القاهرة - بخسائر تصل إلى 20 ملايين جنيه سنويّاً "1 مليون دولار" وبترتيب يتجاوز 330 عالميّاً وهو عدد حدائق الحيوان الأعضاء في الإتحاد الدولي لحدائق الحيوان والتي خرجت مصر منه عام 2004 ، بعد أن كانت الثالثة عالميّاً خلال عام 1993، تدهورت حالة حديقة الحيوان في الجيزة، التي أنشئت خلال عام 1891 والتي أمر بإنشائها الخديوي إسماعيل وافتتحت في عهد الخديوي توفيق.
على مساحة 80 فدّاناً، وتضمّ ما يقارب الـ6000 آلاف حيوان منها فصائل نادرة، ليلوح في الأفق عرض قيمته 10 ملايين جنيه سنويّاً أيّ "نصف مليون دولار"، مقابل استئجار الحديقة سنويّاً، وقدّمه أشهر مربّي الحيوانات في مصر صلاح طلبة الشهير بـ"أفريكانو طلبة"، لوزارة الزراعة المصرية مقابل إدارة الحديقة التي تديرها الإدارة المركزية لحدائق الحيوان وذلك في 28 يونيو الماضي
لقد أثار العرض المقدّم من صلاح طلبة في وسائل الإعلام ردود فعل متباينة بين مرحّب بالقطاع الخاص مثل نواب البرلمان ومنهم عثمان منتصر الذي يحسّن استغلال الموارد ولديه القدرة علي تطوير تلك الحدائق، ورافض رأى أنّ ذلك يضيف مسئولي وزارة الزراعي مزيداً من الأعباء الماديّة على الأسر المصريّة البسيطة، لأنّ القطاع الخاص يهدف إلى تعظيم الأرباح من دون النظر إلى البعد الإجتماعيّ.
وعن هذا الشأن، قال طلبة لـ"المونيتور": إنّ أيّ مقترح للتطوير بدلاً من مناقشته والوقوف على سلبيّاته وإيجابيّاته يقابل من المسؤولين بالخصومة والمكايدة، ففور إعلانيّ نيّتي التقدّم بعرض إلى وزارة الزراعة من أجل استئجار حديقة الحيوان، تمّ تنظيم حملات من قبل الوزارة على حدائقي الخاصّة، وأصبحت مهدّدة بالإغلاق.
وأوضح أنّ حديقة حيوان الجيزة خرجت من الإتّحاد الدوليّ لحدائق الحيوان في عام 2004، بسبب تفاقم مشكلات عدّة فيها، منها انبعاث الروائح الكريهة، نظراً لسوء النظافة وعدم تدوير مخلّفات الحديقة، وكذلك تعطّل موتورات ضخّ المياه في البحيرات الصناعيّة، وصغر حجم مبيتات الحيوانات بما لا يتناسب مع نوعها وطبيعتها، وسوء تغذية الحيوانات حتّى أنّ بعضها أقدم على الانتحار لهذا السبب، وسوء الرعاية الطبيّة إذ يوجد 19 طبيباً فقط لرعاية الحيوانات، وكذلك سوء حالة دورات المياه، وتدنّي أجور العمّال في الحديقة، وانتشار الباعة المتجوّلين من دون أيّ رقابة.
وأكّد طلبة أنّ مقترحه لاستئجار الحديقة يهدف إلى تطويرها وإعادتها إلى سابق عهدها مقابل 10 ملايين جنيه سنويّاً أيّ "نصف مليون دولار" تمنح إلى وزارة الزراعة، وسيتكفّل كمستثمر بكلّ نفقاتها من أجور العاملين وطعام الحيوانات وصيانة كلّ مرافقها، إضافة إلى الرعاية الصحيّة. كما ستحصل الحديقة على 25 في المئة من تكاثر الحيوانات وسيتمّ تصدير المتبقّي لشراء الحيوانات غير الموجودة فيها. وسيتحمّل أيضاً كلّ التكاليف الاستثماريّة الخاصّة بإنشاء قطار طائر لتنظيم جولات في الحديقة وتركيب موتورات مياه جديدة للبحيرات الصناعيّة ووضع أسماك زينة في داخلها.
وأشار إلى أنّه سيوفّر التمويل اللاّزم للتطوير عن طريق إقامة اشتراك سنويّ للعضو قيمته 100 جنيه "5 دولار"، والمستهدف 10 ملايين مواطن، أيّ أنّ الإيراد المستهدف من الحديقة 100 مليون جنيه سنويّاً "5 مليون دولار" بخلاف الخدمات المقدّمة داخل الحديقة من خدمة القطار الطائر وإقامة مطاعم للعائلات بالقرب من بيوت الحيوانات لتناول المأكولات، بحدّ أدنى يبلغ 300 جنيه "15 دولار".
