بينما تتعرض إدارة الثروة النفطية في العراق لانتقادات حادة وتهم بالفساد، من قبل عديد الإطراف السياسية، أعلنت السفارة الأميركية في بغداد، عن توقيع اتفاقية مع الحكومة العراقية، تستهدف تحسين مستوى الشفافية في وزارة النفط.
وقالت السفارة، إن "حكومة الولايات المتحدة، متمثلة في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وقعت يوم 17 مارس 2013 مذكرة تفاهم مع وزارة النفط العراقية ترسم أطر الدعم المقدم من الولايات المتحدة إلى وزارة البترول بغية تحسين فعالية وشفافية عملياتها".
وقالت السفارة إن مراسم التوقيع على مذكرة التفاهم تمت في السفارة الأمريكية في بغداد بحضور كل من مدير عام التنمية والتدريب بوزارة النفط العراقية إقدام محمد رضا، ومدير بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية توماس ستال.
ويقول رضا إن "التعاون المتمثل في توقيع هذا الاتفاق سوف يكون مفيداً جداً بالنسبة للوزارة"، في حين قال ستال إن "توقيع هذا الاتفاق يعد جزءاً من التزام الولايات المتحدة تجاه مساعدة العراق على إدارة موارده بكفاءة أكبر لما فيه مصلحة مواطنيه".
وتتهم وزارة النفط بسوء إدارة القطاع النفطي، على مستوى رفع معدلات الانتاج والتصدير، فضلا عن افتقار معظم المنشآت النفطية للعدادات التي تقيس كمية النفط الخام المصدر، واعتمادها على "الذرعة"، أي قياس الكميات بطريقة يدوية. ويقول خبراء ونواب عراقيون إن هذا الأمر يكبد العراق خسائر كبيرة.
ويقود الوزارة مهندس النفط المخضرم كريم لعيبي، لكن الاوساط الاقتصادية العراقية تعتقد أن المتحكم الحقيقي في السياسة النفطية العراقية، هو نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني وهو عالم ذرة، مقرب للغاية من رئيس الحكومة نوري المالكي.
ويقول عضو لجنة الطاقة في البرلمان عدي عواد إن "مجلس النواب العراقي لا يعلم شيئا عن طبيعة عمل وزارة النفط والعقود التي توقعها". وأضاف أن "المعلومات المتعلقة بأداء الوزارة تصل إلى البرلمان ولجنة الطاقة فيه بشكل جزئي، وهذا يدل على وجود فساد في الوزارة".
وينص اتفاق تحسين مستوى الشفايفة في مؤسسات النفط العراقية بين بغداد وواشنطن على تقديم الدعم لوزارة النفط من خلال مشروع الإصلاح الإداري (ترابط)، الذي تموله الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وفقاً لمبادئ اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين الولايات المتحدة والعراق.
وقالت السفارة الأميركية إن "مشروع (ترابط) سيساعد وزارة النفط العراقية على الإرتقاء بمستوى الخدمات الحالية المقدمة ومراعاة تطبيق مبدأ الشفافية من أجل تلبية احتياجات الشعب العراقي بشكل أفضل، بما في ذلك تحسين ممارسات عقود المشتريات وطرق تطبيق منظومة إدارة التنمية الجديدة في العراق، بالإضافة إلى إدخال أحدث برامج الحاسوب المستخدمة في عملية إدارة ميزانية الوزارة لرأس المال الاستثماري".
وكانت وزارة النفط العراقية، أعلنت مطلع الشهر، عن سعيها لنصب منظومة عدادات إلكترونية لقياس كميات النفط المصدرة عبر ثلاث منصات عائمة في المياه الإقليمية العراقية، بعدما أكدت أن عمليات التصدير عبر المنصات تعتمد حالياً على طريقة (الذرعة).
وقال المسؤول في الوزارة عمار العيداني، إن العراق يمتلك ثلاث منصات عائمة جديدة لتصدير النفط الخام، هي ( جيكور والمربد والفيحاء)، منها منصتان قيد الخدمة، والثالثة لم تستخدم بعد. وأضاف أن "عمليات التصدير من خلال المنصتين العائمتين تعتمد على طريقة الذرعة في احتساب كميات النفط، لعدم اكتمال مشروع نصب منظومة عدادات قياس للمنصات".
وتابع أن "الربع الأول من العام المقبل 2014 سيشهد الانتهاء من مشروع تجهيز ونصب منصة بحرية عائمة لمعدات القياس ستكون مخصصة لمنصات التصدير العائمة". ويعتقد العيداني أن "طريقة الذرعة وإن كانت بدائية، إلا أنها تمثل طريقة قياس عالمية رائجة ويعتمدها الكثير من الدول المنتجة للنفط، بما فيها دول عربية".
وتتهم عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي، نورا البجاري، إدارة القطاع النفطي العراقي، بـ "عرقلة طلبات مستثمرين عرب وأجانب راغبين في توظيف أموالهم في قطاع التكرير". وتقول "على رغم إقرار قانون الاستثمار في نشاط تكرير النفط الخام عام 2007، إلا أن وزارة النفط لم تمنح أي إجازة لأي مستثمر باستثناء موافقات ثلاث لم تدخل حيز التنفيذ بسبب عراقيل أضيفت إلى جملة شروط تعجيزية يجب توافرها في الشركة المتقدمة".
وتعتقد البجاري أن "الخطأ الذي وقع فيه المشرعون هو أنهم أوكلوا مهمة الإشراف ووضع الشروط إلى وزارة النفط". وقالت "كان من الأفضل أن توكل هذه المهمة إلى هيئة الاستثمار التي يمكن أن تستعين بخبراء نفط، على أن توكل مهمة الإشراف على نشاط الشركات المختارة إلى وزارة النفط بعد إتمام المشروع".
ويقول مدير مصافي وزارة النفط العراقية أحمد الشماع إن بلاده تجري محادثات مع شركات أبدت رغبتها في الاستثمار في المصافي المحلية. ويضيف "هناك خمس مصاف كبيرة معدة للاستثمار القريب والبعيد، وأعددنا تصاميم كاملة لها وهي متطورة وتقدم منتجات بمواصفات حديثة". وتابع أن "هذه الاستثمارات ستكون تابعة للقطاع الخاص بشراكة أجنبية عراقية". ومضى يقول إن "أهمّ شرط للحصول على رخصة الاستثمار في هذه المصافي هو تشغيل عراقيين بنسبة لا تقل عن 75 في المئة".
ويقول عصام الجلبي، وهو وزير نفط عراقي سابق، إن "العراق بلد نفطي، لكنه يستورد المشتقات النفطية من الخارج لسد حاجته منها بعد 10 سنوات من الغزو الامريكي العام 2003".
ويقول الجلبي، إن "معدل استيراد العراق من المشتقات النفطية بلغ خلال بضع سنوات تلت الغزو الأميركي 6 مليارات دولار". وكشف أن "مجموع المبالغ التي صرفتها الحكومات العراقية على استيراد المشتقات النفطية والغاز خلال السنوات العشر الماضية بلغت 30 مليار دولار".
واضاف أن "هذه المبالغ كانت كافية لانشاء ما لا يقل عن 5 مصاف عملاقة في العراق، لكنه لم يتم بناء أي مصفى جديد ولا تزال الحكومة تتعاقد مع الشركات لاستيراد هذه المشتقات". وقال "فضلا عن ذلك لا توجد خطط لبناء مصاف جديدة بمعنى ان العراق سيبقى مستورداً للمشتقات خلال العقد المقبل".