تعود فكرة إحياء "يوم القدس" في كلّ عام في آخر يوم جمعة من شهر رمضان، إلى الإمام الخميني مطلق الثورة الإسلاميّة في إيران. وتعتبر طهران وحلفائها في المنطقة كلها أن الاحتفال بهذا اليوم هو من المناسبات الأكثر أهميّة على روزنامة العمل الإيراني على الساحة العربيّة. فطوال العقود الماضية بات واضحاً أن الطريق السريع والمضمون لأيّة جهة تسعى للدخول إلى قلوب مواطني الشرق الأوسط ، هو التضامن مع القضيّة الفلسطينيّة. ورئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان اختبر هذا الأمر بنجاح. فمواقفه المؤيّدة للقضيّة الفلسطينيّة جعلت المسلمين العرب ينجذبون اليه ويتناسون عهود القمع العثماني لكثير من شعوبهم خلال الحربَين العالميّتَين الأولى والثانية. والأمر نفسه كانت قد اختبرته طهران الإسلاميّة منذ نهاية عقد سبعينيّات القرن الماضي حتى الآن. لقد أنزلت الثورة الإسلاميّة في إيران فور انتصارها العلم الإسرائيلي من فوق مبنى سفارة تل أبيب في طهران التي كانت قد افتتحت في زمن حكم الشاه، لترفع مكانه العلم الفلسطيني. فشكّل هذا الحدث أهمّ جواز عبور إيراني إلى قلوب مئات الملايين من الشعوب العربيّة والإسلاميّة.
ما من شكوك حول أن الثورة الإسلاميّة في إيران استثمرت لمراكمة نفوذها داخل المنطقة العربيّة، في القضيّة الفلسطينيّة. فقد أنشات "حزب الله" في لبنان في بداية عقد الثمانينيات في القرن الماضي، وقبل ذلك دعمت حركة "فتح". ومن ثمّ بنت علاقة استراتيجيّة مع حركة "حماس" بوصفها مقاومة إسلاميّة فلسطينيّة. ورفع الخطاب السياسي الرسمي الإيراني من لهجته لدى حديثه عن إسرائيل التي اعتبرها وما زال "غدّة سرطانيّة يتوجّب استئصالها". وبكلام موجز، فإن الركيزة الأهمّ التي تتكئ عليها الاستراتيجيّة الإيرانيّة لبسط نفوذها في الشرق الأوسط ولتحقيق مقبوليتها بين الشعوب العربيّة، هي إعلان تأييد طهران المتطرّف للقضيّة الفلسطينيّة وعدائها المستطير للدولة العبريّة.