تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

هل تخفي الحكومة المصريّة بيانات فيضان النيل الجديد عن المصريّين؟

على الرغم من انكسار موجة الجفاف التي تضرب منطقة حوض النيل، ما زالت الحكومة المصريّة ترغب في استثمارها لدعم إجراءات التقشّف المائيّ.
An aerial view of farmland on the Nile River Delta, Egypt, is pictured through a plane window February 15, 2016. Egypt said on Sunday it would pay its local farmers a fixed price of 420 Egyptian pounds ($53.64) per ardeb (150 kg) of wheat in the new local procurement season starting in April, backtracking on reforms to its wheat farmer subsidy system. REUTERS/Amr Abdallah Dalsh - RTX272R4

القاهرة – دخلت وزارة الموارد المائيّة والريّ في جدل مع وسائل الإعلام بسبب تقديرات حجم فيضان النيل لهذا العام، حيث كانت الوزارة قد أعلنت حالة الطوارئ لوجود موجة جفاف لم تضرب منطقة حوض النيل منذ 100 عام وتأثّرت بها مصر. واعتمدت القاهرة على هذه الأزمة لإنجاح حملتها الجديدة لترشيد المياه، مطالبة المواطنين والمزارعين بالتقشّف إلى أقصى درجة، إلّا أنّ تقارير  تداولتها وسائل الإعلام في شأن ارتفاع معدّل فيضان العام الجديد وسقوط أمطار غزيرة على الهضبة الإثيوبيّة، والتي أعدّتها وزارة الكهرباء السودانيّة وبعثة الريّ المصريّة في السودان، كانت محلّ أزمة.

وتنصّلت وزارة الموارد المائيّة والريّ من أيّ بيانات تفيد بوجود فيضان مائيّ أعلى من المتوسّط للعام المائيّ الجديد، والذي يبدأ مع بداية شهر آب/أغسطس، وناشدت الإعلام بعدم تداول أيّ تقارير لم تصدر عن الوزارة في ما يتعلّق بالفيضان.

ووفقاً لما أكّده مصدر في وزارة الموارد المائيّة والريّ لـ"المونيتور"، إنّ الوزارة باتت تمتنع عن الكشف للرأي العام في مصر عن بيانات مخزون المياه في بحيرة ناصر، والوارد السنويّ من حجم الفيضانات للسدّ العالي، بسبب الاتّجاه إلى اتّخاذ إجراءات أكثر تقشّفية في استخدامات المياه من خلال قانون جديد للريّ والصرف ستقدّمه إلى البرلمان يضاعف غرامات زراعة المحاصيل الشرهة للمياه، وإنشاء المزارع السمكيّة في النيل، ويضع عقوبات أخرى تحت مسمّى تبديد المياه، إضافة إلى استكمال مخطّط اعتماد كلّ المدن الساحليّة في مصر على مياه البحر في توفير مياه الشرب من خلال التحلية، وقطع مياه النيل عن سكّانها.

وتحدّث وزير الموارد المائيّة والريّ الأسبق الدكتور محمّد نصر الدين علام لـ"المونيتور"، موضحاً أنّ ترشيد المياه من الضروريّ ألّا يكون له علاقة بالفيضان ومعدّلاته السنويّة، ونظراً إلى أنّ الحصّة المائيّة من النيل لا تكفي المصريّين في الأساس، ولن تحلّ أزمة نقص المياه في مصر عشرات الفيضانات العالية، لأنّ مصر في النهاية لا تأخذ إلّا حصّة محدّدة.

وأضاف: "على الحكومة المصريّة مصارحة الشعب بالوضع المائيّ الحرج لمصر"، مشيراً إلى أنّ تصدير أزمة الجفاف المائيّ قد تأتي بنجاح موقّت لحملة التقشّف المائيّ الحكوميّة، ولكنّ المصداقيّة مطلب أهمّ لاقتناع المواطن بضرورة الترشيد.

وحذّر علام من ثورة المزارعين، نظراً إلى عدم إيجاد الحكومة بدائل لزراعة الأرزّ بعد منعها لها لشراهته للمياه، لافتاً إلى أنّ المحاصيل المتاحة زراعتها كالذرة لا تدرّ أيّ ربح.

وأكّد المتحدّث الرسميّ باسم وزارة الموارد المائيّة والريّ الدكتور وليد حقيقي أنّ نشر معلومات وأرقام في شأن الفيضان المائيّ ومعدّلات المياه الواردة يوماً بيوم إلى مصر، أمر فنّيّ لا يمثّل فارقاً لدى المواطن المصريّ. واستطرد: "نحن رسالتنا للمواطن تركّز على التحوّل من ثقافته عن وفرة المياه إلى أنّنا في عصر ندرة المياه التي تحتمّ عليه الترشيد والتقشّف، لأنّ الوارد من مياه النيل أقلّ من حاجاتنا إلى التنمية والشرب".

