إجتمع وزراء خارجية الدول الأوروبية اليوم الأتنين وصوتوا على قرار يدرج حزب الله على قائمة الإرهاب. الخطوة في مسارها وصيغتها وتوقيتها صورة عن السياسة الخارجية لأوروبا بتناقضاتها واسلوبها. أهم ما في هذا القرار أنه جاء يميز بين حزب الله-الجناح العسكري فيدرجه على لائحة الإرهاب وبين حزب الله-الجناح السياسي قيقر بوجوده في الحكومة اللبنانية ويؤكد على مشروعيته التمثيلية للطائفة الشيعية. وفي هذا التمييز تمايز وتناقض في آن. فهو لا يشير فقط إلى تمايز عن الشريك الأميركي من حيث الأسلوب إنما أيضاً يعبر عن تناقضات داخل امجموعة الأوروبية التي مهما قيل عن درجة اندماجها إقتصادياً تحت راية عملة واحدة وتماسك وحدتها الإقتصادية لا سيما مؤخراً على ضوء تداعيات الأزمة المالية العالمية، تبقى أوروبا ، "أوروبا الدول" أي كونفدرالية دول لكل منها تاريخ، أكان أستعمارياً أوتعاونياً، في منطقة اشرق الأوسط، وكل منها غيور على سياسة بلاده الخارجية التي يعتبرها أولى مقومات سيادته الوطنية. وقلما توصلت هذه المجموعة إلى صنع سياسات فاعلة فحتى لو توصلت بعد جهد جهيد إلى توحيد الموقف، إفتقدت إلى الأدوات التنفيذية. وهكذا كان الحال حتى لما إمتدت نيران الأزمة إلى الداخل الأوروبي في منتصف التسعينات، فلولا التدخل الأميركي العسكري في حينه لإستمرت الحرب اليوغوسلافية إلى أيامنا هذه.
لا شك أن هذا القرار يسعى بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الإصطفاف، أو التقارب مع الموقف الأميركي. وربما أتى نتيجة ضغط أوساط أميركية معينة وذلك أولاً على خلفية الصراع الدائر مع إيران وكيفية مواجهته، وثانياً على ضوء الضغط المتزايد من أجل التوصل إلى مقاربة واحدة وفاعلة للأزمة السورية. ولكن لا بد من الإشارة إلى إختلاف في أسلوب كل من الشريكين ، ظهّره هذا القرار خير تظهير وذلك رغم سعيه للتقريب ما بين الموقفين. فالبرغماتية ألأوروبية تختلف عن نظيرتها الأميركية، حتى في نسختها الكسينجيرية التي هي الأبنة الشرعية لها -أوليس كسنجر وريث فكر مترنيخ ومصدره الى القارة الجديدة. فمثلاً حين تقول الأولى بضرورة المقاطعة الكاملة تبقي الثانية على قناة إتصال مع الخصم ولو في حدها الأدنى ولا تقطع شعرة معاوية. ولعل أفضل تعبير عن هذا التمايز الأوروبي ما جاء مرة ومن فترة ليست بعيدة على لسان أحد السفراء الفرنسيين في بيروت الذي عايش فترة الصراع مع حزب الله فقال معلقاً : إن المقاطعة الكاملة تتنافى ومبدأ التفاوض فالإصرار عليها كمن يطلب من أحدهم أن يبتر يدهقبل الذهاب الى حلبة الملاكمة؟