مضى على توقيع اتّفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهليّة في لبنان خمسة وعشرون عاماً. وقد سال حبر كثير عن هذا الاتّفاق. هناك من رأى فيه إصلاحاً أساسيّاً لنظام غير متوازن أسّس عام ١٩٢٠، ومجحف في حقّ المسلمين، وهناك من اعتبره، وفي شكل خاصّ فريق من المسيحيّي الذين دعموا عون في عام 1989، إذعاناً للرغبة الدوليّة، وتكريساً للوصاية السوريّة. لم يشكّل هذا الاتّفاق حجر عثرة بين المسيحيّين والمسلمين فقط، بل في مرحلة لاحقة، شكّل تعديل هذا الاتّفاق مطلباً شيعيّاً، عبر الدعوة إلى مؤتمر تأسيسيّ عبّر عنه حزب الله، وذلك في مواجهة رفض وانتقاد سنيّين. والسؤال الذي ما برح يفرض نفسه على جميع اللبنانيّين: هل يؤسّس هذا الاتّفاق حقّاً لحلّ مستدام للبنان؟ خصوصاً أنّه مضى على توقيعه ربع قرن، ولم يشهد لبنان طوال تلك الفترة لا استقراراً، ولا سلاماً مستداماً، لا بل سلسلة أزمات متعاقبة. وما سمّي بوثيقة الوفاق الوطنيّ لم يشكّل مدخلاً إلى توافق اللبنانيّين، لا بل على العكس، ارتفع منسوب التوتّر المذهبيّ والطائفيّ أكثر من أيّ وقت مضى...
فهل العلّة في التطبيق، أم في النصّ نفسه، والمبادىء التي قام عليها، والظروف التي أحاطت به يوم توقيعه؟ يقول الرئيس حسين الحسيني، وهو عرّاب الطائف، والشخصيّة الشيعيّة التي ترأّست أعمال المؤتمر الذي أخرج الاتّفاق: "لم ينفّذ من اتّفاق الطائف ولا حرف". تجمع القوى السياسيّة كافّة على هذا التوصيف، ولكنّها تختلف حول أسباب عدم التطبيق. ويقول نائب رياديّ في 14 آذار رفض الافصاح عن اسمه الى المونيتور: "شهدنا في الفترة الممتدّة من عام 1990 إلى عام 2005 نسخة سوريّة لهذا الاتّفاق، الذي تمّ تحويره لخدمة المصالح السوريّة. كرّس السوريّون نظام الترويكا وأبقوا مفاصل الحكم بين أيديهم. أمّا اليوم فنحن أمام "النسخة الحزب اللهيّة". فحزب الله بفائض قوّته أبطل مفاعيل الاتّفاق، وكرّس عبر ما سمّاه "الميثاقيّة" فيتو على كلّ قرار حكوميّ".