تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

القصة غير المرويّة: كيف يساعد الكونغرس على إنقاذ جوهرة ثقافية في لبنان

أنشأ سناتور أميركي "اللجنة الأميركية من أجل مدينة صور" قبل 35 عاماً، والآن يبثّ أعضاء سابقون في كابيتول هيل الحياة فيها من جديد.
Tyre.jpg

تحوّلت واشنطن، لفترة وجيزة خلال الربيع المنصرم، عاصمة فعلية للحضارة الفينيقية الضائعة منذ وقت طويل.

فقد التقت مجموعة من أصحاب النفوذ في واشنطن - مشترعون حاليون وسابقون، وسفراء، ومسؤولون سابقون في الإدارة الأميركية - في مكتبة الكونغرس في الثالث من حزيران/يونيو الماضي فضلاً عن نحو 50 ضيفاً من مختلف أنحاء العالم للاحتفال بـ"يوم مدينة صور". لقد جاؤوا لبثّ حياة جديدة في الجهود الهادفة إلى إنقاذ هذه المدينة المرفئية التاريخية في لبنان - وللاحتفاء بذكرى السناتور الراحل كليبورن بيل الذي ساهم في إطلاق هذا التحرّك الأميركي قبل 35 عاماً.

يقول جاي غزال، وهو أميركي من أصل لبناني عضو في مجلس إدارة "اللجنة الأميركية من أجل صور" ومعاون سابق لبيل، النائب الديمقراطي المخضرم عن رود آيلاند: "كان [بيل] رجل دولة بكل ما للكلمة من معنى - كان مفكّراً وأممياً. كان شديد الاهتمام بمسائل كثيرة، منها الحفاظ على المواقع الثقافية والتاريخية في مختلف أنحاء العالم".

وقد حطّ شغفه هذا رحاله في مدينة صور التي تؤوي حضارة رائعة تميّزت بإتقانها للتجارة البحرية وأعطت العالم الأبجدية الصوتية. وقد أضيفت هذه المدينة المرفئية إلى لائحة الأمم المتحدة للتراث العالمي في العام 1984.

تقول رندى فهمي، المديرة التنفيذية للجنة الأميركية: "قدّم الفينيقيون مساهمات استثنائية للحضارة. وكل شيء بدأ في صور".

كان بيل معروفاً بدعمه للمنح التربوية الأميركية التي تحمل اسمه، ورعايته للصناديق الفيدرالية من أجل تمويل الفنون والعلوم الإنسانية. لكنه كان أيضاً القوة المحرّكة خلف إنشاء "اللجنة الأميركية من أجل صور" في العام 1980.

كانت هذه اللجنة الأميركية غير الربحية من أوائل الفروع الأجنبية لـ"الجمعية الدولية لإنقاذ صور" التي أسّستها ابنة صور، مهى الخليل شلبي، التي لم تألُ جهداً، منذ اندلاع الحرب الأهية اللبنانية، من أجل حماية المدينة ومواقعها التاريخية. وقد اعترفت منظمة اليونسكو بهذه الجمعية اللبنانية في العام 1984، وباتت تملك الآن فروعاً في 13 بلداً.

في حملةٍ قادها بيل والسناتور اللبناني-الأميركي سبنسر أبراهام، جمهوري-ميشيغان، لفت الكونغرس الانتباه إلى التهديدات الناجمة عن الحرب، ومن ثم تلك المترتّبة عن الاقتراحات المتكرّرة لبناء طريق سريع يمرّ عبر الآثار القديمة للمدينة. يبدو أن هذه المحاولات التدميرية متوقّفة، على الأقل في الوقت الحالي.

تقول فهمي: "عندما يدرك العالم أن أميركا مهتمة - وعلى وجه التحديد الكونغرس الأميركي مهتم - بالحفاظ على هذا الموقع التاريخي ذي الأهمّية البالغة، أعتقد أن ذلك يساهم في حمايته ويضمن حفاظه على طابعه الحقيقي، أي كونه مهد الحضارة الفينيقية".

تراجع عمل اللجنة الأميركية منذ سنوات عدة - لا سيما منذ وفاة بيل في العام 2009. بيد أن الخراب الذي خلّفه تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا، لا سيما في مدينة تدمر، أحيا من جديد الاهتمام الدولي بالحفاظ على المواقع الأثرية، لا سيما في لبنان.

