أهم ما يميّز الحكومة المسؤولة عن غيرها هو وجود مؤسسات مهنيّة تمثل الأبعاد الحكوميّة المختلفة وتقوم بالإجابة المسؤولة عن توقعات وانتقادات المواطنين. وهذا ما يفتقده العراق في ظلّ المحاصصة الطائفيّة وفقدان المهنيّة والكفاءة في اختيار المسؤولين، ما يؤدي إلى عجز هؤلاء عن الشعور بالمسؤولية في التعامل مع قضايا البلد.
وفي حين أنّ من المفترض أن يمثل رئيس الحكومة الواجهة المسؤولة الرئيسيّة في السلطة التنفيذيّة، نشاهد دائماً أنه يلقي اللوم في ما خصّ فشل الأجهزة الحكوميّة في القيام بمهامها على فرقاء سياسيّين أو عوامل خارجيّة أو أسباب تاريخيّة ترجع إلى العهد القديم. وفي آخر تصريحات لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، حاول تبرير عجز الحكومة عن حلّ مشكلة الأمطار والسيول التي أدّت إلى خسائر جسيمة في مختلف مدن الجنوب، بشكل غير مسؤول تماماً. فقد ألقى اللوم ابتداءً على نظام البعث في هذه المشكلة، على الرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على انقضاء حكم البعث، وتسلّم المالكي الحكم لمدّة ثماني سنوات. بعد ذلك، انتقد المواطنين لعدم مبالاتهم في الحفاظ على مجاري المياه. وأخيراً وبحسب ما اعتاد، ركّز على دور الإرهاب وعلى من سماهم بالأخصام السياسيّين. وما يبعث على الاستعجاب هو أنه لم يتقدّم بأي اعتذار من المواطنين بسبب عجز الحكومة عن القيام بمهامها ومسؤولياتها، كما هو سائد في البلاد الديمقراطيّة في هكذا حالات عادة.