تعتنق معظم الحركات الإسلاميّة، و"حماس" منها، مبدأ إيديولوجيّاً لا يفصل بين الدين والدولة، لأنّ الإسلام يعالج قضايا المجتمع السياسيّة، الإجتماعيّة، والإقتصاديّة، ممّا أعطى دعوتها صفة الشموليّة. ويكرّر أبناء الإخوان المسلمين في جلساتهم الدعويّة عبارة أعلنها مؤسّس الجماعة الشيخ حسن البنّا، التي تقول إنّ أحكام الإسلام شاملة تنظّم شؤون الناس في الدنيا والآخرة، الإسلام عقيدة وعبادة، وطن وجنسيّة، دين ودولة، روحانيّة وعمل، ومصحف وسيف، لكنّ حركة النّهضة الإسلاميّة في تونس، وهي من أكبر الحركات الإسلاميّة، أصدرت في 9 أيّار/مايو قراراً تاريخيّاً يقضي بفصل عملها السياسيّ عن أنشطتها الدعويّة، ليكون نشاطها سياسيّاً بحتاً، ويقتصر العمل الدعويّ على الجمعيّات المدنيّة فقط.
لقد أثار هذا القرار العديد من التساؤلات المهمّة حول الهدف من القرار ولماذا الآن؟ وهل النّهضة تتخوّف من مصير الإخوان المسلمين في مصر، بعد الإنقلاب عليهم من قبل الجيش المصري في تمّوز/يوليو من عام 2013، وأصبح الإخوان المسلمون المصريون اليوم إما معتقلين في السجون المصرية، أو مطاردين من قبل الأمن المصري، أو متنقلين في بلاد المنفى خوفا من الاعتقال والملاحقة، وهل يشكّل القرار حافزاً لحركات إسلاميّة أخرى، ومنها "حماس" لاتّخاذ القرار ذاته، رغم اختلاف الظروف والبيئة السياسيّة؟.