تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

مقاطعة الأزهر والكنيسة الولايات المتّحدة الأميركيّة: بين مساعي التدويل وغضب الرأي العامّ

دعت مشيخة الأزهر إلى مقاطعة المنتجات الأميركيّة، وأعلنت رفضها والكنيسة الأرثوذكسيّة استقبال نائب الرئيس الأميركيّ في زيارة له إلى القاهرة. ويتوقّع المراقبون أن يكون لمقاطعة المؤسّسات الدينيّة تأثير هامّ للضغط على الإدارة الأميركيّة لتعديل قرارها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بينما يتوقّع آخرون أن يمرّ القرار مرور الكرام، وأنّ تلك الحملات محاولة لامتصاص غضب الرأي العامّ.
Protestors shout slogans during an anti-Trump anti-Israel protest at al-Azhar mosque in Old Cairo, Egypt December 8, 2017. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany - RC139BFEA290

القاهرة – لم تقتصر تداعيات اعتراف الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب في 6 كانون الأوّل/ديسمبر 2017، بالقدس عاصمة لإسرائيل، على شجب العديد من الدول قراره وإدانتها له، بل امتدّت التداعيات إلى المؤسّسات الدينيّة وعلى رأسها الأزهر والكنيسة الأورثودوكسية الشرقية المصريّة. ولم تقتصر تحرّكات تلك المؤسّسات على الشجب والإدانة والتحذير، كما كانت البيانات الصادرة عن أغلب الدول، بل امتدّت لتكون مقاطعة صريحة ربّما لكلّ ما هو أميركيّ.

بدأت ردود فعل الأزهر الأولى في 6 كانون الأوّل/ديسمبر نفسه، عندما وصف شيخ الأزهر أحمد الطيّب في بيان رسميّ له، قرار ترامب بأنّه "يشكّل إجحافاً في حقّ الفلسطينيّين والعرب الثابت في مدينتهم المقدّسة وتنكّراً له، وتجاهلاً لمشاعر أكثر من مليار ونصف مليار مسلم، وملايين المسيحيّين العرب، الذين تتعلّق أفئدتهم بكنائس القدس وأديرتها".

أمّا رد الفعل الثاني فكان في 9 ديسمبر 2017، عندما دعت مشيخة الأزهر، من خلال منشور لوكيلها عبّاس شومان على حسابه على موقع التواصل الاجتماعيّ "فيسبوك"، إلى حملة لمقاطعة المنتجات الأميركيّة في القاهرة، حيث كتب شومان: "قاطعوا المنتجات الأميركيّة والصهيونيّة، فبعد هذا التحدّي لمشاعرنا واستفزازها والاستهانة بها والتباهي بهذا القرار الباطل الذي أصدره ترامب، أعتقد أنّه لا يليق بمسلم أو مسيحيّ أن يشتري منتجاً أميركيّاً أو صهيونيّاً، فكن إيجابيّاً واتّخذ قرارك من تلقاء نفسك".

وفي تصريحات هاتفيّة لـ"المونيتور"، قال شومان: "الحملة تلقى تجاوباً واسعاً بين العديد من الأوساط المصريّة وعلى رأسها نقابتا الصيادلة والأطبّاء البيطريّين، والمقاطعة هي السلاح الوحيد الذي تملكه الشعوب العربيّة والإسلاميّة ضدّ الغطرسة الأميركيّة والاعتداءات الصهيونيّة".

يذكر أنّ المتحدّث الإعلاميّ باسم نقابة الصيادلة أحمد أبو دمعة أعلن في تصريحات لعدد من الصحف في 9 كانون الأوّل/ديسمبر، أنّ لجنة الحقّ في الدواء في نقابة الصيادلة أطلقت مبادرة لمقاطعة الأدوية والمنتجات الأميركيّة كافّة، وأنّه تمّ التوصّل مع نقابة الأطبّاء إلى آليّة لدعم هذه المبادرة، بينما أعلن مجلس نقابة الأطبّاء البيطريّين، في مؤتمر صحافيّ في 11 كانو الأوّل/ديسمبر، تبنّيه آليّة لمقاطعة المنتجات البيطريّة الأميركيّة، وأنّه تمّ تشكيل لجنة لحصر تلك المنتجات وإيجاد البدائل لها.

ولم تقتصر المقاطعة على المنتجات، بل أعلنت مشيخة الأزهر، في بيان رسميّ في 8 كانون الأوّل/ديسمبر، رفضها طلباً رسميّاً من الولايات المتّحدة الأميركيّة باستقبال نائب الرئيس الأميركيّ مايك بنس أثناء زيارته المرتقبة في كانون الأوّل/ديسمبر إلى القاهرة ضمن جولته في المنطقة، وانضمّت الكنيسة الأرثوذكسيّة المصريّة إلى الأزهر في ذلك القرار، حيث أعلنت في بيان رسميّ في 9 كانون الأوّل/ديسمبر، اعتذارها عن استقبال بنس اعتراضاً على قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وقال أحد وكلاء لجنة الشؤون الدينيّة في مجلس النوّاب عمر حمروش لـ"المونيتور": "الموقف الموحّد للأزهر والكنيسة يمكن أن يكون له تأثير بالغ لأنّه أظهر تلاحم المصريّين كافّة على اختلاف انتماءاتهم الدينيّة حول حقّ الشعب الفلسطينيّ في إقامة دولة مستقلّة عاصمتها القدس، والدليل على تأثير ذلك الموقف هو أنّ نائب الرئيس الأميركيّ قرّر تأجيل موعد زيارته بعدما كانت مقرّرة في 19 كانون الأوّل/ديسمبر، ولو استمرّت حالة الرفض الموحّدة يمكن تحقيق المزيد من المكاسب، ويمكن أن تكون المكاسب غير ظاهرة كأن تعطّل الولايات المتّحدة الأميركيّة مشروع نقل سفارتها إلى القدس، من دون أن تعلن ذلك على الملأ".

