رام الله – الضفّة الغربيّة: يستعدّ فريق عمل فلسطينيّ - أردنيّ مشترك مكوّن من الإدارات الجمركيّة، وبالتنسيق مع وزارات الصناعة والاقتصاد والنقل في البلدين، لبدء مشاورات خلال الأيّام والأسابيع المقبلة، لمناقشة التفاصيل المتعلّقة بإنشاء منطقة لوجستيّة للتبادل التجاريّ بين الجانبين.
وتوافق الجانبان، على هامش اجتماعات اللجنة الفلسطينيّة - الأردنيّة العليا المشتركة، التي عقدت في العاصمة عمان في 6 و 7 تمّوز/يوليو، على إنشاء منطقة لوجستيّة على الجانب الأردنيّ من الحدود (منطقة الشونة)، بهدف توسيع قاعدة النشاط والتبادل التجاريّ بين فلسطين والأردن وتحفيز الاستيراد والتصدير من خلال المعابر الأردنيّة من فلسطين وإليها.
ويعدّ هذا التوافق استكمالاً لجملة من القضايا ومذكرات التفاهم التي تمّ التوافق عليها سابقاً خلال زيارة رئيس الحكومة السابق رامي الحمد الله للأردن في 17 أيلول/سبتمبر من عام 2018، وأهمّها: زيادة التبادل التجاريّ بين البلدين، وزيادة الاستيراد من الأردن إلى نصف مليار دولار، وإقامة المنطقة اللوجستيّة.
وأشار وزير الاقتصاد الفلسطينيّ خالد العسيلي في حديث لـ"المونيتور" إلى أنّه تمّ التوافق على إنشاء منطقة لوجستيّة مشتركة برأسمال 30 مليون دينار أردنيّ (42 مليون دولار) مناصفة بين الحكومتين من شأنها تسهيل الواردات والصادرات بين البلدين، وقال: إنّ هذه المنطقة ستتيح المجال أمام المنتجات الفلسطينيّة للوصول إلى مزيد من الأسواق العربيّة والدوليّة، وهي تأتي في صلب الترجمة العمليّة لرؤية الحكومة الفلسطينيّة في الانفكاك التدريجيّ عن إسرائيل.
أضاف: "هذه المنطقة ستتيح تنفيذ استراتيجيّتنا في إحلال المنتجات العربيّة مكان المنتجات الإسرائيليّة في الأسواق الفلسطينيّة، إضافة إلى دعم المنتجات الوطنيّة التي ستصبح لديها فرصة كبيرة في الوصول إلى الأسواق العربيّة والدوليّة".
وأكّد خالد العسيلي أنّ هذه المنطقة ستعمل على زيادة حجم التبادل التجاريّ بين البلدين، الذي بلغ في عام 2017 نحو 230 مليون دولار، منها 153 مليون دولار واردات بضائع من الأردن، و77 مليون دولار صادرات للأردن.
ويعد ملف المنطقة اللوجستية احد الملفات الهامة التي حملها وزير الصناعة والتجارة والتمويـن الأردني طارق الحموري معه خلال زيارته الى الضفة الغربية في 29 تموز/يوليو الجاري على رأس وفد رفيع المستوى من رؤساء الغرف الصناعية والتجارية الأردنية وأعضاء من مجلسي الأعيان والنواب الأردنيين، حيث افتتح في يوم زيارته (29 تموز/يوليو) معرض للصناعات الأردنية الخامس في مدينة جنين شمال الضفة، كما التقى في 30 تموز/يوليو وزير الاقتصاد الفلسطيني خالد العسيلي، ورئيس الوزراء محمد اشتية، لبحث عدة قضايا وملفات من بينها المنطقة اللوجستية.
وتعوّل السلطة الفلسطينيّة على الأردن لكي يكون بوّابة انفكاكها الاقتصاديّ عن إسرائيل، من خلال تعزيز التعاون الاقتصاديّ والتجاريّ معه ومع الدول العربيّة، إذ قال محمّد اشتيّة في 8 تمّوز/يوليو: إنّ زيارة الوفد الوزاريّ الفلسطينيّ للأردن تؤسّس لمرحلة جديدة من التعاون بين البلدين، وهي تنصب في استراتيجيّتنا الرامية إلى الانفكاك عن التبعيّة لإسرائيل.
