مصر تحارب السحابة السوداء بـ"دوريّات حرّاس القمامة"

القاهرة – أعلنت وزارة البيئة منذ شهر آب/أغسطس الماضي الطوارئ لمواجهة السحابة السوداء، الّتي تغطّي سماء مصر سنويّاً في نهاية العام، بسبب قيام الفلاّحين بحرق قشّ الأرز. وشنّت حملات لمنع ذلك، لكنّها لم تتجاهل الأسباب الأخرى للسحابة السوداء مثل حرق القمامة ليعلن وزير البيئة الدّكتور خالد فهمي في 17 أيلول/سبتمبر عن تعيين حرّاس للقمامة لرصد أيّ حوادث حرق قمامة والتّعامل معها مباشرة للمحافظة على البيئة، لكنّ التّصريح صاحبه حملة من الانتقادات الساخرة على مواقع التّواصل الإجتماعيّ، وسط شكاوى من المواطنين في مناطق عدّة مثل عشش "أبو رجيلة" في القاهرة ومنيا القمح في محافظة الشرقيّة والمرج في محافظة القاهرة وغيرها من المناطق في عدد من محافظات مصر بسبب حرق القمامة وتعرّضهم للاختناق وتلوّث البيئة، وهو ما واجهه رئيس الوزراء الجديد شريف إسماعيل في 19 أيلول/سبتمبر بأوامر وتكليفات للوزراء بضرورة إيجاد حلّ جذريّ لمشكلة تراكم القمامة لمنع حرقها.

ورغم حداثة وظيفة حارس القمامة، إلاّ أنّ وزارة البيئة تصدّت لحرقها بسبل أخرى بفرض غرامات على من يحرق قشّ الأرز والقمامة، وقضية تراكم القمامة وحرقها عرفتها مصر قبل ثورة 25 يناير لكن الظاهرة زادت بعد الثورة و بسبب تراكم القمامة وعدم اهتمام الدولة بتلك القضية يلجأ الاهالي لحرق القمامة مما يؤثر على البيئة ويساعد في تكوين السحابة السوداء .

وفي 23 آب/أغسطس أعلن وزير البيئة عن التّنسيق مع قوّات الحماية المدنيّة للسيطرة على مواقع حرق القمامة المكشوفة. وبالفعل، استهدفت تلك الحملات محافظات عدّة، منها البحيرة، وتمّت السيطرة على 29 حال حريق قمامة وتحرير 23 محضر "قشّ أرز". وكانت قد حذّرت وزارة البيئة في 9 آب/أغسطس المواطنين من أنّ حرق القمامة يسبّب في ارتفاع درجة حرارة الجو، وأعلنت في 23 من الشهر نفسه عن القضاء على 70 في المئة من السحابة السوداء.

ورغم كلّ الجهود الّتي قامت بها وزارة البيئة، إلاّ أنّ الجدل والسخريّة من تصريح وزير البيئة باستحداث وظيفة جديدة تسمّى بحارس القمامة استمرّا، واتّهمه البعض بغير المنطقيّ في تعيين حارس لكلّ صندوق قمامة، ممّا دفع بالوزير خالد فهمي إلى إجراء مداخلة في برنامج الحياة اليوم في 17 أيلول/سبتمبر، إذ قال: "إنّ من أهمّ مصادر التلوّث والسحابة السوداء في القاهرة هي حرق القمامة. لذلك، نسعى للتحكّم في تلك الحرائق من خلال دوريّات تفتيش، بمعنى أنّها دوريّات حرّاس للقمامة بشكل غير دائم، ومثلما ظنّ البعض لكنّ مهمّتها أن تراقب القمامة وتتعامل مع أيّ حرائق بها من خلال المعدّات المخصّصة لذلك".

ومن جهته، قال رئيس قطاع المخلّفات والموادّ الخطرة في وزارة البيئة الدّكتور محمّد فاروق لـ"المونتيور": إنّ الوزارة تراقب بالأقمار الصناعيّة أيّ حرائق لقشّ الأرز أو القمامة. وفي حال رصد أيّ حادث حريق، تتحرّك دوريّات التّفتيش، وهي بمثابة حرّاس القمامة، فتمنع الحريق وتتعامل معه، وهناك فروع في كلّ المحافظات تتولّى مسؤوليّة منع حرق القمامة وقشّ الأرز.

