انتهت عملياً في لبنان ظاهرة الشيخ الإسلامي السُنّي أحمد الأسير بقوّة الجيش اللبناني وبأكلاف بشريّة وصلت إلى عشرات القتلى والمصابين. لكن تداعيات هذه العمليّة في جوار عاصمة جنوب لبنان صيدا، ستكون لها تتمّة على الأرجح لأن ذريعة استياء سُنّة لبنان ومعهم جزء كبير من المسيحيّين والدروز ستظلّ أقوى من المعالجة، خصوصاً أن لا حكومة أصيلة ولا مؤسّسات تعمل بانتظام في هذا البلد الشديد الهشاشة أصلاً، والمتفاعل بعمق مع ما يجري في جارته الأقرب سوريا.
نشأت ظاهرة إمام مسجد عبرا، البلدة التي غادرها أهلها المسيحيّون في شرق صيدا بنتيجة التهجير خلال الحرب الأهليّة (1975- 1990) وعادوا إليها ليجدوا معالمها الديموغرافيّة وحتى الجغرافيّة قد تغيّرت، إنطلاقاً من رغبة كامنة في الإعتراض على ما تعتبره غالبيّة الطائفة السنيّة استقواءً من "حزب الله" الشيعي عليهم وعلى الدولة، بالإستناد إلى قوّة السلاح الذي احتفظ به الحزب المذكور بعد انتهاء الحرب الأهليّة تحت عنوان أنه معدّ للإستخدام في سبيل مقاومة إسرائيل. وبعد انسحاب إسرائيل من لبنان في العام 2000، بقي هذا السلاح بقبول إرغامي فرضه النفوذ العسكري السوري وكانت الحجّة أن هناك قطعة أرض متنازع عليها بين إسرائيل ولبنان وسوريا تُعرف باسم مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.