مثّل السعوديّة حالاً فريدة لبلد يعوم على ثروة نفطيّة هائلة، لكنّه يفتقر في الوقت نفسه إلى الموارد المائيّة المتجدّدة الضروريّة لاستمرار بقائه مستقبلاً. تخلو أراضي المملكة من الأنهار والشلاّلات والبحيرات الطبيعيّة، وتُسيطر الصحارى على حوالى نصف مساحتها. وتعتبر معدّلات هطول الأمطار المسجّلة هناك من بين الأقلّ في العالم، طبقاً لأرقام البنك الدوليّ في عام 2014، لكنّ الطبيعة لم تكن العامل الوحيد في فقر السعوديّة بالمياه، فخلال سنوات الطفرة النفطيّة، الّتي أعقبت ارتفاع أسعار الخام الأسود في عام 1973، لجأت السعوديّة في مواجهة الطلب المتنامي على الغذاء إلى سياسة الإكتفاء الذاتيّ لزراعة المحاصيل الّتي تستخدم في إنتاج الموادّ الغذائيّة مثل القمح والحبوب والفواكه.
في الوقت نفسه، دفع ارتفاع الطلب على اللحوم والألبان إلى التوسّع في زراعة المحاصيل، الّتي تستخدم لتغذية الأبقار والماعز كالأعلاف الخضراء. ومع أنّ هذا المشروع الهائل لـ"استزراع الصحراء" نجح على مدار العقود الأربعة الماضية في تأمين الحاجات الغذائيّة الرئيسيّة للسعوديّين، ومنح السعوديّة الفرصة للتحوّل إلى مركز نشط لإنتاج الغذاء في منطقة الخليج العربيّ، إلاّ أنّه جاء على حساب مخزون المياه الجوفيّة السعوديّة. ولقد استنتج معهد "الموارد الدوليّ" في دراسته خلال عام 2013 لرصد الضغط على المياه حول العالم، أنّ السعوديّة من بلدان العالم الّتي تشهد أكبر معدّلات الضغط على الموارد المائيّة المُتجدّدة، ممّا يعني أنّ أكثر من 80 في المئة من المياه الصالحة لأغراض الزراعة والصناعة والاستهلاك اليوميّ يتمّ سحبها سنويّاً.