قالت المحكمة الإسرائيليّة إنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي ّستمنح 2000 فلسطينيّ من سكان القدس والضفة الغربية يحملون تصاريح بالمكوث في إسرائيل في مدن يافا وحيفا وعكا والقدس والمثلث والجليل والنقب منذ عام 2003 ، بطاقة هويّة إسرائيليّة زرقاء موقّتة وهي عبارة عن وثيقة التعريف الإجبارية التي تمنحها إسرائيل للسكان العرب الفلسطينيين، كما نص عليها قانون حمل وإبراز بطاقة الهوية للعام 1982م.، لتمكينهم من لمّ شمل عائلاتهم، وذلك للمرّة الأولى منذ 13 عاماً دون تحديد معد رسمي لذلك ، حيث أبلغ وزير الداخليّة الإسرائيليّ آرييه درعي المحكمة رسميّاً في 14 نيسان/أبريل 2016 بذلك، ردّاً على التماس قدّمه مركز الدفاع عن الفرد الحقوقيّ الإسرائيليّ وعدد من المحامين، إلى المحكمة الإسرائيليّة.
يأتي هذا القرار الإسرائيليّ، على الرغم من سريان قانون منع لمّ الشمل العنصريّ منذ 31-تموز/يوليو2003 الى الان، والذي يجعل آلاف الفلسطينيّين من الضفّة الغربيّة والقدس يتواجدون في مدن إسرائيل، من دون أن تكون لديهم أيّ مكانة قانونيّة، فعلى الرغم من أنّ في حوزتهم تصاريح المكوث والعمل، إلّا أنّهم لا يحظون بأيّ حقوق اجتماعيّة وقانونيّة.
يذكر أنّ إسرائيل تمنع حسب قانون المواطنة الإسرائيليّ منذ يوليو 2003 لمّ شمل العائلات حيث أحد الزوجين مواطن في مدن إسرائيل والآخر فلسطينيّ من الضفّة الغربيّة أو القدس ولا يملكون حرية الحركة والتنقل أو حتي تبادل الزيارات الا من خلال الحصول علي تصاريح اسرائيلية محددة بوقت معين تنتهي بانتهاء مدتها.
وتعتبر بطاقة الهوية الزرقاء هي الهوية التي تمنحها اسرائيل لأهالي القدس الشرقية التي تم احتلالها في العام 1967 فقط وتعطي صاحبها صفة المقيم الدائم في اسرائيل، بينا يحمل عرب الداخل الفلسطينيون الي جانب الهوية الزرقاء الاسرائيلية جواز سفر اسرائيلي ويعتبرون مواطنون اسرائيليون وليس مقيمون
وألمح عضو الكنيست الإسرائيليّ عن القائمة العربيّة المشتركة ورئيس كتلة التجمّع البرلمانيّة جمال زحالقة لـ"المونيتور" إلى "أنّ قرار لمّ شمل 2000 شخص من فلسطينيّي الداخل والقدس هو أمر جيّد وخطوة رائعة، ولكنّه لا يكفي إذا ما قورن بأعداد الفلسطينيّين الكبيرة المقدرّة بـ1،46 مليون نسمة الحاصلين على تصاريح للمكوث في إسرائيل، ولا يحصلون على حقوقهم الاجتماعيّة والقانونيّة في الحصول على الهويّة الإسرائيليّة كمواطنين أصليّين لهم كلّ الحقوق، وعلى رأسها لمّ الشمل"، داعياً "الحكومة الإسرائيليّة التي تدّعي الديمقراطيّة وتواصل منذ 13 عاماً تمديد سريان قانون المواطنة الإسرائيليّ أو ما يعرف بقانون منع لمّ شمل الأسر الفلسطينيّة والذي يمنع عشرات آلاف العائلات الفلسطينيّة من ممارسة حياتها الطبيعيّة، إلى التراجع عن هذا القانون العنصريّ وإلغائه".
واعتبر مقدّم الالتماس المحامي وكاتب العدل نجيب زايد من فلسطينيّي الداخل خلال حديثه إلى "المونيتور" أنّ "القرار جاء بعد حصيلة عمل ثماني سنوات متواصلة، واحتاج إلى جهود كبيرة من خلال الاحتجاج على قانون المواطنة الإسرائيليّ العنصريّ، والطعن في قانونيّته، وحقّ الفلسطينيّين في الحصول على الجنسيّة والهويّة، باعتبارهم سكّاناً أصليّين لهم كلّ الحقوق والامتيازات".
وشدّد على أنّه "سيعمل كلّ ما في وسعه هو وزملاؤه المحامون والقانونيّون على لمّ شمل كلّ العائلات وإلغاء قانون المواطنة العنصريّ الذي ينصّ على عدم لمّ شمل العائلات الفلسطينيّة، وعلى عدم تنصّل إسرائيل من مثل هذه القرارات مستقبلاً لإلغائها والتذرّع بحجج وادّعاءات أمنيّة لسحب هذه الهويّات".
وتمنّى المواطن المقدسيّ عمر الشبلي، الذي يرعى ستّة من الأبناء خلال تصريحه لـ"المونيتور" أن "يكون اسم زوجته من بين الأسماء التي سيتمّ منحها لمّ الشمل وحصولها علي الهويّة الزرقاء بدل الإقامة الموقّتة التي تحصل عليها وتجدّدها سنويّاً"، قائلاً: "لست الوحيد الذي أتمنّى قرار لمّ الشمل لعائلتي، بل هناك ربع مليون فلسطينيّ ينتظرون تنفيذ هذا القرار الجديد بعد الحصول على تصاريح موافقة من قرارات عديدة سابقة على لمّ الشمل، ولكنّ إسرائيل قامت بإلغائها تحت دعاوى وحجج وهميّة".
بدوره، أوضح مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعيّة والاقتصاديّة زياد الحموري من القدس لـ"المونيتور" أنّ "هذا القرار الذي قدّم من وزير الداخليّة درعي قد تكون عليه العديد من الاعتراضات داخل الكنيست الإسرائيليّ، لأنّه يتعارض مع قانون المواطنة الإسرائيليّ، ومنع لمّ شمل الفلسطينيّين، وخصوصاً العرب الفلسطينيون في مدن إسرائيل وفلسطينيّي القدس، حيث أنّ قانون المواطنة الاسرائيلي قد تمّ إقراره واعتماده في عام 2003 في عهد رئيس الوزراء أرئيل شارون، وما زل إلى اليوم يطبّق، ويتمّ تجديده باستمرار لمنع لمّ شمل الفلسطينيّين، تنفيذاً لسياسة إسرائيل في تقليص الوجود الفلسطينيّ وإنهائه داخل القدس وإسرائيل".
وبيّن أنّ "هذا القرار سيواجه تنفيذه الكثير من العقبات لو تمّ اعتماده، لأنّه يضع عدداً من الشروط التي يجب أن تطبّق على من سيحصل على الهويّة ولمّ الشمل أهمّها أن يكون من سكّان داخل إسرائيل طوال المدّة المطلوبة وهي قبل سريان قانون المواطنة من عام 2003 حتّى الآن، وأن يكون حاصلاً على تصريح مكوث داخل إسرائيل، وألّا تكون عليه أيّ إشكالات أمنيّة، وبالتالي قد يتمّ عدم تنفيذ هذا القرار لأيّ حالة تحت دعاوى أمنيّة، إضافة إلى أنّه مشروط بأنّه للحالات الإنسانيّة والصعبة، وهي محدودة وبسيطة، إذا ما قورنت بأعداد الأشخاص الفلسطينيّين الذين يحتاجون إلى هويّات، ولمّ شمل في القدس والداخل الإسرائيليّ والذين يقدّر عددهم بحوالى 60 ألف شخص".
وخلال اتّصال هاتفيّ أجراه معها مراسل "المونيتور"، رفضت الهيئة العامّة للشؤون المدنيّة في السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة في رام الله الإدلاء بأيّ معلومات حول القرار الإسرائيليّ"، واعتبرت على لسان وكيلها أيمن قنديل أنّ "القرار هو سياسيّ في الدرجة الأولى، وشأن إسرائيليّ خاصّ ولا علاقة للحكومة الفلسطينيّة به".
يذكر أنّ قانون المواطنة الإسرائيليّ "عدم لمّ الشمل" والذي تمّ إقراره في عام 2003 كأمر موقّت يمنع منح أيّ جنسيّة أو مواطنة إلى الفلسطينيّين من المناطق التي احتلتّها إسرائيل في عام 1967، المتزوّجين من مواطني إسرائيل، ويمسّ هذا القانون بآلاف العائلات الفلسطينيّة وتمّ تمديده لأكثر من مرّة أهمّها في عام 2010، عندما اقترح رئيس الحكومة في تلك الفترة بنيامين نتنياهو تعديل قانون المواطنة في شكل يلزم طالبي الحصول على الجنسيّة الإسرائيليّة أداء قسم الولاء إلى إسرائيل كدولة "يهوديّة وديمقراطيّة"، وما زالت إسرائيل تعمل بهذا القانون إلى اليوم.
قد لا يملك الفلسطينيّون وسائل للضغط على إسرائيل تمكنّهم من لمّ شمل عائلاتهم وأبنائهم، والأكثر من ذلك حقّهم في العودة إلى أرضهم ووطنهم، ولكن تبقى القناعة المتجذّرة لديهم تؤكّد أنّه لن يضيع حقّ وراؤه مطالب.