تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

قبل أن يفقد الشارع العراقي ثقته بالتغيير!

خطر حقيقي تقف عنده العمليّة السياسيّة في العراق، يتمثّل في اتساع رقعة اليأس الشعبي من إمكان إحداث تغيير عبر صناديق الاقتراع.
A protester holds up his red-inked finger during a demonstration at Tahrir Square in central Baghdad March 7, 2011. The protesters say they inked their fingers to show their disapproval with the government they elected in March 7, 2010, which they claim have not fulfilled its promises.     REUTERS/Saad Shalash (IRAQ - Tags: CIVIL UNREST POLITICS) - RTR2JKMV

لا أحد في العراق راضٍ عن أحوال البلاد.. بل إن مصطلح "التغيير" يكاد لا يفارق الأحاديث العراقيّة، ابتداءً من أعلى هرم السلطة وانتهاءً برجل عادي في الشارع.

ومع أن ثمّة خلافاً حول أهداف التغيير في العراق، إلا أن اتفاقاً كبيراً يتمّ حول أساليب التغيير والتي تحدث بالضرورة من خلال صناديق الاقتراع وليس خارجها.

الأنباء الواردة حول نسب إقبال الناخبين الضعيفة على تحديث سجلاتهم استعداداً للانتخابات التشريعيّة في نيسان/أبريل المقبل، تبعث على القلق في ما يتعلّق بإرادة التغيير بحدّ ذاتها. فالأرقام التي تسرّبت من مفوضيّة الانتخابات تشير إلى أن أقلّ من 500 ألف شخص حدّثوا سجلاتهم قبل أيام من انتهاء الفترة القانونيّة لذلك.

ولم تسهم مشاركة زعماء مثل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والزعيم الديني مقتدى الصدر، في حثّ الأهالي على تحديث سجلاتهم لرفع نسب المشاركة في هذه العمليّة حتى تبلغ أرقاماً مقبولة. بل إن القضيّة بدأت تثير مخاوف معلنة عبّر عنها زعماء سياسيّون مثل محافظ الموصل أثيل النجيفي الذي تحدّث عن إقدام 4% فقط من عرب الموصل على تحديث سجلاتهم.

وترافق ذلك مع اتهامات معلنة وجّهت إلى مفوضيّة الانتخابات، بالتقصير في حثّ الأهالي على ذلك. لكن المفوضيّة دافعت عن موقفها وأكدت تسيير فرق جوالة لتحديث السجلات ميدانياً.

كلّ ذلك الجدل لا يغيّر واقع الحال، إذ إن الرغبة في إحداث تغيير لا ترافقها خطوات عمليّة. وهذا الأمر ينطبق على الوسط السياسي العراقي، لكنه قبل ذلك ينطبق على الناخب الذي يشعر بالإحباط نتيجة العجز السياسي والاقتصادي المتواصل في البلاد.

والخطورة الحقيقيّة التي تقف عندها العمليّة السياسيّة في العراق اليوم، هي اتساع رقعة اليأس الشعبي من إمكان إحداث تغيير عبر صناديق الاقتراع. فلو استمرّت مقاطعة الانتخابات والعزوف عن التداول الشعبي للشأن السياسي، فإن الوسط السياسي قد يجد نفسه في جزيرة معزولة عن الشارع.

لم يقدّم هذا الوسط بكل مفاصله حكومة ومعارضين وقوى سياسيّة قديمة أو جديدة، دليلاً ملموساً للناخب حول الإصلاح. بل إن الانشغال في الصراعات السياسيّة واستخدام كلّ الأسلحة في التسقيط المتبادل ودفع البلاد إلى هوّة عميقة من الفساد والشكوك وانعدام الثقة، أمور قادت من ضمن نتائجها إلى إبعاد المزيد من الناخبين عن ممارسة دورهم في التغيير عبر صناديق الاقتراع.

الجسور المقطوعة بين رجل السياسة والناخب، وبين الحكومة والبرلمان والكتل السياسيّة، وبين الرئاسة والحكومة والبرلمان، بل إن الجسور المقطوعة بين كلّ مؤسّسات الدولة العراقيّة، تنذر بخطر حقيقي. وتجسير تلك العلاقات المقطوعة يحتاج إلى رؤية متّفق عليها وأرضيّة وثوابت وطنيّة.

لا يمكن استعادة ثقة الشارع عبر إعلان تلفزيوني يحثّ الناخبين على المشاركة في الانتخابات، ولم يعد يجدي استخدام المخاوف الطائفيّة والعرقيّة لإقناع الأهالي بتحمّل مخاطر وتهديدات القوى الإرهابيّة والتوجّه من جديد إلى صناديق الاقتراع. فما يحتاجه العراق من قياداته هو إثباتات حقيقيّة على رغبتهم بالتغيير أولاً. عليهم تقديم المزيد من التضحيات والتنازلات لتحقيق الأمن ودفع عجلة البلاد المتوقّفة.

من دون تضحيات كبيرة لن يشعر الناخب أبداً بإخلاص هذا الوسط السياسي الذي يعيد إنتاج نفسه باستمرار منذ العام 2003، وسيبتعد تدريجياً عن صناديق الاقتراع حتى يصل الأمر إلى انتخابات لا تحمل مشروعيّة الشارع.

لا أحد يرغب بالوصول إلى هذه النتيجة الكارثيّة. لكن تجنّبها لا يكون بالأمنيات والشعارات العريضة، بل بعمل متواصل يفضي إلى إعادة الثقة.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial