تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

هل تكفي أوراق رئيس الجمهوريّة الدستوريّة لوقف التمديد الثالث؟

بعد حصول تمديدين متتاليين لمجلس النواب في لبنان جراء أزمات سياسية بين القوى السياسية فيه، يعود شبح هذه الأزمة مرة ثالثة وسط النزاع القائم على خلفية الاتفاق على قانون انتخابي جديد. وبناء عليه، يصر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على لاءات ثلاث، لا للتمديد الثالث، لا للفراغ ولا لقانون الستين الانتخابي. في المقابل يصر رئيس مجلس النواب نبيه بري على عقد جلسة نيابية قبل انتهاء المهل القانونية لذلك، لاقرار التمديد في حال عدم التوصل الى قانون انتخابي. فما هي الأوراق التي لا يزال يملكها رئيس الجمهورية لوقف ذلك؟
Lebanon's President Michel Aoun is pictured at the Presidential Palace in Baabda, Lebanon April 12, 2017. Dalati Nohra/Handout via Reuters ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY. FOR EDITORIAL USE ONLY - RTX35A36

في 12 نيسان/إبريل من عام 2017، استخدم رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون المادّة 59 من الدستور اللبنانيّ، التي تعطيه صلاحيّة تأجيل انعقاد مجلس النوّاب مدّة شهر واحد خلال العقد التشريعيّ الواحد. وبذلك، أوقف ميشال عون جلسة تشريعيّة كان دعا إليها رئيس مجلس النوّاب نبيه بري، وعلى جدول أعمالها التمديد لمجلس النوّاب، بعدما تعذّر الإتّفاق على قانون إنتخابيّ جديد، وبعدما دخل لبنان في المهل القاتلة، التي لم تعد تتيح له إجراء الإنتخابات النيابيّة في موعدها المفترض حزيران/يونيو المقبل.

ذكّر عون في كلمة متلفزة توجّه من خلالها إلى كلّ اللبنانيّين بتحذيره مراراً من تداعيات التمديد المناقض للمبادئ الدستوريّة، قائلاً: لن يحصل تمديد في عهد إنهاض الدولة وسلطاتها ومؤسّساتها على أسس دستوريّة وميثاقيّة سليمة.

وبعد دقائق من إعلان عون قراره هذا، أصدر نبيه بري بياناً حدّد فيه جلسة تشريعيّة في 15 أيّار/مايو من عام 2017، أيّ بعد انقضاء مدّة تأجيل انعقاد المجلس بموجب القرار الرئاسيّ مباشرة، معتبراً خطوة عون، التي تستعمل للمرّة الأولى في تاريخ لبنان منذ الاستقلال، أنّها في سبيل تأمين مزيد من الوقت للتوصّل إلى تفاهم على قانون انتخابيّ جديد.

وعليه، تواصل القوى السياسيّة اللبنانيّة السعي إلى الإتّفاق على قانون إنتخابيّ قبل 15 أيّار/مايو موعد الجلسة التشريعيّة المقبلة، وعلى جدول أعمالها التمديد لمجلس النوّاب.

عون، وفي مقاربته لملف الإنتخابات النيابيّة، أعلن 3 لاءات: لا للتمديد لمجلس النوّاب، لا للعودة إلى قانون الستين القائم على اساس نظام اكثري مع الصوت المتعدد ودوائر انتخابية تعتمد القضاء مع استثناءات محدودة، لا للفراغ في مجلس النوّاب.

عشية الجلسة التي كانت مقررة للتمديد في الثالث عشر من نيسان، عاد شبح الحرب الاهلية اللبنانية مع انقسام القوى السياسية وتهديد القوى المسيحية تحديدا بالنزول الى الشارع اعتراضا على الجلسة وصولا الى حد محاولتهم لمنع النواب من الوصول الى البرلمان.

في المقابل، تعتبر أوساط رئيس مجلس النواب نبيه بري، ان اي فراغ سيحصل في مؤسسة مجلس النواب سيستهدف الطائفة الشيعية على اعتبار المحاصصة الطائفية في لبنان. الامر الذي أدى الى شرخ طائفي في البلاد نجح رئيس الجمهورية بامتصاصه عند استخدامه للمادة 59 من الدستور.

عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب سيمون ابي رميا، قال للمونيتور "ان التيار الوطني الحر لم يتخلى عن اي لاء من اللاءات الثلاثة. هنا يتحدث ابي رميا تحديدا عن رفضه تياره للقانون الانتخابي النافذ حاليا، مصرّا على سعي القوى السياسية للاتفاق على قانون جديد، وأن تكتله السياسي عمل وسيعمل على منع التمديد بكل الوسائل المتاحة."

ومن هذا المنطلق، قال الخبير الدستوريّ وأستاذ القانون في كليّة الحقوق بالجامعة اللبنانيّة الدكتور عادل يمين لـ"المونيتور": "إنّ استخدام الرئيس ميشال عون المادّة 59 من الدستور جاء في محلّه الدستوريّ وممارسة لصلاحيّاتِه ودوره كرئيس للدولة ورمز لوحدة الوطن والمؤتمن تحت القسم بحكم المادّتين 49 و50 من الدستور على احترام الدستور، فحالت مبادرته دون إقرار التمديد في جلسة البرلمان في 13 نيسان/إبريل، ونزعت فتيل التوتّر السياسيّ والشعبيّ وسط الانقسام الذي اتّخذ طابعاً طائفيّاً عشيّة الجلسة التي صودفت أن تكون أيضاً في ذكرى اندلاع الحرب اللبنانيّة".

