القاهرة - قام عدد من الأقباط بتنظيم احتجاج داخل الكاتدرائيّة المرقسيّة في العبّاسيّة قدر بالعشرات في 3 حزيران/يونيو 2015 أثناء عظة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة وهو البابا رقم 118 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية. وردّد المحتجّون هتاف "نريد الزواج للمرّة الثانية". حاول الآباء احتواء الموقف، وذهبوا إلى الشباب المحتجّ، فواصل الشباب هتافاتهم، فقرّر البابا إلغاء العظة. وتبيّن أنّ المحتجّين هم من أعضاء ائتلاف متضرّري قانون الأحوال الشخصيّة المسيحيّين، المطالبين بالدولة المدنيّة، والذين يهدفون إلي تطبيق قانون مدنيّ للأحوال الشخصيّة للأقباط يمكّنهم من الطلاق والزواج للمرّة الثانية. وهو ما استدعى تدخّل قوّات الشرطة المصريّة التي قامت بالدخول إلي الكاتدرائيّة بناء على طلب الكنيسة وألقت القبض على عدد من المحتجّين بتهمة إثارة الشغب.
وجّهت انتقادات لهؤلاء الشباب، منها أنّهم استخدموا مكان الصلاة للتظاهر وعدم احترام الكنيسة وقطع عظة البابا التي كانت تنقل عبر العديد من القنوات الفضائيّة، وأنّ مطالبهم هي ضدّ تعاليم الكتاب المقدّس.
وقال المتحدّث باسم ائتلاف "متضرّرى قانون الأحوال الشخصيّة المسيحيّين" مجدي مهنّى لـ"المونيتور" إنّ لجوءهم إلى التظاهر جاء بعد محاولات باءت كلّها بالفشل بسبب رفض الأمن إدخالهم لمقابلة الأساقفة بعد الاستعلام عن سبب الزيارة.
وأضاف أنّ مطلبهم الوحيد هو تنفيذ لائحة 1938 التي وضعها المجمع المقدّس للروم الأرثوذكس، والتي تنصّ على 9 أسباب للطلاق والزواج الثاني، وهي الزنا، وإذا هجر الزوج الزوجة ثلاث سنوات ولا أحد يعلم عنه شيئاً والعكس، وإذا كان الزوج مصدر خطر على الزوجة والعكس، وإذا أصيب أحد الزوجين بحالة جنون وتمّ إيداعه في مستشفى أمراض عقليّة، أو إذا أصيب أحد الزوجين بأمراض معدية، أو سجن الزوج لمدّة سبع سنوات والعكس، وإذا تغيّبت الزوجة ولم يعثر عليها وكانت بعيدة عن بيت أهلها أو أقاربها، وإذا ترهبن أحد الزوجين، وإذا خرج أحد الزوجين عن الدين المسيحي وإذا كان الزوج غير قادر علي ممارسة الحياة الزوجية.
لم يتم اعتماد لائحة 1938 منذ عام 1971، عندما تولى البابا شنودة سلف البابا تاوضروس منصبه وحتى وفاته في عام 2012. وخلال فترة تبوء البابا شنودة للكرسي الرسولي لم تعترف الدولة بأي من أسباب الطلاق، ما عدا الزنا. في ذلك الوقت، لم تمنح الكنيسة القبطية الذين طلبوا الطلاق الحق في الزواج الثاني.
وقال محامي الكنيسة الأرثوذكسيّة المستشار رمسيس النجّار لـ"المونيتور" إنّ الكنيسة لا تملك أن تفسّر سرّ الزيجة كما تشاء، فهو منصوص عليه في الكتاب المقدّس، ولا طلاق إلّا لعلّة الزنا، والطرف المخطئ لا يصرّح له بالزواج والطرف غير المخطئ يصرّح له بالزواج. والزواج المدنيّ يعترف به مدنيّاً، ولكنّ الكنيسة غير مجبرة على الاعتراف به. ولكن إذا تمّ طبقاً للقواعد الكنسيّة، فإنّه يجوز أن تقرّه الكنيسة. والكنيسة لا يمكن في أيّ حال أن تتوسّع في أسباب الطلاق إلّا في حالات أشباه الزنا".
