لا يُعتبَر أبو سقار "بطل" مشهد تمزيق جسد أحد عناصر الجيش السوري النظامي والتهام قلبه، ممثلاً عن كلّ المعارضة السوريّة بالتأكيد، لكنه ينقل صورة الحرب الأهلية الأكثر بشاعة ويطرح أسئلة حول مستقبل الصراع في سوريا والأطراف التي سيقع على عاتقها صوغ مستقبل هذه البلاد.
في العراق، كان هناك أكثر من "أبو سقار" واحد في الطائفتين. فالحرب الأهلية التي اندلعت بين العامين ٢٠٠٦ و ٢٠٠٧ أفرزت العديد من المشاهد المروّعة. ربما لم تكن بشاعتها بحجم بشاعة الصورة الأخيرة للحرب السوريّة، لكنها بالتأكيد كانت تمتلك كل المعطيات والمبرّرات الواجبة لإنتاج صورة مماثلة.
هل أساء مشهد أبو سقار الذي يُعرض باعتباره لأحد قادة مجموعة "الفاروق"، إلى المعارضة السوريّة؟ لا جدال في أن ردود الفعل الداخليّة والإقليميّة والدوليّة كانت تشير الى موقف حرج وُضِعت فيه المعارضة السوريّة والفصائل المسلّحة السوريّة وأبرزها الجيش السوري الحرّ، من قبل "آكل لحوم البشر".
وكانت المعارضة قد استخدمت في وقت سابق مشاهد مروّعة مشابهة لإثبات السلوكيّات البشعة التي يمارسها عناصر النظام ضدّ سكان المدن التي تشهد اضطرابات.
ولطالما تأسّست وجهات نظر دوليّة على مثل تلك الصور اليوميّة، لتأييد طرف وإدانة آخر في الحرب السوريّة.
لكن مشاهد الفيديو المصوّرة بأجهزة الهواتف النقّالة، بالإضافة إلى تحوّلها سلاحاً إعلامياً فعالاً وبديلاً عن التغطيات الإعلاميّة التقليديّة، هي سلاح ذو حدَّين وارتداداته خطيرة.
فتحوّل بعض المقاتلين إلى استعراض التعامل مع السلاح ومفردات الحرب بشكل يومي على شاشات التلفزة يخلق نجوميّة من نوع آخر ويبيح التصعيد في الترويع. قد لا يكون ذلك بهدف إرعاب العدو، وإنما لانتزاع موقع داخل منظومة المعارضة وجيوشها.
في المقاربة العراقيّة، شاهدنا أكثر الأطراف المسلّحة تطرّفاً ت وهي تحاول إثبات منزلتها داخل مجموعاتها. فقائد تنظيم القاعدة السابق أبو مصعب الزرقاوي قام بعمليّات ذبح عدّة بنفسه، بثّ بعضها على الإنترنت، لإثبات قيادته للتنظيم.
اليوم، ليس من السهل على المعارضة السوريّة تدارك الأضرار التي ألحقتها الصورة الأخيرة بسمعتها وبطروحاتها وبمجمل الوضع السوري، وبالتالي تترتّب عليها مهمّة كبيرة وصعبة في ما خصّ ضبط ردود فعل عناصرها، وإنزال عقوبات صارمة بحقّ مرتكبي انتهاكات كتلك التي أقدم عليها أبو سقار.. انتهاكات تدينها كل الشرائع السماويّة والإنسانيّة.