ما لم يطرأ تطوّر كبير مفاجئ في المواقف الداخليّة أو الخارجيّة قبل يوم الأحد المقبل في 25 أيار/مايو الجاري، يتّجه لبنان إلى الدخول في حالة من الشغور الرئاسي، هي الثالثة في تاريخه المعاصر. فالمحاولات المتكرّرة لعقد جلسة للبرلمان لانتخاب رئيس جديد انتهت إلى الفشل، فيما رئيس الجمهورية الحالي ميشال سليمان تنتهي ولايته منتصف ليل 24 الجاري. ويغادر بعدها القصر الرئاسي، ليكون أول رئيس لبناني لم يتسلّم الرئاسة من سلف ولا يسلّمها إلى خلف. فهو انتخب رئيساً في 25 أيار/مايو 2008 في ظل شغور رئاسي كان مستمراً منذ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2007، ويترك الرئاسة في 25 أيار/أيار 2014 في ظل شغور رئاسي مماثل لن تعرف مدّة استمراره.
غير أنه يمكن القول إن النظام السياسي اللبناني بات معتاداً على حالات الشغور الرئاسي ومتكيّفاً معها، خصوصاً في ظل التعديلات الدستوريّة التي أقرّها اتفاق الطائف في السعوديّة سنة 1989 والتي جعلت من موقع رئيس الجمهوريّة مركزاً ثانوياً ضمن النظام شبه البرلماني، بحيث يمكن لكل المؤسسات الدستوريّة أن تستمرّ في وظائفها في غيابه، إلى حدّ كبير. فالدستور نصّ على أنه في حال خلوّ الرئاسة، تنتقل صلاحيات الرئيس إلى مجلس الوزراء. علماً أن تلك الصلاحيات في حدّ ذاتها، ليست حاسمة ولا مقرّرة ولا معطلة لعمل النظام. فرئيس الجمهوريّة يحضر مجلس الوزراء ويترأسه. لكنه ليس هو من يقرّر جدول أعماله، ولا يصوّت على قراراته. حتى أنه لا يملك إلا صلاحيّة طلب مراجعة تلك القرارات، إذا كان معترضاً عليها. فإذا أصرّ عليها مجلس الوزراء، تصبح نافذة حكماً بعد أسبوعَين من إقرارها، وافق الرئيس أم لم يوافق. الأمر نفسه بالنسبة إلى مجلس النواب. فالدستور لم يعطِ الرئيس إلا صلاحيّة نشر القوانين التي يقرّها البرلمان. وإذا خالف أحدها، له أيضاً أن يردّها إلى النواب لإعادة النظر فيها. فإذا أصرّت أكثريّة النواب المطلقة على القانون المردود، يصدر حكماً بعد شهر كحدّ أقصى، وافق الرئيس أم لم يوافق.