تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

جبهة البوليساريو تسعى لإبقاء نزاع الصحراء الغربية في دائرة الضوء

يحاول المغرب من خلال الإنسحاب من المنطقة المحايدة في الصحراء الغربية كسب ود الأمين العام الجديد للأمم المتحدة وصرف الأنظار بعيداً عن الصحراء الغربية بعد المواجهات الأخيرة.
The Polisario Front soldiers drive a pick-up truck mounted with an anti-aircraft weapon during sunset in Bir Lahlou, Western Sahara, September 9, 2016. REUTERS/Zohra Bensemra          SEARCH ìPOLISARIOî FOR THIS STORY. SEARCH "WIDER IMAGE" FOR ALL STORIES.     - RTX2RO75

بعد مواجهات إستمرت لعدة أشهر، وافق المغرب على الانسحاب من المنطقة المحايدة في الصحراء الغربية فيما رفض مقاتلو الصحراء الغربية هذه الخطوة ووصفوها بأنها "ذر للرماد في العيون" تهدف إلى الحد من الدعاية السلبية للمغرب ومحاولة من المملكة لإسترضاء الأمم المتحدة.

وتريد جبهة البوليساريو، وهي حركة تسعى لتحرير الصحراء الغربية مما تتعتبره إستعماراً مغربياً، إبقاء النزاع محط أنظار الرأي العام فلم تسحب قواتها من المنطقة العازلة في قرية الكركرات في أقصى جنوب غرب الصحراء الغربية بالقرب من الحدود مع موريتانيا.

قام المغرب بضم أراضي الصحراء الغربية عام 1975 بعد انسحاب اسبانيا من المنطقة، على رغم من معارضة جبهة البوليساريو التي شنّت على إثر ذلك حرب عصابات والتي تطالب منذ عام 1991 بحق تقرير المصير عن طريق إجراء استفتاء شعبي في الصحراء الغربية، غير أن المغرب يرفض أي قرار ينطوي على إعطاء الإستقلال للصحراء الغربية.

وسعى كل جانب إلى الحصول على الدعم من مجلس الأمن الدولي وتم عقد العديد من جلسات التفاوض في مقر الأمم المتحدة من دون التوصل إلى أي حل للأزمة. لكن المواجهات في الكركرات سلطت أضواء الساحة الدولية على قضية الصحراء الغربية التي أصبحت تًعتبر على أنها تشكل تهديداً للأمن الإقليمي.

في آب/ أغسطس 2016، أصبحت الكركرات الشاغل الرئيسي لمجلس الأمن الدولي الذي دعا كلا الجانبين للعودة إلى طاولة المفاوضات والعمل على إيجاد حل دائم بشأن منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها. وبدأ التوتر بعد قيام القوات المغربية بتجاوز الجدار العسكري من منطقة الكركرات، ثلاثة أميال من المحيط الأطلسي، مما دفع بجبهة البوليساريو لإرسال قواتها للتصدي للجيش المغربي، فتمركز كل من الطرفين على بعد 200 ياردة من بعضهما البعض.

بعد فترة وجيزة من تولي أنطونيو جوتيريس منصب الأمين العام الجديد للأمم المتحدة إعتباراً من 1 كانون الثاني / يناير، رأى المغرب فرصة لضرب عصفورين بحجر واحد. فتوصلت المملكة المغربية إلى إتفاق مع الأمم المتحدة وأعلنت في 26 شباط/ فبراير انسحابها العسكري من الكركرات. أشاد المتحدث باسم غوتيريس، ستيفان دوجاريك بهذه الخطوة مؤكداَ في مؤتمر صحفي أن الأمم المتحدة "ترحب ... بهذه الخطوة الإيجابية".

كذلك أثنت فرنسا على قرار المغرب وودعت كافة الأطراف إلى التصرف بمسؤولية وسحب كافة العناصر المسلحة المتواجدة في المنطقة فوراً ودون قيد أو شرط، فيما دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال إلى العودة بالنزاع إلى الوضعية السابقة.

غير أن جبهة البوليساريو لا تريد العودة إلى الوضعية السابقة، فهو أمر تحاربه منذ عشرات السنين. المحافظة على استقرار الصحراء الغربية فيما يبقى نصف سكانها في مخيمات اللاجئين في الجزائر، لن يحل الأزمة التي طال أمدها. هذا وتعتبر جبهة البوليساريو انسحاب المغرب مجرد مناورة لاحتواء قضية الصحراء الغربية.

في حديث لـ"موقع الحرة" أكد ممثل جبهة البوليساريو في واشنطن مولود سعيد أن عناصر الجبهة "باقون في الكركرات إلى الأبد" مقللاً من أهمية انسحاب القوات المغربية من المنطقة. وأضاف مولود أن "الكركرات ليست سوى مشكلة صغيرة في إطار النزاع مع المغرب حول الصحراء".

فضلاً عن تخفيف العبء الأمني عن كاهل المغرب، من الواضح أن إنهاء المواجهات في الكركرات قد يعيد قضية الصحراء الغربية إلى نقطة البداية ويُمكّن المغرب من بسط سيطرته الكاملة على الجزء الغني بالثروات من الأراضي الصحراوية. في هذه الحالة ستفقد جبهة البوليساريو قدرتها على المساومة والتفاوض. ودون وجود تهديد ملموس لن ينظر مجلس الأمن الدولي إلى المنطقة على أنها أولوية.

وعلاوة على ذلك، قرر المبعوث الأممي الخاص إلى الصحراء الغربية، كريستوفر روس الإستقالة من منصبه، الأمر الذي يشكل إشارة أخرى إلى أن الوضع سيبقى إلى أجل غير مسمى في حالة من الركود. وسيتعيين على المبعوث الأممي الجديد البدء من جديد لإعادة إحياء محادثات شبه ميتة بين جبهة البوليساريو والمغرب.

كما ويبدو أن توقيت انسحاب القوات المغربية من المنطقة العازلة يهدف لتخفيف حدة التوتر مع موريتانيا، في الوقت الذي يسعى فيه المغرب للحصول على عضوية في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) بعد أن كان نجح في العودة إلى صفوف الاتحاد الأفريقي في كانون الثاني / يناير.

ويبدو أن جبهة البوليساريو قد استفادت بالفعل من التدهور الأخير في العلاقات بين المغرب وموريتانيا من أجل تعزيز وجودها في منطقة الكويرة في الصحراء الغربية، والتي تحكمها موريتانيا. وتُعتبر هذه البلدة نقطة حاسمة وشريان حياة بالنسبة لموريتانيا إذ تمتد سككها الحديدية إلى نواذيبو، وهي منطقة حرة يتم منها تصدير المعادن الموريتانية إلى أوروبا.

في الواقع، ونظراً لموقع الكويرة الاستراتيجي، تتردد موريتانيا في دعم مطالبة المغرب في الصحراء الغربية.

وتشكل موريتانيا، بفضل موقعها الجغرافي، الجسر الذي يحتاجه المغرب للنفاذ إلى استثماراته الكبيرة في بلدان غرب أفريقيا، وخصوصاً السنغال.

ترسم هذه التطورات سياسة المغرب الخارجية القائمة على إحكام قبضة المملكة المغربية على الصحراء الغربية.

وتطالب جبهة البوليساريو مجلس الأمن في الأمم المتحدة بتنظيم استفتاء بشأن تقرير المصير في الصحراء الغربية. باستخدام ما تبقى لها من النفوذ، تُلوّح حركة التحرير الصحراوية بأن شبابها مستعدون للعودة إلى الكفاح المسلح – في مناطق أبعد بكثير من الكركرات. على الرغم من أن هذا لم يحدث تماماً حتى الآن، غير أن جبهة البوليساريو قد تستخدم نفاذ صبر الجيل الصحراوي الشاب كورقة ضغط، لاسيما في ضوء البيئة المتنوعة التي ينحدر منها الشباب الصحراويين والذين درسوا في الجزائر وكوبا وليبيا.

لن تدخر جبهة البوليساريو جهداً لإبقاء القضية في دائرة الضوء. أما المغرب، فستتخذ جميع الخطوات اللازمة لصرف النظر عن هذه القضية على المستوى الدولي، على أمل أن تسقط من جدول أعمال الأمم المتحدة كمسألة يجب حلها لإحلال السلام والأمن في المنطقة والعالم بما أن المنطقة تقع على الحدود الساحلية مع أوروبا.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in