واعتبر رئيس قسم الريّ وهيدروليكا المياه الدكتور هيثم عوض في حديثه إلى "المونيتور" أنّ ما تقوم به وزارة الموارد المائيّة يخرج عن إطار دورها الفنيّ، إلى دور سياسيّ من خلال تصدير أزمة موجة الجفاف، وإخفاء أيّ بيانات عن معدّلات الفيضان ضماناً لإنجاح حملتها لزيادة وعي المواطن بأهميّة نقطة المياه.

وأشار عوض إلى أنّ النهج السياسيّ للوزارة ربّما الغرض منه أيضاً تهيأة الرأي العام لموجات حقيقيّة من نقص المياه مع بداية ملء سدّ النهضة وتشغيله.

وشهدت الأيّام القليلة الماضية عودة تناول وسائل الإعلام المصريّة إشكاليّة بدء تخزين إثيوبيا للمياه خلف سدّ النهضة مع بداية فيضان النيل على الهضبة الإثيوبيّة وانكسار موجة الجفاف، وهو ما اضطرّت معه الحكومة إلى إصدار بيان توضح فيه أنّه لا يوجد تخزين خلف سدّ النهضة وإنّما مياه الفيضان الإثيوبيّ أدّت إلى ازدياد العرض المائيّ لمجرى النيل الأزرق، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال صور الأقمار الصناعيّة على أنّه تخزين أمام السدّ على عكس الواقع.

ومن جانبه، عقّب وزير الموارد المائيّة والريّ الدكتور محمّد عبد العاطي في حديث خاصّ إلى "المونيتور"، قائلاً: "لا نخفي معلومات عن الرأي العام في مصر، ولكن لدينا تحفّظات على ما يتمّ تداوله إعلاميّاً عن فيضان النيل الجديد. الوقت ما زال مبكراً للحكم على الفيضان". وأضاف: "حتّى لو أنّ الفيضان المائيّ الجديد  أعلى من المتوسّط، فالأولى التركيز على أنّنا فقدنا من منسوب المياه أمام السدّ العالي 6 أمتار خلال العام المنصرم بسبب موجة الجفاف، والفيضان الجديد أملنا في إنقاذ الوضع".

واستطرد الوزير عبد العاطي: "نحتاج إلى أن نعوّد المواطن المصريّ على أنّه لدينا أزمة حقيقيّة مرتبطة بشحّ المياه وعدم وفرتها، تستلزم مضاعفة الإجراءات التقشّفيّة". وأكّد: "انكسار موجة الجفاف التي شهدتها منطقة حوض النيل وتأثّرت بها مصر، لن يوقف للأسف سياسة التقشّف المائيّ التي وضعناها، لأنّ حصّتنا تبقى محدودة من مياه النيل ولا تكفي استخداماتنا".

وأشار الوزير عبد العاطي إلى أنّ خطّة التقشّف المائيّ في مصر ترتكز على محاور عدّة، أهمّها حملة التوعية بمحدوديّة المياه وترشيدها، وهناك تنويهات ضخمة سيبدأ التلفزيون المصريّ في بثّها عن ترشيد المياه والحصّة المائيّة، وذلك إضافة إلى  تحصيل غرامات من كلّ من يستخدم مياه أكثر من حقّه، والمحور الثالث من الخطّة الحكوميّة هو تقليل التلوّث لمصادر المياه لضمان كفاءة استخدامها، بينما المحور الرابع هو استنباط محاصيل أقلّ استخداماً للمياه، ومع استخدام تكنولوجيّات ذات كفاءة أعلى لإعادة استخدام مياه الصرف الزراعيّ والصحيّ أكثر من مرّة.

بات تركيز الإعلام على تحسّن معدّلات فيضان النيل في مصر أمراً يسبّب حرجاً للحكومة المصريّة، التي تعاقب الفلّاح المصريّ إذا قام بزراعة محاصيل تدرّ ربحاً عليه طالما كانت شرهة للمياه، وتتّجه إلى إجراءات أكثر تقشّفية استعداداً لتشغيل أديس ابابا سدّ النهضة، والذي له تأثيرات مباشرة على الحصّة المصريّة من النيل والمقدّرة بـ55,5 مليارات متر سنويّاً.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

Text Alerts - Be the first to get breaking news, exclusives, and PRO content.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial