لم يمرّ موقف الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز القائل بأن "إيران ليست عدواً لإسرائيل"، مرور الكرام. فمن جهة، الموقف ليس غريباً عن شخصيّة طالما سعت إلى أن تصوّر نفسها حاملة لمشروع سلام شرق أوسطي يقوم على التعاون ما بين الدول وعلى التنمية الاقتصاديّة، شخصيّة إسرائيليّة لم تأتِ من صفوف العسكر حائزة على جائزة نوبل للسلام تقديراً للخرق الذي أحدثته على مستوى المفاوضات مع الفلسطينيّين والذي أفضى إلى اتفاق أوسلو. أما من جهة أخرى، فخطوة الرئيس الإسرائيلي لا تخلو من الحنكة والدهاء السياسيَّين، إذ إنها تستدرج رداً من الطرف الإيراني.
قابل بيريز الانفتاح الإيراني المتمثل بالرئيس الجديد حسن روحاني، بانفتاح مماثل. تميّز بذلك ومن دون شك عن التيار اليميني المتشدّد وعن بنيامين نتنياهو الذي وصف الاتفاق الدولي-الإيراني بالخطأ التاريخي، بعد ما وصلت به الأمور إلى نعت الرئيس الإيراني ومن على منصة الأمم المتحدة بأنه "ذئب في ثياب حمل". قد تكون خطوة الرئيس الإسرائيلي منسّقة مع رئيس وزراءه ربما لإدراكهما أن حملة التشكيك والرفض التي تشنّها الدولة العبريّة على الاتفاق الدولي مع إيران لا تعرّض فقط علاقاتها الإستراتيجيّة بالولايات المتحدة للاهتزاز، إنما أيضاً تريح الطرف الإيراني إذ تقدّمه إلى الرأي العام كشريك إيجابي ومتعاون في الوقت التي تتحمّل إسرائيل أعباء موقفها السلبي فتظهر بصورة الشريك المنغلق والمعوِّق.