وأشار إلى أنّ مشروع قانون الأحوال الشخصيّة للأقباط في حال مناقشته في مجلس الشعب المقبل سيؤدّي إلى وفاته، لأنّ المجتمع المصريّ يؤمن بالطلاق بالإرادة المنفردة كما يؤمن بتعدّد الزوجات. وقد استقرّت أحكام محكمة النقض على أنّه لا يعتدّ بالزواج المسيحيّ إلّا إذا أقيمت المراسم الكنسيّة. لذا فعلى الدولة أن تفسح المجال أمام من يريدون الزواج المدنيّ كيفما شاءوا من دون أن تجبر الكنيسة على إقامة مراسيم دينيّة أو تعترف به.
وقال النائب القبطي في مجلس الشورى سابقاً ممدوح رمزي لـ"المونيتور" إنّ هناك شرطين للاعتراف بالطلاق في العقيدة الأرثوذكسيّة، أوّلهما ثبوت واقعة الزنا، والثاني بطلان عقد الزواج من الأصل كمن تقرّر في العقد أنّها بكر، ثمّ يثبت بعد الدخول عليها أنّها ثيب، أو أن يكون الزوج عنيناً أي غير قادر على ممارسة الجنس".
وأضاف أنّ قضيّة أقباط 38 ضعيفة ولن يحكم فيها لصالحهم لكون الكنيسة هي الطرف الوحيد المخوّل الفصل وإقرار الزواج الثاني والطلاق والفصل في تحويل الملّة وتركها، مشدّداً على أنّ القضاء ليس له سلطان على الكنيسة والمحكمة لا تملك إلّا الشقّ المدنيّ، ولكنّ الشقّ الكنسيّ من حقّ مؤسّسة الكنيسة، مؤكّداً أنّ الكنيسة لن تتخلّى عن حقّها في الزواج الكنسيّ حتّى في حال صدور حكم قضائيّ، فهو غير ملزم للكنيسة لتنفيذه.
وقال المفكّر القبطي كمال زاخر لـ"المونيتور: "من تظاهروا في الكنيسة من أجل الزواج الثاني طرقوا الباب الخاطئ، لأنّ الزواج المدنيّ موجود في أماكن كثيرة في العالم، ولا دخل للكنيسة فيه. فهو لا يخضع إلى رقابة الكنيسة، ولا يلزم الكنيسة بنتائجه والمسؤول عنه الدولة.
مشكلة الكنيسة الحقيقيّة هي في طريقة إدارة الأزمة نفسها، حيث ثبت أنّ الكنيسة تحتاج إلى تأسيس قنوات فاعلة للتواصل مع أصحاب المشاكل من الأقباط بعيداً عن الأنفاق القديمة التي أدّت إلي تفجّر هذا الأمر.
وفقا لكتاب الصحفية القبطية "كريمة كمال" والمعنون ب"طلاق الأقباط" والصادر في 2006 والتي أكدت فيه أن الانقلاب التشريعي الذي قادته القيادة الكنسية عن طريق البابا شنودة على لائحة 38، خلف أكثر من 300 ألف أسرة مسيحية محطمة وتعيسة ووصل الأمر إلي اتهام بعض الأقباط أنفسهم زورا بالزنا للحصول علي الطلاق و لكنهم اصطدموا بعد ذلك برفض الكنيسة منحهم تصريحا للزواج مرة ثانية بناء على ارتكاب معصية الزنا رغم أنها ليست حقيقية , مما يعنى أنهم ليس لديهم أي فرصة لحياه جديدة سعيدة مع شريك أخر في الحياة.