تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

أزمة الـ"توك توك" في مصر

أصدر محافظ القاهرة جلال مصطفى السعيد في 29 تمّوز/يوليو الماضي قراراً بمنع سير الـ"توك توك" بثمانية أحياء في القاهرة، تمهيداً لحظرها نهائيّاً، ممّا أدّى إلى مخاوف من مواجهة ما يقارب الـ1.5 مليون سائق مباشرة البطالة.
Tuktuk.jpg

القاهرة – إنّ الـ"توك توك" هي أشبه بدرّاجة بخاريّة ذات ثلاثة إطارات، مغطّى أعلاها بنوع من الجلود ولا أبواب لها، وتتّسع إلى ثلاثة أشخاص، وأحياناً أربعة، إذا تمّ الجلوس بجوار السائق. ولم يقتصر دورها على أنّها وسيلة مواصلات تقلّ 30 مليون مصريّ يوميّاً، بل يسير في الشوارع المصريّة ما يقارب الـ500 ألف "توك توك"، ويعمل في هذا المجال 1.5 مليون مواطن كسائقين، وذلك وفقاً للدراسة الرسميّة الأولى بعنوان الـ"توك توك... فرصة للتّنمية"، الّتي أعدّتها شركة N Gage Consulting للاستشارات الإقتصاديّة الحكوميّة في يناير 2015، وستقدّم إلى الحكومة المصريّة في مطلع أيلول/سبتمبر المقبل وذلك للوقوف علي تأثير التوك توك اقتصاديا واجتماعيا في المجتمع المصري.

لقد امتدّ دور الـ"توك توك" ليصبح ظاهرة فريدة من نوعها، فأصبحت له أغان أشبه بأغاني الـ"راب"، ولكن بطريقة مصريّة، وتطلق عليها أغاني المهرجانات، بحيث عادة لا تكون كلمات الأغاني مفهومة، وتعتمد على موسيقى صاخبة.

ورغم الفوائد الّتي يحقّقها الـ"توك توك"، وتتمثل في كونها وسيلة مواصلات منخفضة التّكلفة، حسب المسافة ولكن سعره أقل من التاكسي، تصل إلى أماكن لا تستطيع الوصول إليها المواصلات العاديّة في الأحياء الضيّقة, وتوفيرها فرص عمل عدّة، إلاّ أنّ السلطات المصريّة تضيّق عليها حاليّاً بسبب المخاوف الأمنيّة حيث أصبح التوك توك أداة في تنفيذ جرائم السرقات والخطف ونظرا لأنه لا يحمل رخصة فلا يمكن تتبعه

والتكدّس المروريّ، وهو ما دفع بمحافظ القاهرة جلال مصطفى السعيد في 29 تمّوز/يوليو الماضي إلى إصدار قرار بحظر سير الـ"ـتوك توك" في ثمانية أحياء داخل القاهرة، حظراً نهائيّاً كمرحلة أولى لحظره نهائيا وذلك في نطاق أحياء غرب القاهرة والأزبكيّة وعابدين والموسكي والوايلي وباب الشعريّة وبولاق أبو العلا ووسط القاهرة.

ولأنّ السائقين لم يلتزموا القرار، أصدر جلال السعيد بياناً في 17 آب/أغسطس الحاليّ، أكّد فيه أنّه تمّ تنفيذ القرار وتطبيقه فعليّاً بكلّ حزم، بالتّنسيق بين إدارات الأحياء المعنيّة وشرطة المرافق والإدارة العامّة لمرور القاهرة، بحيث تمّ التحفّظ على مركبات الـ"توك توك" ولم يتمّ الإفراج عنها إلاّ بعد سداد الغرامة المقرّرة بـ1500 جنيه أيّ ما يساوي الـ191 دولاراً، مع التعهّد بعدم السير في المناطق المحظور السير فيها. وفى حال ضبطها بتكرار المخالفة، يتمّ التحفّظ عليها وعدم تسليمها.

وأشار سعيد إلى أنّ حاليّاً تتمّ دراسة تعميم القرار تدريجيّاً على أحياء أخرى كمرحلة ثانية، ليشمل القاهرة كلّها.

وعن هذا الشأن، قال رئيس الجمعيّة المصريّة لسلامة وتكنولوجيا المرور المهندس عادل الكاشف لـ"المونيتور": "إنّ قرار تقنين وضع التوك توك صائب، إذ منذ السماح باستيراده من الهند عام 2001 حيث بدأ العمل في محافظة الشرقية التي تتكون من عدة قري تربط بينها طرق فرعية غير ممهدة ونظرا لعدم توافر المواصلات بشكل دائم أستخدم الأهالي التوك توك للتنقل بين القري وقد وضعت له ضوابط معيّنة حيث أن ترخيصه كان يترك للمحافظات بحيث تضع كل محافظة لائحة خاصة به مثل عدم السير في الشوارع والمحاور الرئيسيّة، ولكن لم يتمّ التزام هذه الضوابط وقانون المرور المعدل لعام 2014، ممّا تسبّب بإرباك مروريّ لا تتحمّله القاهرة المكتظّة بالمركبات، وحيث المساحة الإسفلتيّة لكلّ سيّارة تبلغ 8.5 متر".

