حين تمشي في الضاحية الجنوبيّة لبيروت وهي المعقل الرئيس لحزب الله، تصادفك صور عديدة لشهداء الحزب ومجالس عزاء لهم ولافتات كثيرة تتضمّن شعارات ومضامين مرتبطة بالجهاد المقدّس في سوريا. ويدهشك العدد الكبير من المظاهر والعناصر الأمنيّة المنتشرة في كلّ نواحيها، كأنك تقيم في معسكر كبير لا يبعد عن جبهات القتال إلا مسافة صغيرة. فالجميع يتحدّثون عن أحداث القتال القائم، والكلّ مستعدون لأي تطوّر جديد يمكن أن يحدث في الأزمة الطائفيّة المتفاقمة وما تخلّفه في داخل لبنان.
واختلاف نمط الحياة يظهر بشكل بارز في الضاحية مقارنة بالمناطق الأخرى من بيروت. فالفقر ينتشر وكذلك المشاكل الاقتصاديّة بشكل واضح في نواحي الضاحية بغالبيّتها. أيضاً، الهويّة الدينيّة المتجليّة في المعالم المعماريّة والعادات الاجتماعيّة تميّز هذه المنطقة عن غيرها في بيروت، بشكل بارز. ومن حيث الانتماء الاجتماعي، ثمّة دلالات لغويّة وثقافيّة واضحة تبيّن الجذور الريفيّة للأغلبيّة التي تقطن هذه المنطقة، والتي نزحت إليها من قرى الجنوب اللبناني في العقود الأخيرة من القرن المنصرم بسبب الاحتلال الإسرائيلي والحرمان الاقتصادي في الجنوب.