القاهرة – ما زالت المعركة بين الجيش المصريّ والجماعات التكفيريّة مستمرّة في شمال سيناء، حيث أن المواجهات زادت حدتها بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي يوم 3 يوليو 2013 ، حيث شهدت محافظة شمال سيناء معركة شرسة بين التكفيريين والجيش المصري في رفح يوم 19 أغسطس 2013، أسفرت عن استشهاد 25 جندياً مصرياً، وإصابة اثنين آخرين، وتوالت المواجهات وارتفعت حدة المعارك بين الطرفين والتي استمرت حتى الآن .
لكنّ القبائل السيناويّة أعلنت هذا العام حمل السلاح والتعاون مع الجيش ضدّ الجماعات التكفيريّة، ومازالت المواجهات مستمرة بين الجماعات التكفيرية من ناحية والجيش والقبائل السيناوية من ناحية أخرى وقد حاور "المونيتور" عبر الهاتف الشيخ عيسى الخرافين، شيخ قبيلة الرميلات، وشيخ مشايخ شمال المتواجد في الإسماعيلية للحديث عن التغييرات التي طرأت على المعركة بين الجيش والتكفيريّين بعد دخول القبائل إلى ساحة المعركة يوم 29 أبريل 2017، وعن الخسائر والمكاسب التي عادت على القبائل بعد إعلانها حمل السلاح، وعمّا إذا تأتي دعوات تهجير أبناء سيناء من موطنهم والتي يطلقها عدد من الشخصيات العامة والبرلمانيين لصالح الجيش... إليكم نصّ الحوار:
المونيتور: تستمرّ المعارك بين الجيش المصريّ والمجموعات المتطرّفة في سيناء منذ أكثر من خمسة أعوام، وقد أدّى الهجوم الأخير إلى وفاة 4 رجال شرطة في 9 آب/أغسطس. كيف يمكنك تقييم المجابهة الراهنة؟ وإلى أين تتّجه الأمور؟
الخرافين: المعركة بين الجيش والجماعات التكفيريّة استمرّت وقتاً طويلاً، لكنّ هناك تحسّناً أمنيّاً ملحوظاً، والمعركة ستنتهي لصالح الجيش، خصوصاً مع دخول القبائل إلى ساحات المواجهة المسلّحة ضدّ الجماعات، بالتعاون مع الجيش المصريّ. والتحسّن الأمنيّ يظهر في صعوبة تحرّكات أفراد الجماعات التكفيريّة في سيناء، بعدما كانت تحرّكاتهم في شكل علنيّ أمام أهالي سيناء، وذلك بسبب حدّة المعركة وقلّة عدد تلك الجماعات لعدم انضمام أجيال جديدة في تلك الجماعات من أبناء سيناء، على عكس ما كان يحدث في الماضي، حيث كان شباب سيناء ينضمّون إلى تلك الجماعات تحت شعار الدين، لكن، بعدما ظهرت تلك الجماعات بوجهها الحقيقيّ وارتكبت جرائم وحشيّة ضدّ القبائل وقتل المدنيّين، أصبح شباب جميع القبائل يرفضون أفعال هذه الجماعات، بل ويحاربونها بالتعاون مع الجيش.
المونيتور: أعلنت قبائل سيناء في 29 نيسان/أبريل 2017 أنّها ستتسلّح لمحاربة الدولة الإسلاميّة. ما تأثير ذلك على الوضع في سيناء؟
الخرافين: إعلان القبائل حمل السلاح ضدّ التكفيريّين يساعد الجيش في حسم المعركة مبكراً وذلك لخبرة أبناء القبائل بجغرافيّة سيناء المعقّدة وأماكن اختباء التكفيريّين، وأيضاً لأنّنا لا نحتاج إلى تدريب على حمل السلاح. وبمجرّد انتهاء المعركة بين الجيش والتكفيريّين، ستسلّم القبائل سلاحها إلى الدولة.
المونيتور: ما الخسائر التي تكبّدتها قبائل سيناء في معركتها ضدّ "داعش"؟ وما هي المكاسب التي حصدتها؟
الخرافين: أيّ معركة لها خسائر ومكاسب، فالقبائل خسرت كثيراً من أبنائها في تلك المعركة، لكن مقابل تلك الخسائر، هناك مكاسب حصدتها القبائل في قتل عدد من التكفيريّين الذين ارتكبوا جرائم ضدّ أبناء القبائل أنفسهم، والمكسب الأهمّ أنّ القبائل تساعد الجيش في إنهاء المعركة ضدّ الجماعات الجهاديّة.
المونيتور: ما هي الضمانات التي يقدّمها الجيش إلى القبائل للتأكيد على تعاونها والحفاظ على حياة أبنائها من تهديدات الجماعات الجهاديّة؟
الخرافين: القبائل لم تطلب من الجيش أيّ إجراء لطمأنتها، لأنّ المواجهة التي اختارتها القبائل تأتي في مصلحتها لرغبتنا في أن تنتهي المعركة مع التكفيريّين سريعاً، لكنّ الجيش ينصح شيوخ القبائل الذين يتعرّضون إلى التهديد مثلما يحدث معي بعد محاولة اغتيالي عام 2013، فدائماً يتابع تحرّكاتي ويحذّرني في حالة الخطر. ومن يتعاون مع الجيش من القبائل تحرص الدولة على حمايته خوفاً على حياته.
المونيتور: لماذا تحوّلت سيناء إلى أرض خصبة تحتضن تلك الجماعات التكفيريّة؟
الخرافين: غياب التعليم وانتشار الجهل هما السبب في انتشار تلك الجماعات التكفيريّة، فكان أفراد تلك الجماعات وافدين على سيناء، وانتشرت واستخدمت شعارات دينيّة لإقناع أبناء سيناء بالانضمام إليهم، ونجحت محاولاتهم لاستغلالهم انتشار الأمّيّة في سيناء. لكنّ المعادلة تغيّرت، واستخدموا العنف ضدّ الجيش والشرطة لتحقيق أهدافهم في السيطرة على سيناء، واستغلّوا عهد الرئيس الأسبق محمّد مرسي، وانتشروا أكثر في سيناء ونظّموا صفوفهم ووجّهوا ضرباتهم ضدّ الجيش بعنف بعد عزل الرئيس الأسبق مرسي، لأنّ الجيش تصدّى لهم لمنع تحقيق هدفهم بإعلان سيناء إمارة إسلاميّة.
المونيتور: ما رأيك بالدعوات التي أطلقها البعض مثل عضو لجنة الدفاع والأمن القوميّ في البرلمان النائب حمدي بخيت إلى تهجير أهالي سيناء لمدّة عام، كي تستطيع القوّات المسلّحة تسوية النزاع مع الجهاديّين؟
الخرافين: في البداية، لم يطلب الجيش من أيّ مواطن سيناوي الرحيل من موطنه، وتهجير أهالي سيناء ليس في مصلحة الجيش، لأنّهم عيون القوّات المسلّحة لخبرتهم في معرفة الأماكن كافّة التي يستخدمها التكفيريّون في الاختباء. وإذا تمّ تهجير أهالي سيناء، سيستغلّ التكفيريّون ذلك الفراغ السكّانيّ، وينتشرون في أماكن يصعب على القوّات المسلّحة الوصول إليها.
المونيتور: هل ترى أنّ قرار حظر التجوال الذي تفرضه القوّات المسلّحة منذ 14 أغسطس 2013 حتى الآن في شمال سيناء يعيق حركة التنمية؟
الخرافين: قرار حظر التجوال ليس له قيمة، لأنّ المواطن السيناويّ لا يتجوّل ليلاً، لأنّه بين نارين. فلو سار ليلاً، سيعتقد الجيش أنّه تكفيريّ وسيطلق الرصاص عليه، وإذا فلت من الجيش سيتعرّض إلى خطر من قبل التكفيريّين، والحقيقة أنّ الإرهاب هو العائق الأوّل أمام التنمية في سيناء.
المونيتور: كنت نائباً سابقاً عن شمال سيناء لمدّة 4 دورات برلمانيّة متتالية منذ 1990 حتى 2010. فمن خلال خبرتك البرلمانيّة، كيف تقيّم أداء النوّاب الذين يمثّلون شمال سيناء في البرلمان؟
الخرافين: الحقيقة أنّ نوّاب سيناء في مأزق لأنّهم عاجزون عن فعل أيّ خدمات لأهالي سيناء، بسبب الاضطرابات والمواجهات المسلّحة بين التكفيريّين والجيش، فمن الصعب تأدية واجبهم مثلما كنت أفعل في الماضي لأنّ الأوضاع في سيناء مضطربة والأزمات التي يعاني منها أبناء سيناء زادت بسبب المعركة التي يشنّها الجيش والقبائل ضدّ التكفيريّين.
المونيتور: ما هي مشاريع التطوير التي تحتاجها سيناء؟
الخرافين: أسرع مشروع يعود بالنفع على أهالي سيناء هو استكمال مشروع ترعة السلام لسدّ حاجات أبنائها، وتسليم كلّ سيناويّ 5 أفدنة من الأراضي الزراعيّة حتّى يشعر المواطن بالاستقرار.
المونيتور: بعيداً عن النزاع المسلّح بين الدولة والمجموعات الجهاديّة، هل هناك دور للدولة في محاربة التطرّف في سيناء ثقافيّاً واجتماعيّاً؟
الخرافين: لو كان التعليم منتشراً بين أبناء سيناء، لما تمكّنت الجماعات المتطرّفة من الانتشار في سيناء. فعلى الدولة إنشاء المزيد من المدارس والجامعات لنشر التعليم، فهذا أكبر سلاح لمواجهة الإرهاب، وهناك قوافل دينيّة يرسلها الأزهر ووزارة الأوقاف لمواجهة التطرّف، لكنّنا نحتاج إلى مزيد من هذه القوافل لنشر التوعية الدينيّة بين أبناء سيناء.