تقول فهمي التي كانت معاونة للسناتور أبراهام في كابيتول هيل: "من وجهة نظر جيوسياسية أوسع نطاقاً، استطعنا في الواقع أن نستقطب اهتماماً لا بأس به بالحدث الذي نظّمناه في حزيران/يونيو نظراً إلى ما يرتكبه [تنظيم داعش]". تضيف: "طُرِحت أسئلة كثيرة خلال الندوة حول هذه المسألة بالذات: ماذا تفعلون لحماية المدينة؟ كيف تعرفون أن [داعش] لن يتقدّم باتجاهها؟"

تأمل فهمي بأن يساهم نجاح ندوة الثالث من حزيران/يونيو في حشد مزيد من الاهتمام - والدعم - لأولويات اللجنة التي تشمل إنشاء مركز حِرفي للنساء مستوحى من مدينة صور بهدف استحداث وظائف والحفاظ على التقنيات الفينيقية، وإجراء أبحاث حول صدفة الموريكس التي استخدمها الفينيقيون لصنع الصباغ الذي كان وراء إطلاق لقب "التجار الأرجوانيين" عليهم، وإنشاء مكتبة افتراضية للآثار والأدوات الحرَفية الفينيفية من مختلف أنحاء العالم بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت.

تقول فهمي: "نأمل بأن نواصل جهودنا من خلال سلسلة محاضرات بدأنا تنظيمها حول التاريخ الفينيقي... ليس فقط في لبنان، إنما أيضاً في تونس واليونان وأجزاء أخرى من المتوسط. المشروع الأكبر هو إجراء حفريات للتنقيب عن كل ما هو موجود تحت مدينة صور. على الأرجح أن ثلاثة أرباع المدينة لم يشهد بعد أعمال حفر وتنقيب؛ كل شيء موجود تحت الأرض".

ساهمت فهمي، في العامَين الأخيرين، في بث حياة جديدة في اللجنة.

وقد أصبح للجنة رئيس مجلس إدارة جديد هو مندوب إدارة أوباما سابقاً لدى اليونسكو، ديفيد كيليون، الذي يشغل الآن منصب كبير الموظفين في لجنة هلسنكي الأميركية التي تضم أعضاء من مجلسَي النواب والشيوخ. وبات للجنة أيضاً مجلس إدارة جديد من بين رؤسائه الفخريين النائب اللبناني-الأميركي تشارلز بستاني، جمهوري-لويزيانا، وإستير كوبرسميث التي كانت مبعوثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في عهد الرئيس الأميركي جيمي كارتر.

قال بستاني في الكلمة التي ألقاها بصفته رئيساً فخرياً لاحتفاليات "يوم مدينة صور": "كانت صور تُمثّل حضارة التجارة البحرية الأعظم في العالم. كانت الحضارة الفينيقية مدهشة جداً، وكانت صور مهداً لها".

وقد حصل بيل وكوبرسميث على جوائز تكريمية في فعاليات الثالث من حزيران/يونيو الماضي تقديراً لـ"أدوارهما الريادية" في تأسيس "اللجنة الأميركية من أجل صور". وكان السناتور الراحل ممثّلاً بحفيده كلاي بيل، وهو محامٍ يملك طموحاته السياسية الخاصة في رود آيلاند.

قال بيل عن جدّه: "كان يقدّر كثيراً الآثار. لم يكن يعتبر أنه من المهم دراستها وحسب، بل كان يؤمن بشدّة بأن الأسلوب الذي نتعاطى به مع الآثار - والمؤسسات الثقافية في شكل عام - يعكس طبيعة الولايات المتحدة وطبيعة الحضارة التي سيمثّلها هذا الجيل أو الجيل المقبل".

وقد ناشد بيل المشترعين في الكونغرس لمساعدة الأميركيين على رؤية الشرق الأوسط من خلال عدسة أوسع نطاقاً بدلاً من التركيز فقط على الفتن والنزاعات التي تهيمن على الأخبار القادمة من هناك، معتبراً أنه من شأن ذلك أن يساهم في مدّ جسور جديدة مع تلك المنطقة، وتكريم إرث جدّه.

أضاف: "ما يستطيع الكونغرس فعله هو التكلم عن الشرق الأوسط ليس فقط كمكان يطرح تحدّيات إنما أيضاً كمكان محمّل بالوعود. الوعد الذي يجسّده موقع مثل صور لا يقتصر فقط على حماية الآثار التاريخية والأدوات الحرفية - على أهمّيته - فالقيمة الأكبر هي للمستقبل".

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial