مدينة غزة - وصل النائبان في المجلس التشريعي عن حركة "فتح" ماجد أبو شمالة وعلاء ياغي يوم الثلاثاء (21 كانون الثاني) إلى قطاع غزة في أول زيارة لهما منذ عام 2007 بعد سيطرة حركة "حماس" عليه، بعد اتصالات حدثت بين قيادات حركتي الفصيلين المتخاصمين عقب إعلان عن اسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة غزة عن السماح لقيادات وكوادر فتح الذين خرجوا من القطاع بالعودة إليه مجدداً.
ويعتبر النائبان أبو شمالة وياغي من ضمن القيادات الفتحاوية المحسوبة على رجل فتح القوي في قطاع غزة محمد دحلان والذي لا يزال في خصام مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس
وكان هنية أعلن في مؤتمر صحفي في السادس من الشهر الجاري في مقر وزارة الداخلية بغزة عن السماح بعودة كوادر حركة فتح الذين خرجوا من قطاع غزة عقب احداث الاقتتال في عام 2007 والسماح بزيارة نواب المجلس التشريعي بالإضافة إلى الإفراج عن عدد من معتقلي حركة فتح في سجون حماس في غزة ضمن مبادرة من طرف واحد "لتعزيز خطوات المصالحة مع حركة فتح".
وأثارت عودة النائبين الشكوك بأن تقارباً يجري في الغرف المغلقة بين دحلان و"حماس" سيما وأن الحركة الإسلامية سمحت للقيادي دحلان وعناصره بالعمل في قطاع غزة خلال الاشهر الأخيرة في مجالات مختلفة دون تشكيل أي مجموعات امنية حسب ما افادت مصادر في حركة حماس.
وقالت المصادر لـ "المونيتور" شرط عدم الكشف عن هويتها "أن اتصالات حثيثة جرت في الأشهر الأخيرة بين قيادات مقربة من دحلان وحركة حماس عبر عضو المكتب السياسي روحي مشتهى افضت إلى نوع من التقارب بين الجانبين وسمحت بتخفيف القيود الامنية على عناصر حركة فتح في القطاع".
ولا يبدو سماح حكومة هنية لدحلان بالعمل من خلال عناوين مختلفة في قطاع غزة قفزة في الهواء بين الجانبين، اذ تخفي خلفها تفاهمات معينة غير معلنة وهو ما أدى إلى تجنب الطرفين تبادل الاتهامات المتبادلة في وسائل الإعلام بينهما على خلاف ما كان سائداً في السنوات الماضية.
ومن ضمن التفاهمات التي خرجت إلى العلن هو اطلاق لجنة مشتركة "لجنة الت كافل الاجتماعي" والتي يرأسها ماجد أبو شمالة وتضم في عضويتها اثنان من قيادات من حماس هما اسماعيل الاشقر وروحي مشتهى، والتي ستتولى بناء مدينة للاسرى بتمويل اماراتي، وسبق أن اشرفت اللجنة على تنظيم حفل زفاف جماعي وتغطية رسوم لطلبة الجامعات، وتقديم مساعدات عينية للفقراء في القطاع
كما سمحت حكومة غزة بصورة غير معلنة باستئناف أنشطة مؤسسة خيرية تشرف عليها زوجة دحلان لدعم مشاريع إنسانية في قطاع غزة خصوصا مخيمات اللاجئين فيه.
من جانبه أوضح الكاتب السياسي أبراهيم أبراش أن التقارب بين دحلان وحماس بات جلياً لتحسين علاقتها مع النظام القائم في مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة التي تربط دحلان بهما علاقة قوية.
وقال في مقال نشره يوم الثلاثاء الماضي (28 كانون الثاني) "يبدو أن حركة حماس باتت تتحسس أن محمد دحلان ومن خلال علاقاته المتميزة مع الإمارات ومصر وعلاقاته التي لم تنقطع مع واشنطن يمكنه أن يمد لهم حبل الإنقاذ من مأزقهم الاستراتيجي السياسي والمالي".
وقال النائب أبو شمالة في حديثه مع "المونيتور" في غزة "نحن بصدد محاولة التنسيق مع الإخوة المصريين من أجل وقف أي إجراءات من شأنها أن تمس بأهلنا في غزة والتخفيف عنهم (في اشارة إلى القيود المفروضة على معبر رفح وإغلاق الانفاق)، ولدينا ثقة بأن الأخوة المصريين لديهم كامل الاستعداد للتخفيف عن أبناء غزة".
وفي معرض رده على السؤال بأن عودته لها مؤشرات تقارب بين تيار دحلان وحركة حماس قال "لا يمكن أن نقف عاجزين عن الأزمات التي يعاني منها قطاع غزة، يجب أن نحاول أن نضمد الجراح وأن نساعد في البناء بغض النظر عن الاعتبارات السياسية والتحليلات المختلفة".
وأوضح ذات المصدر في حماس أن حوالي 80% ممن سيعودون إلى قطاع غزة قريباً من ضمن الـ 120 الذين أعلن عنهم هنية في مقابلته مع قناة الكتاب الفضائية، ينتمون إلى تيار دحلان في حركة فتح، مشيراً إلى أن الأمر طبيعي كون اكثر المتضريين من الانقسام في حينه كان تيار دحلان كونه كان يقود الحرب على حماس.
يوسف رزقة المستشار السياسي لهنية نفى نفياً قاطعاً في مقال نشرته جريدة فلسطين التابعة لحركة حماس أن يكون هناك علاقة لزيارة النائبين في المجلس التشريعي أبو شمالة وياغي إلى غزة بتقارب مع دحلان وتياره وأن الأمر لا يتعدى كونه مبادرة حسن نية من طرف حماس لتسهيل الوصول إلى المصالحة الفلسطينية الداخلية.
المصدر في حماس قال أنه "قد يكون هناك جوانب تستفيد منها الحكومة في غزة من السماح لدحلان وكوادره سواء بالعودة أو لعناصره بالعمل في غزة ولكنها لم تكن الهدف الأساسي لتلك الخطوة" نافياً أن حماس تمارس العمل على التناقضات بين دحلان والرئيس محمود عباس لتحقيق انجازات سياسية.
وعلى الرغم من ذلك يستحيل الإنكار أن كلّ من الطرفين يستغل وضعه. تحاول حماس الصمود سياسيا في وجه الضغوط التي تمارس عليها من قبل مصر، وقد تساهم في ذلك العلاقة المتينة بين دحلان والقاهرة، فضلا الى الدولة الأساسية الداعمة له أي الإمارات العربية المتحدة. يسعى دحلان في الوقت نفسه الى الانخراط مجددا في المشهد السياسي الفلسطيني، الاّ انه يواجه عقبات خطيرة، اذ يلقى معارضة من قبل عباس و قيادات فتح الرئيسية في الضفة الغربية. وقد تساهم معاودة التواصل مع قاعدته الشعبية في قطاع غزة في في تعزيز نفوذه داخل فتح.
واتفق أبو شمالة والمصدر في حماس على أن قطاع غزة لن يشهد في الأيام القليلة القادمة زيارة للقيادي الفتحاوي محمد دحلان كون الأرضية المشتركة لم تبلغ بعد إلى مرحلة الزيارة. فيما قال المصدر في حماس "هكذا خطوة قد تحرق السفن مع أبو مازن".