ولكن، ماذا لو أخفق البرلمان في إقرار قانون انتخابيّ جديد، رغم قرار عون، الذي أفسح في المجال للقوى السياسيّة شهراً كاملاً للإتّفاق؟ وماذا لو اتّجه إلى إقرار اقتراح القانون المعجّل المكرّر المقدّم من النائب نقولا فتوش والقاضي بتمديد ولاية مجلس النوّاب سنة إضافيّة خلال الجلسة المقرّرة في 15 أيّار/مايو من عام 2017؟ وهل لا تزال في يدّ رئيس الجمهوريّة أوراق دستوريّة لمنع وقوع التمديد في ظلّ عدم جواز لجوئه إلى المادّة 59 مرّتين في العقد التشريعيّ الواحد، والذي ينتهي في نهاية أيّار/مايو من عام 2017؟

وردّاً على هذا السؤال، أوضح عادل يمين أنّ في استطاعة عون "عملاً بالفقرة العاشرة من المادّة 53 من الدستور، أن يوجّه رسالة إلى مجلس النوّاب يحضّه فيها على رفض التمديد وعلى المبادرة إلى إقرار قانون انتخابيّ جديد يراعي مقتضيات الدستور والميثاق. وعندها، يتوجّب على البرلمان الانعقاد خلال 3 أيّام بدعوة من رئيسه والاستماع إلى رسالة الرئيس، ثمّ يرفع رئيس المجلس الجلسة لمدّة 24 ساعة، وتستأنف بعدها لمناقشة مضمون الرسالة واتّخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب، عملاً بأحكام المادّة 145 من النظام الداخليّ لمجلس النوّاب".

أمّا إذا لم يستجب البرلمان لمضمون رسالة عون، فلفت يمين، إلى أنّ جلسة 15 أيّار/مايو المقرّرة من أجل النظر باقتراح قانون التمديد، مرهونة بتوافر النصاب القانونيّ المحدّد في المادّة 34 من الدستور، وهو حضور الأكثريّة من الأعضاء الذين يؤلّفون البرلمان قانوناً، أيّ حضور 65 من أصل 128، وبتأييد الاغلبية العادية من الحاضرين.

وشرح يمين لـ"المونيتور" المسار الدستوريّ المفترض إذا تمّ تأمين النصاب القانونيّ وأقدم البرلمان على إقرار قانون التمديد قائلاً: "من حقّ رئيس الجمهوريّة عملاً بالمادّة 57 من الدستور طلب إعادة النظر في القانون مرّة واحدة ضمن المهلة المحدّدة لإصداره، وهي 5 أيّام كون الاقتراح معجّلاً مكرّراً. وعندما يستعمل الرئيس حقّه هذا، يصبح في حلّ من إصدار القانون نهائيا الا اذا عاد وأصر عليه المجلس بعد مناقشته مرّة أخرى وإقراره بالغالبيّة المطلقة من مجموع الأعضاء الذين يؤلّفون المجلس قانوناً، أيّ بتصويت 65 من أصل 128، خلافاً للمصادقة الأولى على القانون التي تحتاج إلى نصاب حضور 65 مع تأييد غالبيّة النوّاب الحاضرين، عملاً بالمادّة 34 من الدستور."

أمّا إذا افترضنا أنّ البرلمان أصرّ على قانون التمديد، الذي ردّه إليه الرئيس وأقرّه مجدّداً، فأوضح يمين أنَّه يكون"من حقّ عون التقدّم بمراجعة طعن به أمام المجلس الدستوريّ، عملاً بالمادّة 19 من الدستور، وذلك خلال مهلة 15 يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسميّة، عملاً بالمادّة 31 من قانون النظام الداخليّ للمجلس الدستوريّ. عندها، يكون للمجلس الدستوريّ الحقّ بوقف العمل به فور وضع يده على المراجعة وإعلان بطلانه في قراره النهائيّ، الأمر الذي يجعله كأنّه لم يكن، لأنّ قراره مبرم وملزم لكلّ السلطات".

وفي حال عدم التّوافق على قانون إنتخابيّ جديد وانتهاء ولاية مجلس النوّاب، يبقى من حقّ عون بموجب مرسوم رئاسيّ عاديّ يشترك بالتوقيع عليه مع رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الداخليّة والبلديّات نهاد المشنوق أن يدعو الهيئات الناخبة إلى الإنتخابات على أساس القانون النافذ حاليّاً رقم 25/2008 أو ما يسمّى بقانون الستين المعدّل، بشرط الحرص على أن يكون ثمّة فاصل زمنيّ بين موعد نشر المرسوم وموعد الإنتخابات، مدّته 90 يوماً على الأقلّ، مراعاة لموجبات المادّة 44 من القانون رقم 25/2008.

أمّا وقد وصلت أزمة الإنتخابات النيابيّة في لبنان إلى حدّ التلويح باستخدام الشارع، سيما من القوى السياسية المسيحية التي تعارض التمديد لمجلس النواب، قال يمين لـ"المونيتور": يبقى لرئيس الجمهوريّة، ومن دون الحاجة إلى صلاحيّة خاصّة، أن يتوجّه إلى الشعب بخطاب مباشر يدعوه فيه إلى التعبير عن رأيه بالوسائل الديموقراطيّة لمواجهة محاولات انتهاك الدستور ووضع اليدّ على السلطة في تمديد إن حصل سيكون الثالث على التوالي.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in