أضاف: "كلّ إدارة لديها فريق تفتيش يتميّز أعضاؤه بامتلاكهم الخبرة والتخصّص في التّعامل مع حوادث حرق القمامة، ولديهم مهارة استخدام المعدّات واللوردات الّتي تزيل القمامة وتتعامل مع حريقها".

وتابع: "إنّ دوريّات التّفتيش تستطيع التّعامل مع كافّة حرائق أنواع القمامة سوى المخلّفات البلديّة، والّتي تنتج من المنازل واستخدام المواطنين والمخلّفات الطبيّة والّتي تشكّل خطورة بالغة على البيئة".

وعن مواعيد عمل دوريّات التّفتيش، قال محمّد فاروق: "إنّها تعمل 24 ساعة طوال اليوم، وهناك تنسيق مع الجهات المعنيّة مثل شرطة البيئة وهيئة الأرصاد الجويّة للتّعامل مع حوادث حريق القمامة".

أضاف: "إنّ الوزارة تختار أفراد دوريّات التّفتيش، الّتي تتولّى مسؤوليّة حراسة البيئة من حرائق القمامة وقشّ الأرز من خلال توافر مواصفات عدّة يجب أن تنطبق عليهم مثل الخبرة في مجال البيئة وخضوعهم لتدريبات محكمة في كيفيّة التّعامل مع كافّة أنواع الحرائق المكشوفة".

ومن جهته، أكّد مدير الإدارة العامّة لشرطة البيئة والمسطّحات المائيّة اللّواء حامد العقيلي لـ"المونتيور" "أنّ قانون البيئة يفرض عقوبة على الحرق المكشوف، ويعاقب فاعل تلك الجريمة بغرامة لا تقلّ عن ألف جنيه ولا تزيد عن عشرين ألف جنيه .

وشدّد على "أنّ الإدارة تشنّ حملات في شكل مستمرّ، بالتّعاون مع وزارة البيئة، من خلال دوريّات التّفتيش الّتي تعمل ليل نهار على أيّ حوادث حرق القمامة أو قشّ الأرز للقضاء على السحابة السوداء، وهو ما حدث بالمقارنة بالعام الماضي، وآخر تلك الحملات كانت في زفتي بمحافظة الغربيّة.

وكشف "أنّ نسبة مخالفات حرق قمامة وقشّ الأرز، الّتي تتلقّاها الإدارة تتراوح بين 15 و20 حالة يوميّاً"، وقال:

"تمّ القضاء بنسبة تتعدّى الـ80 % على كلّ الأسباب الّتيّ تسبّب في السحابة السوداء، مثل حرق القمامة وقشّ الأرز بجهود دوريّات التّفتيش الّتي تتولّى حراسة وحماية البيئة من جرائم الحرق المكشوف". 

وانتقد أستاذ علوم البيئة في جامعة "بنها" الدّكتور أحمد عبد الوهاب في تصريحات خاصّة لـ"المونتيور" أداء وزارة البيئة في التّعامل مع حوادث حرق القمامة، مؤكّداً أنّها تصريحات وهميّة، وما يسمّى بوظيفة حارس القمامة أو دوريّات التّفتيش لحراسة البيئة من حرق القمامة مجرّد تصريحات إعلاميّة لا تعود بفائدة على أرض الواقع، وليست لها نتائج ملموسة، وما زالت جرائم حرق القمامة مستمرّة.

وقال: "إنّ الدولة لا تستفيد من القمامة أو المخالفات البلديّة الّتي تنتج من استهلاك المنازل مثل كثير من الدول الّتي اتّبعت أسلوب تدوير القمامة ونجحت في منع تراكم القمامة، وبالتّالي منع حرقها، لكنّ مصر متأخرة في تدوير القمامة، وكافة التّجارب بدائيّة لم تحلّ الأزمة بشكل كبير".