تتّجه عيون اللبنانيّين إلى السعوديّة هذه الأيّام، حيث يتابعون أسماء مسؤوليهم وسياسيّيهم الذين يقومون بزيارتها، لتقديم واجب التعزية بوفاة ملكها الراحل عبدالله، كما التهنئة بقيادتها الجديدة. ويرصد اللبنانيّون حركة الاجتماعات الحاصلة على هامش تلك المناسبة، ويسجّلون كلّ تفصيل في الشكل والمضمون، لأنّهم يتوقّعون أن تشكّل تلك المناسبة، فرصة ممكنة لبداية حلّ للأزمة القائمة في لبنان.
فمنذ بدء الشغور الرئاسيّ في لبنان في 25 أيّار/مايو الماضي، كان ثمّة إجماع على أنّ للأزمة الرئاسيّة أسباباً عدّة متشعّبة، بعضها داخليّ طبعاً، لكنّ بعضها الآخر خارجيّ بالتأكيد. وكان اسم السعوديّة دائماً بين الأسماء التي تتكرّر على أنّها، إمّا إحدى الجهّات غير المسهّلة لانتخاب رئيس جديد للبنان، وإمّا على أنّها جهّة خارجية قادرة على تسهيل تلك العمليّة وتسريعها، خصوصاً أنّ الرياض كانت حتّى رحيل الملك عبدالله في 23 كانون الثاني/يناير 2015، ترتبط بنوعين من العلاقات في لبنان. نوع أوّل هو أقرب إلى تحالف وثيق مع رئيس الحكومة اللبنانيّة السابق سعد الدين الحريري، زعيم الأكثريّة السنيّة، الذي يحمل أيضاً مع عائلته الجنسيّة السعوديّة، ونوع ثانٍ هو أقرب إلى التوتّر مع حزب الله، القوّة الشيعيّة الأولى في لبنان ومحيطه، توتّر كان يبلغ أحياناً حدّ الحملات العلنيّة المباشرة والمتبادلة بين الطرفين. وبين هذين النوعين، تراوحت علاقة الرياض بالقوى المسيحيّة اللبنانيّة، بين صداقة أو جفاء، بحسب مواقف هذه القوى، من الحريري أو من حزب الله، والمسافة بينها وبين كلّ منهما.