فيما قالت أستاذة العلوم السياسيّة في جامعة القاهرة نورهان الشيخ لـ"المونيتور": "تستطيع دعوات الأزهر والكنيسة إلى مقاطعة المنتجات الأميركيّة وصنّاع القرار الأميركيّين، تحقيق تأثير واضح إذا خرجت من إطار التأثير على المجتمع المصريّ فقط وانتقلت إلى التأثير على مستوى عالميّ، فعلى سبيل المثال حجم التبادل التجاريّ بين مصر والولايات المتّحدة الأميركيّة ضعيف، ولن تكون مقاطعة مصر المنتجات الأميركيّة موجعة، بعكس دول جنوب شرق آسيا التي تتمتّع بتبادل تجاريّ ضخم مع الولايات المتّحدة الأميركيّة والتي سيكون لمجرّد تهديدها بالمقاطعة تأثير قويّ، ويستطيع الأزهر توجيه حملة المقاطعة إلى تلك الدول لأنّ تعداد المسلمين في العديد منها كبير مثل ماليزيا".

واتّفق معها في الرأي الباحث السياسيّ في مركز الأهرام للدراسات السياسيّة والاستراتيجيّة يسري العزباوي، عندما قال لـ"المونيتور": "تدويل حملات الأزهر والكنيسة ضدّ القرار الأميركيّ يمكن أن يكون له تأثير سياسيّ، من خلال تأثير تلك المؤسّسات على الرأي العامّ الإسلاميّ والمسيحيّ داخل الولايات المتّحدة الأميركيّة، ممّا يستطيع دفع الناخب الأميريكيّ إلى منح أغلبيّة الأصوات في انتخابات التجديد النصفيّ للكونغرس، إلى الحزب الديمقراطيّ القادر على كبح جماح قرارات ترامب نوعا ماً".

بينما اختلف معهما في الرأي نسبيّاً أحد وكلاء لجنة الشؤون الدينيّة شكري الجندي، حيث قال لـ"المونيتور": "بالطبع، موقف الأزهر والكنيسة مشرّف، ولكنّه لن يمارس الضغط المطلوب على الإدارة الأميركيّة، والضغط المطلوب لن يتحقّق إلّا إذا انتقل مفهوم التوحّد بين الأزهر والكنيسة إلى الدول والحكومات العربيّة والإسلاميّة التي يجب أن تنبذ أيّ خلافات حاليّاً، وتضع نصب أعينها قضيّة القدس بالاتّفاق على استراتيجية موحّدة للضغط على الإدارة الأميركيّة. وتشكّل الدول العربيّة والإسلاميّة مجتمعة مركز ثقل سياسيّ واستراتيجيّ واقتصاديّ بالنسبة إلى الولايات المتّحدة الأميركيّة، لذلك سيكون للاتّفاق على استراتيجيّة موحّدة أثر بالغ على السياسة الأميركيّة".

ومن جتهه، قلّل الخبير الاقتصاديّ علاء رزق، من أهمّيّة قرارات المقاطعة التي دعا إليها الأزهر والكنيسة على المستويين السياسيّ والاقتصاديّ، حيث قال لـ"المونيتور" إنّ المنطقة العربيّة والدول الإسلاميّة لن تجد البديل عن العديد من السلع الأميركيّة وإنّ منطقة الخليج تستفيد من التسليح الأميركيّ، بينما تستفيد مصر من المعونة الأميركيّة.

وأضاف: "ولا أظنّ أنّ حملات المقاطعة نفسها ستجد تأييداً من العديد من المسلمين، على الرغم من انطلاقها من الأزهر، حيث أنّ العديد من المسلمين يقيمون في الولايات المتّحدة الأميركيّة ويعملون لصالح مؤسّسات أميركيّة، كما أنّ العديد من المسيحيّين يحصلون على تأشيرات الحجّ إلى بيت المقدس من إسرائيل نفسها".

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Palestine Briefing Palestine Briefing

Palestine Briefing

Top Palestine stories in your inbox each week

Trend Reports

Saudi Crown Prince Mohammed bin Salman (4th R) attends a meeting with Chinese President Xi Jinping (3rd L) at the Great Hall of the People in Beijing on February 22, 2019. (Photo by HOW HWEE YOUNG / POOL / AFP) (Photo credit should read HOW HWEE YOUNG/AFP via Getty Images)
Premium

From roads to routers: The future of China-Middle East connectivity

A general view shows the solar plant in Uyayna, north of Riyadh, on March 29, 2018. - On March 27, Saudi announced a deal with Japan's SoftBank to build the world's biggest solar plant. (Photo by FAYEZ NURELDINE / AFP) (Photo credit should read FAYEZ NURELDINE/AFP via Getty Images)
Premium

Regulations on Middle East renewable energy industry starting to take shape

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial