدفاع جايمس ماتيس "يدرس بعض الخطوات للمرحلة المقبلة. يريد تحقيق السلام، وبسط الاستقرار في المنطقة، وممارسة ضغوط عسكرية على إيران. ومن الأفضل بالتأكيد أن تتوافر له اللوجستيات اللازمة للقيام بذلك".
بيد أن المنتقدين يقولون إن هذا المجهود قد يجرّ الولايات المتحدة أكثر فأكثر إلى أتون الحرب الأهلية المعقّدة في سوريا، حتى فيما يستمر الكونغرس في ممانعته لإطلاق نقاش شامل حول تحديث الشروط والأحكام التي وُضِعت في العام 2001 لمنح الموافقة على استخدام القوة، والتي تبقى التبرير القانوني الأساسي للتدخل الأميركي في المنطقة.
قالت كايت غولد، العضو الأول في حملات اللوبي من أجل الشرق الأوسط في "لجنة أصدقاء التشريعات الوطنية" في "مجموعة كوايكر": "المقلق هو ما تجسّده هذه المسألة في المشهد الأوسع"، مضيفةً: "تعمد الولايات المتحدة إلى إسقاط طائرات حربية سورية وطائرات من دون طيار إيرانية الصنع، وتشنّ هجمات بواسطة صواريخ كروز. سوف يتيح لهم ذلك إقامة تلك المنشآت وترسيخ الوجود العسكري الأميركي في سوريا في هذه الحرب التي يتدخلون فيها بطريقة غير مشروعة".
يأتي بيان البيت الأبيض فيما يسعى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق وسوريا إلى تسريع وتيرة العمليات العكسرية ضد "الدولة الإسلامية". قال اللفتنت جنرال الأميركي ستيفن تاونسند الذي يتولى قيادة هذا المجهود، في مطلع هذا الأسبوع، إنه يُتوقَّع الآن أن تتوسّع الحملة نحو وادي نهر الفرات بعدما استعادت القوات العراقية السيطرة على الموصل الأسبوع الماضي. لقد أقرّ تاونسند إنه من شأن حضور متواصل للقوات العسكرية الأميركية في المنطقة أن يشتمل على استخدام منشآت مؤقتة تتم إقامتها لأغراض محددة، مثل المنشآت التي اقترحتها الإدارة الأميركية، لكنها تستند في معظمها إلى القواعد العسكرية القائمة.
في حين اعتبر مسؤولون في البنتاغون، في تصاريح علنية، أنه ليست هناك حاجة كبيرة إلى مزيد من المواقع العسكرية في العراق وسوريا، من شأن هذه الخطوة أن تحمل في طياتها تحولاً بالمقارنة مع قوانين إقرار الدفاع الوطني المعتمدة على امتداد عقد من الزمن تقريباً. فقد سعت تلك القوانين إلى حد كبير إلى الابتعاد عن اللغة المرتبطة ببناء الأمة، وإلى فرض حدود على التدخلات العسكرية في الخارج بعد رد الفعل المناوئ بشدّة للحرب في العراق الذي عبّر عنه الرأي العام.
يُشار إلى أن مشروع قانون إقرار الدفاع الوطني الذي وقّعه الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش في العام 2008، عمل أولاً على الحد من التمويل للقواعد الدائمة في العراق إبان توقيع اتفاقية ثنائية عن وضع القوات، والتي نصّت على سحب القوات الأميركية بحلول العام 2011. وقد جدّد الكونغرس التأكيد على تلك القيود في مشروع قانون إقرار الدفاع الوطني في العام 2012 ومن ثم في العام 2015، مُجيزاً بعض الصلاحيات لتنفيذ عمليات من أجل بسط الاستقرار، لكنه أبقى على القيود المفروضة على القواعد الدائمة.