بدت بلدة عبرا التي تُعدّ أحد أحياء مدينة صيدا (عاصمة جنوب لبنان) وكأنها قطعة من أفغانستان في عهد حركة طالبان. لقد أنشأ فيها الشيخ المتشدّد أحمد الأسير منذ أشهر عدّة، مربّعاً أمنياً حول مسجد بلال بن رباح الذي اتّخذ منه مقراً له ولجماعته.
وقصّة هذا الشيخ لا تختلف كثيراً في إطارها العام عن قصّة المئات من أمثاله الذين تصدّروا خلال السنوات الخمس الأخيرة مسرح الأحداث في العديد من الدول العربيّة. فصعود الحركة السلفيّة في العالم العربي مستفيدة من طفرة الثورات العربيّة وانهيار الحكم المركزي العسكري الذي سيطر على دوله لعقود خلت، جعل الساحة العربيّة تعجّ بظاهرة بروز مشايخ على نحو مفاجئ، يتحلّق حولهم العشرات من الممتلئين حماسة والمستعدّين إلى تقديم أرواحهم من أجل بسط حكم الإسلام على الأرض. وهذه الظواهر المعتمدة إيديولوجياً على محاكاة فترة السلف الصالح (أي مرحلة حياة صحابة الرسول محمّد)، بدأت تجد تعبيراتها الواضحة في لبنان، منذ بدء الأحداث في سوريا. وُيعتبَر أحمد الأسير أحد أبرز نماذجها. وبحسب ما كان متوقعاً، انفجر يوم الأحد الماضي 23 حزيران/يونيو الجاري الصراع العسكري المفتوح بين جماعة الأسير والجيش اللبناني، بعد أن كان الأخير قد حاول تحاشي هذه المواجهة إلى درجة جلبت عليه الانتقاد من قبل الإعلام اللبناني. ولكن الجيش يقول اليوم أن أحمد الأسير تجاوز الخطوط الحمر عندما قام عناصره من دون سبب بقتل ضابطَين على أحد حواجزه .