وأوضح أنّ تقنين أوضاع الـ"توك توك" ليس بسبب ما تحقّقه من ارتباك مروريّ فقط، ولكن بسبب تداعياتها الخطيرة على الأمن العام، إذ تتمتّع بقدرة كبيرة على المراوغة والسير في الأزقّة الضيّقة، مما أدّى إلى استخدامها في عمليّات السرقة والخطف والاغتصاب. كما أنّ ليس للـ"توك توك" رخصة يمكن تتبّعها، وبالتّالي معرفة من يملكها، ثمّ تحديد المسؤول عن الجرائم الّتي ترتكب من خلالها.

وأشار إلى أنّ "قانون السير المصريّ لعام 2014 واضح وصريح من أنّه لا بدّ لأيّ مركبة بخاريّة أو ناريّة من الاستحصال على ترخيص، وأنّ السماح باستيرادها من دون ترخيصها يعدّ تخبّطاً واضحاً من قبل المسؤولين".

تم البدء في استيراد التوك توك عام 2001 ويتطلب ذلك موافقة العديد من الجهات مثل وزارة المالية , الصناعة,الجمارك , الداخلية ومن المؤكد أنه كان هناك قيادات سياسية كبري تتدخل لأستيراد التوك توك ويتضح ذلك من اتخاذ مشروع استيراد التوك توك كبرنامج انتخابي لرئيس الجمهورية مبارك لسنة 2005 وتم اعطاء كل المصالح والمحافظات والهيئات الحكومية ومجالس المدن والوحدات المحلية تعليمات بالترويج لمشروع التوك توك كمشروع قومي وانتخابي لرئيس الجمهورية لحل ازمة المواصلات في مصر.

وقال: إنّ ترخيص الـ"توك توك" ضرورة، على أن يترافق مع وضع ضوابط مثل منع سيرها في الشوارع والمحاور الرئيسيّة وتوفير شروط لأمن ركّابها وسلامتهم، ووضع قواعد لاجتياز سائقيها اختبارات القيادة وإجراء تحاليل طبيّة للتأكّد من عدم تناولهم المخدّرات.

ومن جهته، لفت استشاري الطرق والكباري الدّكتور هشام عرفات لـ"المونيتور" إلى أنّه لا يمكن التحدّث عن منع استعمال الـ"توك توك"، إلاّ بعد توفير خدمة نقل جماعيّ متميّزة للطبقة الوسطى، وهي غير متوافرة حاليّاً، وقال: إنّ الهدف الرئيسيّ من الـ"توك توك" الوصول إلى أماكن يصعب الوصول إليها بوسائل المواصلات العاديّة. كما تستخدمها المرأة المصريّة في نقل الخضروات وأنابيب الغاز، بدلاً من اللّجوء إلى الّتاكسي العالي الكلفة. وإنّ مسألة الذهاب والعودة بالـ"توك توك" لا تتجاوز مسافة الـ2 كلم، وهي تتميّز باستخدامها كميّة قليلة من الوقود، مقارنة ببقيّة المركبات.

وأشار عرفات إلى أنّ "المشكلة ليست في التوك توك، بل في طريقة استخدامها، إذ أنّها تؤدّي دوراً لا يمكن إغفاله في القرى والنجوع غير الممهّدة، حيث تكون الأحياء عادة ضيّقة، ولا تتوافر وسائل مواصلات يستخدمها المواطنون في التنقل أو نقل أغراضهم. أمّا هذا الدور فيأتي بنتائج عكسيّة في المناطق والأحياء الرّاقية حيث الشوارع تكون عادة واسعة والطرق ممهّدة، وتتوافر وسائل المواصلات ويكثر امتلاك السيّارات، وحيث يمكن أيضاً أن تمتلك أسرة واحدة ثلاث سيّارات. ولذا، فإن وجود التوك توك في هذه الأحياء يؤدّي إلي زيادة التكدّس المروريّ وحوادث الطرق".

ومن جهته، قال رئيس قسم الإنشاءات والطرق في كليّة الهندسة بجامعة القاهرة الدّكتور مجدي صلاح الدين لـ"المونيتور": "إنّ التأخّر في منح تراخيص التوك توك، من 2001 إلى 2014، بعد الموافقة على استيرادها، أدّى إلى هدر مليارات الجنيهات، إذ تحصل التوك توك على البنزين بالسعر المدعّم في وقت لا تدفع فيه أيّ ضرائب أو رسوم".

أضاف: إنّ عدم وضع ضوابط لقيادة الـ"توك توك" أدّى إلى ظاهرة قيادتها من قبل الأطفال وارتفاع نسبة الحوادث في شكل غير مسبوق بسبب ممارسات سائقيها الخاطئة. كما يستخدمها بعض الأطفال كلعبة من دون تحمّل مسؤوليّة حياة الركّاب.

يجب تقنين أوضاع التوك توك، لا منعها، إذ أصبحت ظاهرة يرتبط بها ملايين العمّال من سائقين وفنيّين وتجّار، وتستخدمها كذلك ملايين الأسر المصريّة في حياتها اليوميّة.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in