انتقلت معركة محافظة الأنبار التي بدأها الجيش العراقي في نهاية كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي (2013) بهدف قتال تنظيم "الدولة الإسلاميّة في العراق والشام" (داعش) في الصحراء، إلى فضاءات مواقع التواصل الاجتماعي لا سيّما موقعَي "فيسبوك" و"تويتر". فقد سارع ناشطون داعمون للجيش إلى إنشاء صفحات تناصر القوات الأمنيّة. وفي موازاة ذلك، استحدث أبناء العشائر الذين يقاتلون الجيش و"داعش" صفحات مشابهة. وهذه الصفحات جميعها تنقل ما يدور من أحداث على الأرض، ولا يتوانى بعضها عن التحريض على طرفَي النزاع.
مسؤول صفحة "راية أهل السنّة في العراق" وهي صفحة ترى أن الجيش جاء ليحتلّ مدن محافظة الأنبار من أجل انتهاك أعراض السكّان، ظلّ يتوسّل لأكثر من 15 دقيقة للحصول على دعم الصحافة في "معركة أهل الأنبار ضدّ الجيش". ويشير في حديث إلى "الموينتور"إلى أن "الصحافة لم تنصف قضيّتنا. وقد أسّسنا الصفحة الإلكترونية على موقع فيسبوك من أجل أن ننقل إلى العالم ما يدور في الأنبار".
وتحظى "راية أهل السنّة في العراق" بتعاطف كبير من قبل الشبّان السنّة الذين يتبنّون رأي الصفحة في ما يتعلّق بـ"تعرّض المدن إلى الخراب على يد الجيش".
في المقابل، تسعى صفحة "الجيش العراقي الإلكتروني" إلى إغلاق جميع الصفحات التي تدعو إلى محاربة الجيش، عبر قيامها بإبلاغ موقع "فيسبوك" عن إساءة هذه الصفحات إلى بعض الرموز.
ويقول مسؤول الصفحة الذي رفض الكشف عن اسمه لـ"المونيتور"، إن "صفحتنا تحارب جميع الصفحات الإرهابيّة من كل المذاهب والديانات في العراق". وينفي أن تكون الصفحة قد تلقّت "أي دعم مادي من إحدى الجهات السياسيّة في العراق".
ويشير إلى أن الصفحة "تتواصل مع الجنود في الأنبار لنقل ما يدور على الأرض هناك".
وترفض صفحات عدّة أنشئت بالتزامن مع اندلاع أزمة الأنبار، التحدّث إلى الإعلام مثل صفحة "المجلس العسكري لثوار عشائر الأنبار" وصفحة "حراك".
ويقول الكاتب والمحلل السياسي مروان ياسين الدليمي إن "أي شخص متفاعل مع مواقع التواصل الاجتماعي بات على يقين شبه تام بأن ثمّة جيوش إلكترونيّة عقائديّة في حالة حرب شرسة في ما بينها". ويشدّد في حديث إلى "المونيتور"على أن "هذه الحرب قد تكون الأشد خطورة على المجتمع، لما ينتج عنها من شحن لمشاعر الحقد الطائفي والقومي".
ولا يستبعد الدليمي أن تكون "الحكومة العراقيّة وتحديداً التحالف الوطني قد وظّف العشرات من المجنّدين من أجل خوض معركة إلكترونيّة ضدّ كل الأصوات التي تتقاطع وتختلف مع سياساته".
إلى ذلك، تقول عضو لجنة الثقافة والإعلام بتول فاروق إن "الدستور العراقي الذي يكفل حريّة التعبير يمنع الحكومة من التدخّل لإيقاف ما يجري من حرب طائفيّة عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
وتوضح لـ"المونيتور" أن "التعليقات الطائفيّة عبر فيسبوك خلقت حالة من الاحتقان المذهبي في داخل المجتمع العراقي".