على الرغم من تجربة في الحكم استمرّت عشر سنوات، لم تستقرّ العمليّة الساسيّة في العراق وترسو على وفاق بين الشركاء السياسيّين. فبينما تصرّ الأطراف المشتركة في الحكومة على المشاركة في صنع واتخاذ القرار السياسي، يصرّ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على اتهام شركائه بأنهم يحاولون عرقلة جهوده لاتخاذ القرارات. وقد أدّت اتهامات التفرّد بالسلطة والردّ على هذه الاتهامات بعد أن فشلت اتفاقيّة إربيل الهشّة سياسياً، إلى حدوث اضطرابات سياسيّة وأمنيّة مستمرّة في السنوات الثلاث الأخيرة، ما منع تحقيق إنجازات محسوسة لتوفير الخدمات وتحسين الوضع الأمني وغيرها من مهام الدولة.
ويبدو أن نموذج منح سلطة القرار للجهة الفائزة بالانتخابات ووضع الجهات الأخرى في موقع المعارضة، لم يكن صالحاً في خلال الفترة الحاليّة التي يعيشها العراق. فالوضع العراقي المتذبذب في ظلّ غياب نظام دولة مستقرّة ومؤسّسات مهنيّة فاعلة، يحتّم اختيار نموذج النظام التوافقي بدلاً من نموذج الدور الثنائي للحكومة والمعارضة. وبالتالي فإن القرارات المصيريّة في البلاد يجب أن تتّخذ في فضاء يشارك فيه الجميع، خصوصاً في ما يتعلّق بمواجهة الانهيار الأمني.