تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

تقديم مساعدات بقيمة مليار دولار إلى اليمن يواجه صعوبات

تعهّد الشركاء الدوليون بتقديم مساعدات إنسانية تفوق قيمتها مليار دولار إلى اليمن، لكن القدرة على تسليمها مسألة مختلفة.
People infected with cholera lie on beds at a hospital in the Red Sea port city of Hodeidah, Yemen May 14, 2017. REUTERS/Abduljabbar Zeyad - RTX35S5M

في نيسان/أبريل الماضي، تعهّد المانحون بتقديم مساعدات تفوق قيمتها مليار دولار لتمويل الجهود الإنسانية في اليمن. نظّمت الأمم المتحدة والسويد وسويسرا "الفعاليات الرفيعة المستوى لإعلان التعهدات للأزمة الإنسانية في اليمن" بهدف جمع الأموال لتمويل خطة الاستجابة التي وضعها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

نُظِّمت الفعاليات، التي انعقدت في 25 نيسان/أبريل في جنيف، بعد أكثر من عامَين على اندلاع الحرب الأهلية في اليمن – الذي هو من أفقر البلدان في الشرق الأوسط، إن لم يكن الأفقر بينها – وانطلاق تدخّل عسكري بقيادة السعودية والإمارات العربية المتحدة. بحسب تقديرات وضعتها الأمم المتحدة في نيسان/أبريل الماضي، يحتاج نحو 19 مليون يمني إلى دعم طارئ، ويعاني نحو سبعة ملايين منهم من انعدام شديد للأمن الغذائي، في وضعٍ يمكن تصنيفه بأنه المجاعة الأسوأ من صنع الإنسان التي تضرب العالم في الوقت الحالي.

تزامنت فعاليات إعلان التعهدات في جنيف مع تفشّي الموجة الثانية من وباء الكوليرا، بعدما كانت الموجة الأولى قد انتشرت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. مع الاشتباه بأكثر من أربعين ألف إصابة في أربعة أسابيع فقط، من الواضح أن المعونات باتت تشكّل الآن حاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لمساعدة اليمنيين على البقاء على قيد الحياة في الحرب الأكثر همجية في تاريخهم الحديث. ليس واضحاً بعد إذا كانت المساعدات التي جرى التعهّد بتقديمها، سوف تفيد فعلاً اليمنيين المعوزين أو إذا كانت ستقع في الأيادي الخطأ.

نظراً إلى الفوضى العارمة في البلاد، نكون مفرطين في التفاؤل إذا توقّعنا تطبيق آلية شفافة مئة في المئة لتسليم المساعدات. تؤشّر الأوضاع السياسية والعسكرية الراهنة إلى آفاق قاتمة في ما يتعلق بتسليم المساعدات في البلاد التي تمزّقها الحرب.

يُبدي التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، منذ فترة، رغبته في نقل القتال الدائر حالياً في الساحل الغربي إلى مدينة الحديدة المرفئية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بعدما تمت استعادة السيطرة على ميناء المخا، على بعد نحو 112 ميلاً من الحديدة، في شباط/فبراير الماضي. من شأن هذه الخطوة أن تتسبّب بتداعيات كارثية، لأنها ستؤدّي على الأرجح إلى منع الوصول إلى ميناء الحديدة بصورة كاملة أو جزئية، مع الإشارة إلى أن هذا الميناء يستقبل 70 في المئة من واردات البلاد، ونسبةً تصل إلى 80 في المئة من المساعدات الإنسانية.

يعمل الميناء منذ أشهر بقدرة استيعابية متدنّية جداً بسبب توقّف التحالف عن إصدار تصاريح مرور لبعض المراكب، أو إبلاغ المراكب المتمركزة في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف بعدم التقدّم باتجاه الحديدة بانتظار استتباب الأوضاع هناك. هذا فضلاً عن أن غياب الاستقرار على طول ساحل البحر الأحمر في اليمن جعل المراكب التجارية تتردّد في تفريغ حمولتها في الحديدة. يبقى ميناء الحديدة واحداً من أكبر مرفئَين في البلاد، والمرفأ الثاني هو عدن. يخدم مرفأ الحديدة نحو ثلث سكان اليمن الذين يعيشون حالياً في مناطق خاضعة لسيطرة الثوار الحوثيين. مما لا شك فيه أن إغلاقه سوف يتسبب بتبطيء، لا بل بعرقلة شديدة لأي عملية لتسليم المساعدات. تترافق البدائل المقترحة عن ميناء الحديدة، مثل نقل المساعدات إلى مدينة مأرب أو عن طريق عدن، مع تحديات كبيرة، كونها غير مجهّزة كما يجب للحلول مكان ميناء الحديدة. ببساطة، لا يمكن زيادة القدرة الاستيعابية لميناء عدن، الذي يستقبل نحو 20 في المئة من مجموع الصادرات، بين ليلة وضحاها بنسبة 500 في المئة ليستقبل نحو مئة في المئة من الواردات والمساعدات الإنسانية التي تدخل إلى البلاد. كما أن القدرة الاستيعابية لميناء المكلا متدنّية، فهو لا يستقبل سوى المراكب الصغيرة. تضم مدينة مأرب، في وسط البلاد، مطاراً عسكرياً محلياً، لكنها تفتقر بالتأكيد إلى القدرة على استلام شحنات كبيرة من المساعدات.

من شأن اللجوء إلى عدن ومأرب كبديلَين عن الحديدة أن يزيد من كلفة نقل المواد الغذائية والأدوية، نظراً إلى أن الحوثيين يفرضون تعرفات إضافية على السلع التي تعبر من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترَف بها دولياً، إلى جانب الضرائب التي تقوم بتحصيلها تلك الحكومة، ما يُلقي بمزيد من الأعباء على كاهل المواطن العادي.

من التحدّيات الأخرى المطروحة على تسليم المساعدات الموعودة بطريقة منصفة تَخطّي الخلافات السياسية بين قوى الأمر الواقع التي تتحكّم بالبلاد. يمكن أن يتسبّب الاستقطاب السياسي والإقليمي بتعقيدات تعترض عمل المنظمات غير الحكومية الدولية، والأهم من ذلك، المحلية في المناطق الخاضعة لسيطرة الأفرقاء المتناحرين المختلفين.

بعد أقل من عام على قيام الحلف المؤلَّف من الرئيس السابق علي عبدالله صالح والحوثيين بتشكيل المجلس السياسي الأعلى لحكم المناطق الخاضعة لسيطرة قواتهما، ازداد الاستقطاب الإقليمي في 11 أيار/مايو مع تشكيل المجلس السياسي الانتقالي في جنوب البلاد بدعم من الإمارات العربية المتحدة. وقد أعلن مؤسّس المجلس ورئيسه، عيدروس الزبيدي، محافظ عدن الذي أقيل من منصبه مؤخراً، أن مهمة المجلس هي حكم مناطق جنوب اليمن الذي كان يُعرَف سابقاً بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. وقد اعتُبِرت هذه الخطوة على نطاق واسع بأنها تحرّك انفصالي من جانب القادة العسكريين الذين يفرضون سيطرتهم بحكم الأمر الواقع في الجنوب. يرتدي هذا التطور أهمية كبيرة في ما يتعلق بالوضع الإنساني.

سوف يتمتع المجلس الجنوبي – في حال تمكّنه من السيطرة على جميع الأراضي التي كانت تابعة سابقاً لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية – بالسيطرة على عدد من الموانئ البحرية التي سترتدي أهمية أساسية في مجال تسليم المساعدات، لا سيما إذا تعذّر الوصول إلى ميناء الحديدة بسبب العمليات التي يشنّها التحالف ضد حلف الحوثي-صالح. لا يُعرَف بعد ما هو موقف المجلس الانتقالي في الجنوب من ضمان عبور آمن للمساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين انطلاقاً من الموانئ البحرية الخاضعة لسيطرة المجلس، مثل مرفئَي عدن والمكلا.

كما أشرنا آنفاً، الهدف من المساعدات التي تم التعهد بتقديمها هو تمويل خطة الاستجابة الإنسانية التي وضعها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، والتي تنفّذها منظمات إغاثة دولية ومجموعات محلية تعمل معها عن كثب. من الواضح أنه لا يُراد للمساعدات أن تمرّ عبر الحكومة المعترَف بها دولياً التي تواجه اتهامات بالفساد في الوقت الراهن. يقدّم تاريخ الفساد الطويل في اليمن وتصنيفه المتدنّي في مؤشرات الفساد – مثل تصنيفه في المرتبة 170 من أصل 176 في "مؤشر مدركات الفساد" لعام 2016 الذي تضعه منظمة الشفافية الدولية – أسساً مشروعة للمانحين كي يفرضوا حدوداً على نقل المساعدات إلى المنظمات غير الحكومية التي يمكن أن تكون معرَّضة للتدخل من الحكومة.

من الأهمية بمكان أن يتحلّى جميع الأفرقاء المعنيين في هذا النزاع بإرادة أكبر لضمان علميلة أكثر فاعلية وشفافية في تسليم المساعدات. وإلا، مهما ارتفعت قيمة التعهدات، يواجه المانحون خطر عدم وصول المساعدات إلى مَن هم بأمس الحاجة إليها.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

Text Alerts - Be the first to get breaking news, exclusives, and PRO content.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial