صادق الكنيست في 28 آذار/مارس بالقراءة الأولى على مشروع "قانون الإقصاء"، الّذي يسمح بفصل اي عضو الكنيست بتهمة عدم الولاء لاسرائيل والقيام بنشاطات معادية لها، والّذي يستهدف النوّاب العرب بالدرجة الأولى بأغلبيّة 59 صوتاً ومعارضة 53 صوتاً ليشنّ رئيس "الشاباك" السابق وعضو الكنيست عن حزب اللّيكود آفي ديختر في 29 آذار/مارس هجوماً على رئيس القائمة العربيّة الموحّدة في الكنيست النائب أيمن عودة، وتهديده بملاقاة مصير قياديي "حماس" الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، اللذين اغتالتهم اسرائيل في 2004.
إنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو دعم مشروع "قانون الإقصاء"، بعد أن قاد حملة تحريض ضدّ أعضاء الكنيست من حزب التجمّع الوطني في اراضي 48 في القائمة المشتركة: جمال زحالقة وحنين زعبي وباسل غطّاس، عقب لقائهم عائلات شهداء القدس الفلسطينيين الذين استشهد بعضهم اثناء تنفيذهم عمليات ضد الجنود او اعدموا في القدس في 2 شباط/فبراير، الّتي طالبت أعضاء الكنيست بالعمل من أجل إعادة جثامين أبنائها، الّتي ترفض إسرائيل تسليمها لدفنها.
وقرّرت "لجنة الأخلاقيّات" في الكنيست في 8 شباط/فبراير إبعادها النوّاب الثلاثة عن جلسات الكنيست: حنين زعبي وباسل غطّاس لمدّة 4 أشهر، وجمال زحالقة لمدّة شهرين، بسبب اجتماعهم مع عائلات شهداء القدس.
إنّ مشروع قانون الإقصاء سيتيح إقصاء عضو كنيست بسبب تصريحات يطلقها أو معارضته لمقولة إنّ إسرائيل هي "دولة يهوديّة وديموقراطيّة" من دون أن تحدّد الفترة الزمنيّة للإقصاء، في حال أيّد ذلك 90 عضو كنيست من أصل 120 على أن يصبح ساري المفعول بعد 10 أيّام من اتّخاذ القرار".
ويدعو "قانون الإقصاء" إلى تعديل البند السابع في قانون أساس: الكنيست، الذي يحدد الذرائع التي تسمح للجنة الانتخابات المركزية بشطب مرشح أو قائمة ومنعها من الترشح في الانتخابات". كذلك ينص على أنه "لدى اتخاذ قرار الشطب، سيكون بإمكان لجنة الانتخابات المركزية التطرق إلى تصريحات مرشحين وليس فقط لأهدافهم المعلنة أو أفعالهم."
وقال رئيس القائمة العربيّة المشتركة في الكنيست أيمن عودة لـ"المونيتور": إنّ قانون الإقصاء الّذي يدعمه نتنياهو هدفه إخراج الأحزاب والقيادات السياسيّة العربيّة في إسرائيل من دائرة الشرعيّة والتأثير، بعد أن أدرك وزن الجماهير العربيّة الّتي تشكّل 20 في المئة من السكّان، في الإنتخابات الأخيرة عقب فشل محاولته إضعاف التمثيل البرلمانيّ للعرب، برفع نسبة الحسم في الكنيست من 2 في المئة إلى 3.25 في المئة، وهو الامر الذي فشل بسبب تشكيل الاحزاب العربية في اسرائيل لاول مرة قائمة مشتركة استطاعت ان تحصل على 13 مقعدا في الكنيست.
أضاف: "قرار مصادقة الكنيست على مشروع قانون الإقصاء غير دستوريّ، لأنّه يتناقض مع حقّ أساسيّ في القانون، وهو الإنتخاب، فالنوّاب العرب منتخبون من المواطنين وليس من أعضاء الكنيست. كما أنّ تعديل قانون أساسيّ يتطلّب أغلبيّة مطلقة من 61 نائباً في الكنيست، وهذا لا يتوافر في هذا القانون الّذي حصل على 59 صوتاً".
من جهته، قال النائب في الكنيست مسعود غنايم لـ"المونيتور": إنّ المصادقة على قانون الإقصاء بالقراءة الأولى رسالة من الناحية السياسيّة مفادها أنّ الحكومة واليمين في إسرائيل يريدان إخراج العمل السياسيّ العربيّ خارج القانون، والتشريع والتأثير من خلال اقصاءه النواب من الكنيست.
أضاف: "خطورة القانون تتمثّل في أنّه يناقض جوهر الديموقراطيّة التمثيليّة، أيّ أن النوّاب موجودون في الكنيست بالإنتخاب الجماهيريّ. ولذلك، لا أحد يستطيع إقالة النائب، إلاّ من خلال صندوق الإقتراع، فالقانون يناقض مبدأ فصل السلطات، وجوهر الديموقراطيّة التمثيليّة".
وبات القانون يحتاج إلى المصادقة عليه بالقراءة الثانية والثالثة لكي يصبح ساري المفعول.
وبدوره، قال الكاتب والمحلّل السياسيّ في أراضي 48 نظير مجلّي لـ"المونيتور": هذا القانون جزء من سلسلة قوانين عنصريّة تحاول الحكومة الإسرائيليّة اليمينيّة إقرارها للحدّ من حريّة النوّاب العرب في الكنيست وعملهم.
واعتبر أنّ المصادقة على القانون بالقراءة الثانية والثالثة في الكنيست أمر ممكن، في ظلّ السياسات العمياء لليمين الحاكم في إسرائيل، وتعامله بمنطق الغطرسة والقوّة والعنصريّة مع الفلسطينيّين، مستنداً إلى التأييد الواسع الّذي يتمتّع به من قبل الإسرائيليّين وانحرافه عن قيم الديموقراطيّة.
وعن الجهود الّتي يمكن اللّجوء إليها لمواجهة هذا القانون، قال أيمن عودة: "في حال استمرّ نتنياهو في مسعاه لإقرار القانون، وتمّ ذلك، سنتوجّه إلى المحكمة الاسرائيلية العليا (اعلى محكمة في اسرائيل) لإصدار قرار ضدّ هذا القانون".
وعن ثقته في حكم القضاء، قال عودة: "القانون غير دستوريّ، لكن لا نعلم ما سيقرّره القضاء في ذلك، في ظلّ انزياحه وتأييده لسياسات اليمين الإسرائيليّ، ممّا يجعلنا غير واثقين من قرار المحكمة، لكن من واجبنا التوجّه إليها من أجل استنفاذ هذا الأمر".
بدوره، رأى مسعود غنايم أنّ الدور المطلوب الآن من النوّاب العرب "القيام بنضال برلمانيّ في محاولة لإقناع أكبر عدد من نوّاب الكنيست بالتّصويت ضدّ القانون، وفي حال المصادقة عليه في القراءة الثانية والثالثة ستكون أمامنا معركة قضائيّة في المحكمة العليا الإسرائيليّة". وفي حال عدم إبطالها للقانون، سننتقل إلى النضال الشعبيّ من خلال لجنة المتابعة العربيّة والأحزاب.
وعن التهديدات الّتي شنها ضدّه آفي ديختر، قال عودة: "ديختر وجّه خطاباً تحريضيّاً ضدّي، وان مصيري سيكون مماثلا لمصير الشيخ ياسين والرنتيسي، بهدف تحويل النقاش من القضيّة الديموقراطيّة المتعلّقة بقانون الإقصاء إلى قضيّة حماس من أجل حشد التعاطف من الجماهير مع حكومة نتنياهو".
أضاف: "كنّا نريد أن نناقش قانون الإقصاء في الكنيست، وديختر هاجمني لحرف النقاش نحو موضوع آخر لحشد الرأي العام الإسرائيليّ وتجنيده ضدّنا".
وخلال السنوات الماضية، تلقّى معظم النوّاب العرب في الكنيست تهديدات بالقتل، ومن بينهم عودة في 16 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، بعد أن أبلغه ضابط الأمن في الكنيست بضرورة أخذ الاحتياطات الأمنيّة، مع مجموعة من النوّاب العرب، إثر ورود تهديدات تمس بحياتهم.
وتأتي محاولة سنّ قانون الإقصاء والتهديدات للنوّاب العرب، في ظلّ استمرار حملة المضايقات للعمل السياسيّ الفلسطينيّ في أراضي 48، والّتي كان آخر فصولها حظر الحركة الإسلاميّة داخل الخط الاخضر بـ17 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2015 من قبل المجلس الوزاري الاسرائيلي المصفر ، وإصدار حكم بسجن النائبة حنين زعبي لمدّة 6 أشهر مع وقف التنفيذ في 7 شباط/فبراير بسبب اتهامها باهانة موظف عام، والزجّ بعضو الكنيست العربيّ السابق سعيد نافع بالسجن في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 بسبب زيارته سوريا، ومنع نوّاب التجمّع حنين زعبي، جمال زحالقة، وباسل غطّاس من حضور جلسات الكنيست.
وفي ظلّ التوقّعات بمصادقة الكنيست على القانون بالقراءة الثالثة، فإنّ النوّاب العرب يستعدون لكسب اصوات من النواب اليهود داخل الكنيست للاعتراض على القانون ومنع اقراره، في خطوة اولى في مواجهة القانون، سينتقلون بعدها الى المحكمة العليا الاسرائيلية لالغاء القانون، وفي حالة فشل الخطوتين السابقتين، ستلجأ الاحزاب الى تنظيم احتجاجات شعبية، واتصالات سياسية دولية لخلق ضغط دوليّ على إسرائيل .