وبدوره، قال أمين سرّ لجنة الزراعة في مجلس النوّاب النائب عثمان المنتصر لـ"المونيتور": إنّ دخول القطاع الخاص في تطوير حدائق الحيوان أصبح ضرورة بعد عقود من الإهمال الحكوميّ لها وقصور الفكر في تطويرها وتزويدها بنظم ترفيه متطوّرة تجعل منها مزاراً سياحيّاً عالميّاً طوال أيّام السنة، وليس فقط مزاراً محليّاً في الأعياد والمواسم للمصريّين.
وأوضح أنّ مساحة الحديقة التي تبلغ 80 فدّاناً تسمح بحفر بحيرات صناعيّة جديدة وإدخال سلالات جديدة من النباتات والأشجار، وإقامة منطقة مطاعم مفتوحة في تلك البيئة الجذّابة مع وضع الضوابط اللاّزمة لحماية محدودي الدخل بتقسيم أسعار الخدمات داخل الحديقة.
أمّا رئيس الإدارة المركزيّة لحدائق الحيوان الدكتور محمّد رجائي فرفض المقترح قائلاً لـ"المونيتور": من غير المقبول أن نترك الأمر لغير المتخصّصين ولأفراد وعائلات تخصّصت في تهريب الحيوانات وتستقبل حدائقها الخاصّة الأثرياء مقابل رسوم دخول بالسيّارات تصل إلى 400 جنيه " 20 دولار"، في الوقت الذي توفر فيه حديقة الحيوان لزائريها الخدمة مقابل 5 جنيهات "ربع دولار".
أضاف: لا صحّة لتحقيق الحديقة خسائر تصل إلى 20 ملايين جنيه " 1 مليون دولار "في العام الماضي، بل حقّقت 7 ملايين جنيه صافي ربح. "350 ألف دولار " كما أنّ الحديقة هي عضو في الإتّحاد الإفريقيّ لحدائق الحيوان وتلتزم بمعاييره كافّة.
وأشار إلى أنّ الحديقة نالت في أيّار/مايو الماضي إعجاب مديرة مركز الأبحاث في حديقة حيوان "بريتوريا" بجنوب إفريقيا الخبيرة Antoinette Kotze وإشادتها، نتيجة الجهود المبذولة فيها والحفاظ على الحيوانات البريّة والمهدّدة بالانقراض، وقال: إنّ حدائق الحيوان ترحّب بالتعاون مع المتخصّصين من أهل الخبرة والعلم لتطويرها، وفقاً لأسلوب علميّ يعرض على لجان متخصّصة، وليس عن طريق مقترحات تهدف إلى الفرقعة الإعلاميّة وإلقاء الحجارة على المؤسّسات الحكوميّة التي تخضع إلى رقابة أجهزة رقابيّة عدّة، منها الجهاز المركزيّ للمحاسبات، من دون أيّ سند قانونيّ.
من جهته، قال المتحدّث باسم وزارة الزراعة الدكتور حامد عبد الدايم لـ"المونيتور": "إنّ حديقة الحيوان في الجيزة مثلها مثل مؤسّسات عدّة في مصر أصابها الإهمال، ونتجت منها مشاكل تمّ تداركها في الوقت الحاليّ ومعالجتها، ومنها تطوير النظافة العامّة عن طريق إعادة تدوير مخلّفات الحديقة وتركيب موتورات مياه متجدّدة للبحيرات للقضاء على الروائح الكريهة وتركيب مقاعد خشبيّة حضاريّة لمنع افتراش الزائرين الأرض والجلوس بشكل غير حضاريّ، وإقامة مدينة ملاهي مزوّدة بأحدث الألعاب الكهربائيّة، إضافة إلى إقامة 4 نوافير حديثة".
أضاف: "إنّ الحيوانات كانت تعاني من أمراض سوء التغذية، نتيجة فساد مسؤولين سابقين، وتمّ إحكام الرقابة على المخصّصات الموجّهة لتغذية الحيوانات. كما تمّ اتباع وسائل علميّة لزيادة التكاثر أسفرت عن زيادة في المولودات بنسبة 40 في المئة وبعض الطيور 100 في المئة. وتمّ استثمار الزيادة في التبادل مع حدائق حيوان أخرى كالصين والهند للتغلّب على نقص التمويل في شراء الحيوانات. وكذلك، تمّ تطوير مبيت الحيوانات بنماذج محاكاة لبيئتها الطبيعيّة. وللمرّة الأولى، تمّ إنشاء قاعدة بيانات خاصّة بحيوانات الحديقة من حيث الأنواع والأعداد والأعمار والتزاوج".
واستبعد حامد عبد الدايم قبول الوزارة بدخول القطاع الخاص في تطوير حدائق الحيوان في مصر، لأنّ هذا القطاع يهدف إلى الربح، فيما تقوم الدولة بدورها الإجتماعيّ نحو الأسر المصريّة البسيطة بتوفير متنزّهات منخفضة الكلفة، مؤكّداً أنّ مصر تتّجه بقوّة نحو عودة حديقة حيوان الجيزة إلى الإتّحاد الدوليّ لحدائق الحيوان بعد الانتهاء من تطوير بيتي الفيلة والسباع.