وأظهر مسح لـ"الجهاز المركزيّ للإحصاء الفلسطينيّ" نشرت نتائجه في 21 تمّوز/يوليو من عام 2019 ارتفاع الصادرات الفلسطينيّة إلى إسرائيل خلال أيّار/مايو من عام 2019 بنسبة 4 في المئة، مقارنة مع نيسان/إبريل من العام نفسه، لتبلغ 91 في المئة من إجماليّ قيمة الصادرات لشهر أيّار/مايو من عام 2019، بينما انخفضت الصادرات إلى بقيّة دول العالم بنسبة 33 في المئة مقارنة مع الشهر السابق، حيث بلغت قيمتها 8.1 مليون دولار أميركيّ. أمّا الواردات من إسرائيل فانخفضت خلال أيّار/مايو من عام 2019 بنسبة 6 في المئة مقارنة مع نيسان/إبريل من عام 2019، وشكّلت الواردات من إسرائيل 57 في المئة من إجماليّ قيمة الواردات لشهر أيّار/مايو. كما انخفضت الواردات من بقيّة دول العالم بنسبة 2 في المئة.
ويعدّ الأردن المنفذ البريّ الوحيد للضفّة إلى العالم. وبالتّالي، فإنّ المنطقة اللوجستيّة ستقام فيها مخازن ضخمة يتمّ فيها تفريغ البضائع، ثمّ نقلها في حاويات مخصّصة للموانئ، من أجل تسريع عمليّة الصادرات والواردات بين البلدين أو بين فلسطين ودول العالم الأخرى.
وقال الأمين العام لمجلس الوزراء الفلسطينيّ أمجد غانم لـ"المونيتور": إنّ التوافق الذي تمّ مع الأردن على إنشاء المنطقة اللوجستيّة معه مهمّ جدّاً لنا كفلسطينيّين.
ولفت إلى أنّ التفاصيل المتعلّقة بتشغيل المنطقة سيتمّ الاتفاق عليها من خلال فريق العمل المشترك، مشيراً إلى أنّ المنطقة ستخدم في الدرجة الأولى المنطقة الصناعيّة الزراعيّة بمدينة أريحا التي تبعد 7 كيلومترات عن جسر الملك حسين، إذ ستكون المنطقة اللوجستيّة نقطة انطلاق بين المنطقة الصناعيّة وبين الأسواق العربيّة والعالميّة، حيث ستشكّلان ثنائيّاً لرفع حجم الصادرات إلى العالم العربيّ.
وأوضح أمجد غانم أنّ "الحكومة الفلسطينيّة تعوّل على هذه المنطقة في ترجمة خطّتها الاستراتيجيّة المتمثّلة بالانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيليّ وزيادة الصادرات والترويج للمنتج المحليّ في العالم، وتسهيل حركة دخول البضائع، وتشجيع رجال الأعمال على الاستثمار في فلسطين".
وبالتزامن مع التوجّه إلى إنشاء المنطقة الاستراتيجيّة التي ستخدم في الدرجة الأولى المنتجات الزراعيّة والصناعات، تمّ الاتفاق بين وزارتيّ الزراعة الفلسطينيّة ونظيرتها الأردنيّة خلال اجتماعات اللجنة الفلسطينيّة - الأردنيّة العليا المشتركة في 7 تموز/يوليو على تفعيل إنشاء شركة التسويق الزراعيّة المشتركة بين الجانبين.
وقال وزير الزراعة الفلسطينيّ رياض عطّاري لـ"المونيتور" أنّه اتفق مع نظيره الأردنيّ ابراهيم الشحاحدة على استكمال كلّ الإجراءات المطلوبة من أجل إطلاق عمل الشركة الزراعيّة المشتركة.
وبدأت المباحثات لإنشاء شركة التسويق المشتركة بين الجانبين في آب/أغسطس من عام 2017، وقّعت على أثرها وزارتا الزراعة الأردنيّة والفلسطينيّة في 25 نيسان/إبريل من عام 2018، بالأردن على مذكّرة تفاهم لتأسيس الشركة الأردنيّة - الفلسطينيّة لتسويق المنتجات البستانيّة، برأسمال 20 مليون دولار مناصفة بين الحكومتين.
وأكّد رياض عطّاري أنّ الشركة ستعمل على تسويق المنتجات الأردنيّة والفلسطينيّة في أسواق العالم، مستفيدة من اتفاقيّات الدولتين التجاريّة مع دول العالم، لافتاً إلى أنّه في الأسابيع المقبلة سيتمّ العمل على استكمال كلّ الإجراءات الضروريّة لتفعيل الشركة.
وتولي الحكومة الفلسطينيّة منذ تشكيلها، في نيسان/إبريل الماضي، أهميّة بالغة للعلاقات الاقتصاديّة مع الأردن، تنفيذا لاستراتيجيتها الهادفة الى الانفكاك عن اسرائيل، حيث تعوّل السلطة الفلسطينية على الاردن كي تكون بوّابة لتصدير واستيراد المنتجات مع الدول العربيّة، وبالتالي فأن إنشاء المنطقة اللوجستيّة على الحدود مع الاردن سيسهم في تعزيز توجه الحكومة في تنفيذ استراتيجيتها.