بعد الاعتداءات المروّعة بالحمض الكاوي على نساء في مدينة أصفهان، احتجّ الإيرانيّون على ما يعتبرونه عقاباً متساهلاً للرجال الذين يعنّفون النساء والمحافظين المهووسين بارتداء المرأة الحجاب.
وقد أثارت سلسلة الاعتداءات بالحمض الكاوي صدمة المواطنين الإيرانيّين وذعرهم. واستقبل التلفزيون الإيرانيّ الرسميّ اثنتين من الضحايا وأجرى معهما مقابلة. وكان وجه إحديهما مضمّداً بالكامل، فيما كان جانب من وجه الأخرى مشوّهاً. وتوفّيت ضحيّة أخرى من جرّاء الاعتداء. وزار وزير الصحّة الإيرانيّ حسن قاضي زاده هاشمي، وهو جرّاح عيون معروف، الضحيّة سهيلة جركش وفحص عينيها.
ونُشرت أشرطة فيديو على الانترنت لعدد من التظاهرات في أصفهان حيث حصلت الاعتداءات. وشارك رجال ونساء في الاحتجاجات أمام مبنى وزارة العدل في أصفهان. ويظهر في أحد الأشرطة مسؤول يطلب من الناس التحلّي بالصبر، ويعدهم بأنّ القضاء سيعاقب المعتدين بقسوة. وقد أجابه المحتجّون: "إنّها كذبة، إنّها كذبة".
واحتجّ عدد من المجموعات النسائيّة والناشطات البارزات، بمن فيهنّ نرجس محمدي ونسرين ستوده ونسرين أحمدي خراساني، أمام البرلمان في طهران. وردّدت المتظاهرات شعارات مثل "الاعتداءات بالحمض الكاوي جريمة، أيّها المشرّعون أظهروا دعمكم"، و"من حقّي مدينة آمنة"، و"الموت لـ [تنظيم الدولة الإسلاميّة]".
وانتقدن في الشعار الأخير الذي ردّدنه الشرطة الدينيّة التي استهدفت النساء بسبب عدم تقيّدهنّ بقواعد ارتداء الحجاب. وقد نفت السلطات أن تكون جماعات مثل أنصار حزب الله أو غيرها من الجماعات التي تنادي بـ "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" متورّطة في تلك الاعتداءات.
وأشار الرئيس حسن روحاني إلى هذه الجماعات بشكل غير مباشر في خطاب ألقاه في 21 تشرين الأول/أكتوبر في مدينة زنجان. فقال: "ليس هناك منكر أكبر من الفقر والبطالة والشقاق"، مضيفاً أنّ "المعروف الأكبر هو تنمية البلاد". ولم ينتقد روحاني "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، لكنّه قال إنّ هذا التعليم لا ينبغي أن تستعمله مجموعة معيّنة ضدّ أخرى، موضحاً أنّه "فعل مبتادل" وأنّ الإيرانيّين البالغ عددهم 77 مليوناً مشتركون فيه جميعهم.
وقبل الاعتداءات في أصفهان، سعى البرلمان إلى تأمين حماية قانونيّة للأشخاص الذين يطبّقون "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". فعندما كان هؤلاء يستهدفون امرأة غير محجبّة كما يجب في رأيهم، كان الأمر يؤدّي أحياناً إلى أعمال عنف يهاجم فيها الرجال والنساء المحرّض.
وعلى الرغم من نفي الحكومة، يعتبر الكثيرون أنّ تأمين الحماية القانونيّة لتلك الجماعات وتشديد شيوخ البلاد المبالغ فيه على قواعد ارتداء الحجاب تسبّبا بشكل مباشر أو غير مباشر بالاعتداءات بالحمض الكاوي.
وفيما أدان المسؤولون الإيرانيّون الاعتداءات وتمّ توقيف أربعة أشخاص، لم تقل السلطات أيّ شيء آخر عن القضيّة. وأعلن قائد الشرطة الإيرانيّة اسماعيل أحمدي مقدّم أنّه تمّ تحديد هويّة المشتبه بهم، لكنّ دوافعهم لا تزال غير واضحة.
وقام الإعلام الإيرانيّ بتغطية الاعتداءات والاحتجاجات بشكل مكثّف. ونشرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانيّة صوراً لاحتجاجات أصفهان، فيما نشرت وكالة أنباء فارس مقالاً بعنوان "60 سنة من الاعتداءات بالحمض الكاوي".