تزامنت اتهامات الحكومة التركية لفتح الله غولن، مؤسس حركة الخدمة التركية، بالوقوف وراء محاولة الانقلاب في تركيا، ومخاطبتها السلطات الأمريكية بتسليمه علي خلفية هذه الاتهامات، بدعوات رسمية من عدد من النواب والإعلاميين المصريين بمنحه حق اللجوء السياسي في مصر، واستضافة كافة أنصاره داخل مصر.
يقول "عماد محروس"، النائب في البرلمان المصري، الذي قدم بياناً للحكومة بمنح اللجوء السياسي ل"غولن" في اتصال هاتفي مع "المونيتور"، أن الحكومة المصرية لاتمانع من منح حق اللجوء السياسي لغولن، وأنصاره بعد التواصل معها من جانب عدد من نواب البرلمان المصري، موضحاً أن رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل أكد في أكثر من لقاء له علي عدم ممانعة السلطات المصرية لهذا الأمر، والتفهم الكامل لحجم المخاطر الأمنية التي يواجهها أنصار غولن داخل تركيا بعد إغلاق كافة مؤسساتهم، وتعرضهم لحملة اعتقالات عشوائية.
وأضاف "محروس" أن عدد من النواب المصريين يسعون لفتح قناة اتصال مباشرة مع "غولن" الفترة الحالية، والتنسيق بشكل دائم مع أتباعه المتواجدين داخل مصر، ودعمهم في هذه الازمة التي يواجهونها مع أردوغان، الذي دعم الجماعات الإرهابية حول العالم، وسعي لزعزعة استقرار أمن مصر القومي بإيواء المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابية في تركيا، وتمويل عدد من القنوات الإخوانية التي تُبث من الأراضي التركية برعاية رسمية من "أرودغان" ودول في المنطقة العربية .
وتابع أن "غولن" وجوده داخل مصر مسألة لاتجد قبولاً فقط من الجانب الرسمي المتمثل في الحكومة المصرية، لكن علي المستوي الشعبي، وقطاعات كثيرة داخل المجتمع المصري الذي تجده رجل دين عصري، يرفض التطرف الديني، ويؤمن بأهمية الحوار والتسامح.
وكان "غولن" الذي طلبتا وزارتا الخارجية والعدل التركيتان رسميًا من أمريكا تسليمه، قد انتقل للعيش في الولايات المتحدة عام 1999، في منطقة جبال بوكونو في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، مع عدد من تلاميذه المتواجدين معه داخل هذه المنطقة .
أورهان كسكين، رجل أعمال تركي، مُقيم داخل مصر، والذي أسس سلسلة مدارس دولية تتبع حركة "الخدمة" داخل مصر، يستبعد في اتصال هاتفي مع "المونيتور" انتقال "غولن" من منفاه الاختياري بولاية بنسلفانيا إلي مكان أخر، موضحاً أن الشيخ لايٌفضل التحركات الكثيرة حتي داخل أمريكا، لأسباب شخصية تتعلق برغبته الدائمة في العزلة التطوعية مع عدد من تلاميذه بالمنطقة الجبلية التي يسكن فيها، وينأي من خلالها عن العمران والبشر والحركة، وكذلك لأسباب تتعلق بصعوبة حركته، للحالته الصحية، لمرضة بمرض القلب والسكر وأمراض الشيخوخة .
وأضاف "كسكين" الذي يعيش داخل مصر منذ بداية الألفينات، أن مسألة عرض مصر علي الشيخ منحه حق اللجوء السياسي دليل علي كبرياء الدولة المصرية، وأن أتباع الحركة تُقدر هذا التقدير الرسمي أو الشعبي بالشيخ وأتباعه، موضحاً أن مسألة تسليم الولايات المتحدة الامريكية للشيخ غولن لتركيا أمر صعب لعدم ثبوت أي اتهام ضده، وإدراك السلطات الأمريكية لسلمية أنشطة الحركة، المنتشرة بمئات الدول حول العالم .
وتابع "كسكين" أن دول كثيرة حول العالم ترغب في استضافة الشيخ علي خلفية التوترات الأخيرة، لإدراك الحكومات داخل هذه الدول بسليمة أتباعه المنتشرين فيها، ودعوته التي تبتعد عن التطرف الديني.
من جانبه، يقول إسحاق حنفي، رئيس تحرير مجلة "زمان التركية"، المعروف صلتها ب"غولن"، في اتصال هاتفي مع "المونيتور" نحن نتمتع باستقرار داخل مصر، ونتحرك بشكل أمن، ونجد ترحيباً من المسئوليين المصريين بتواجدنا علي الأراضي المصرية، موضحاً أن الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس محترم، ويتصرف كرئيس دولة، في سياساته الخارجية .
وأضاف "حنفي"، المتواجد حالياً في مصر، أن آلاف الأتراك ستنزح من الأراضي التركية للهروب من الانتهاكات المستمرة من جانب سلطة أردوغان القمعية حيال كُل منتم لحركة الخدمة التركية، مؤكداً أن المسئولون الأتراك الذين يتهمون أتباع الحركة بالإرهاب، ويغلقون كافة مؤسسات كولن في تركيا وتحرض عليها، هم أنفسهم الذين كانوا يمجدون من هذه المؤسسات، ويتصدرون الصفوف الأولي في افتتاح هذه المؤسسات.
وتابع حنفي أن أتباع حركة الخدمة التركية لم تجد تضييقاً في وجودها داخل مصر علي مدار الفترة الماضية من جانب السلطات المصرية، التي تأكدت من عدم وجود أي صلة بيننا وبين أردوغان، موضحاً أن مسألة انتقال أعداد كبيرة من أتباع الحركة لمصر الفترة المقبلة أمر متوقع خصوصاً في ظل الاستقرار السياسي والأمني داخل مصر.
من جانبه، اعتبر بشير عبدالفتاح، الباحث بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن مسألة طرح استضافة "غولن" داخل مصر تأتي في سياق المُكايدة السياسية بين تركيا ومصر، علي خلفية التوترات القائمة في العلاقات بين الدولتين، ووجود أعداد كبيرة من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في تركيا موضحاً أن السياسة الخارجية لمصر مع تركيا ينبغي أن تتجاوز هذه المهاترات السياسية، خصوصاً أن مُشكلة مصر مع تركيا تتمثل في وجود أردوغان فقط في السلط .
وأضاف "عبدالفتاح" في حديث مع "المونيتور" أن الاتفاقيات الأمنية التي تتعلق بتسليم المتهمين بين تركيا والولايات المُتحدة الامريكية تمنع أمريكا من تسليم "غولن"، ومسألة قدوم الولايات المتحدة علي هذه الخطوة مستبعدة في كُل الأحوال، لأنهم ينظرون لغولن علي اعتباره النسخة الأحدث من الإسلام السياسي، التي تسطيع لجم كافة التيارات المتطرفة دينياً .