قد يندهش المتابع للتاريخ الإسلاميّ كيف تمّ الانتقال من الانتشار الواسع للإسلام الصوفيّ إلى الإسلام السلفيّ. ولكنّه لن يندهش حين يرى أنّ صعود ظاهرة التطرّف الدينيّ يتزامن في شكل واضح مع هذه النقلة المعرفيّة، حيث أنّ طبيعة الفكر الصوفيّ تعارض التطرّف، كما أنّ الفكر السلفيّ غالباً ما يتّخذ من التطرّف قاعدة دينيّة أساسيّة له.
وقد ساعد العامل السياسيّ والاجتماعيّ في توسيع حظوظ السلفيّة مقابل الصوفيّة. كما أنّ تركات الحقبة الاستعماريّة في العالم الإسلاميّ، إضافة إلى إنشاء دولة إسرائيل الذي جعل المعارضة مع الغرب مستمرّة في العالم الإسلاميّ، ساعدا في إيجاد أرضيّة خصبة للإسلام الثوريّ في شكل عام. وقد تجلّى الفكر الثوريّ في أشكاله اليساريّة والقوميّة خلال القرن الماضي. وبعد فشل هذه التجارب في قيام دولة وطنيّة مستقرّة في الشرق الأوسط، ارتفعت حظوظ الإسلام السياسيّ، الذي أخذ من السلفيّة ذريعة للتسويق لنفسه.